قوله تعالى : وهو الذي كف أيديهم الآية .
أخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن جرير، ، وابن المنذر وابن مردويه، في "الدلائل" عن والبيهقي قال : أنس لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة في السلاح من قبل جبل التنعيم يريدون غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليهم فأخذوا فعفا عنهم؛ فنزلت هذه الآية : وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم .
[ ص: 490 ] وأخرج عبد بن حميد، عن وابن جرير، قتادة : وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة قال : بطن مكة الحديبية ذكر لنا أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له : زنيم اطلع الثنية زمان الحديبية فرماه المشركون فقتلوه فبعث نبي الله صلى الله عليه وسلم خيلا فأتوا باثنى عشر فارسا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل لكم عهد أو ذمة؟ قالوا : لا، فأرسلهم فأنزل الله في ذلك وهو الذي كف أيديهم عنكم الآية .
وأخرج عبد الرزاق وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والنسائي، وابن جرير، ، عن وابن المنذر المسور بن مخرمة قالا : ومروان بن الحكم الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يخبره عن قريش وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان أتاه عينه الخزاعي فقال : إني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش وجمعوا لك [ ص: 491 ] جموعا وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أشيروا علي أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم، فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين وإن نجوا تكن عنقا قطعها الله أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟ فقال الله ورسوله أعلم يا رسول الله، إنما جئنا معتمرين ولم نجئ لقتال أحد ولكن من حال بيننا وبين أبو بكر : البيت قاتلناه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فروحوا إذن، فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش ، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حل حل فألحت فقالوا : خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال : والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون [ ص: 492 ] فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، ثم زجرها فوثبت به فعدل بهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء إنما يتربضه الناس تبرضا فلم يلبثه الناس أن نزحوه فشكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، قال : فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة فقال : إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لم نجئ لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاءوا أن [ ص: 493 ] يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره، فقال بديل : سأبلغهم ما تقول، فانطلق حتى أتى قريشا فقال : إنا قد جئناكم من عند هذا الرجل، وسمعناه يقول قولا فإن شئتم نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء، وقال ذو الرأي منهم : هات ما سمعته يقول، قال : سمعته يقول : كذا وكذا فحدثهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال : أي قوم ألستم بالولد قالوا : بلى، قال : ألست بالوالد قالوا : بلى، قال : فهل تتهموني قالوا : لا، قال : ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا : بلى، قال : فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته، قالوا : ائته، فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديل فقال عند ذلك : أي عروة محمد أرأيت إن استأصلت قومك هل سمعت أحدا من العرب اجتاح أهله [ ص: 494 ] قبلك؟! وإن تكن الأخرى فوالله إني لأرى وجوها وأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك، فقال له امصص بظر اللات أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال : من ذا؟ قال : أبو بكر : قال : أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، قال : وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما كلمه أخذ بلحيته أبو بكر، قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى والمغيرة بن شعبة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب عروة المغيرة يده بنعل السيف وقال : أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع رأسه فقال : من هذا؟ قالوا : عروة فقال : أي غدر ألست أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة بن شعبة، المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء . ثم إن جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه، قال : فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف واحد منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له، فرجع عروة إلى [ ص: 495 ] أصحابه فقال : أي قوم والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على عروة قيصر وكسرى والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب والنجاشي محمد محمدا والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته، فقالوا : ائته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعثت له واستقبله القوم يلبون فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه قال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل يقال له : مكرز بن حفص فقال : دعوني آته فقالوا : ائته، فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم : هذا مكرز وهو رجل فاجر، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فبينما هو يكلمه إذ جاء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد سهل لكم من أمركم . فجاء سهيل بن عمرو فقال هات اكتب بيننا وبينك كتابا، فدعا الكاتب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، قال سهيل : أما الرحمن فوالله ما أدري ما [ ص: 496 ] هي ولكن اكتب : باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون : والله ما نكتبها إلا : بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اكتب باسمك اللهم . ثم قال : هذا ما قاضى عليه سهيل : محمد رسول الله، فقال والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن سهيل : البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب : محمد بن عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، قال وذلك لقوله : لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : على أن تخلوا بيننا وبين الزهري : البيت فنطوف به، فقال والله لا تتحدث سهيل : العرب أنا أخذنا ضغطة ولكن لك من العام المقبل فكتب، فقال وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، فقال المسلمون : سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما فبينما هم كذلك إذ جاء سهيل : يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل أبو جندل بن سهيل بن عمرو مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال هذا يا سهيل : محمد أول من أقاضيك عليه أن ترد إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنا لم نقض الكتاب بعد، قال : فوالله لا أصالحك على شيء أبدا، قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ ص: 497 ] فأجزه لي، قال : ما أنا بمجيزه، قال : بلى فافعل، قال : ما أنا بفاعل، فقال أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ألا ترون ما لقيت في الله وكان قد عذب عذابا شديدا في الله، فقال أبو جندل : : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : ألست نبي الله قال : بلى، فقلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال : بلى، قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذن؟ قال : إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري، قلت : أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي عمر بن الخطاب البيت ونطوف به قال : بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قلت : لا، قال : فإنك آتيه ومطوف به، فأتيت فقلت يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا قال : بلى، قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل قال : بلى، قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذن قال : أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه تفز حتى تموت فوالله إنه لعلى الحق، قلت : أوليس كان يحدثنا أنا سنأتي أبا بكر : البيت ونطوف به قال : بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام قلت : لا، قال : فإنك آتيه ومطوف به، قال فعملت لذلك أعمالا، فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا، فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على عمر : فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة يا نبي الله أتحب ذلك قال : نعم، قالت : فاخرج ثم لا تكلم أحدا منهم حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك . أم سلمة :
[ ص: 498 ] فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة حتى فعل ذلك : نحر بدنه ودعا بحالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما، ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات حتى بلغ بعصم الكوافر [الممتحنة : 10] فطلق يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج إحداهما عمر والأخرى معاوية بن أبي سفيان ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى صفوان بن أمية، المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا : العهد الذي جعلته لنا فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر وقال : أجل والله إنه لجيد لقد جربت به وجربت، فقال له أبو بصير : أرني أنظر إليه، فأمكنه منه فضربه حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه : لقد رأى هذا ذعرا، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : قد قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير [ ص: 499 ] فقال : يا نبي الله : قد أوفى الله بذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد . فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر .
قال : وينفلت منهم فلحق أبو جندل بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، قال : فوالله ما يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه منهم فهو آمن فأرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم حتى بلغ حمية الجاهلية وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينهم وبين البيت . خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن
وأخرج عن عبد الرزاق قال : كاتب الكتاب يوم ابن عباس الحديبية علي بن [ ص: 500 ] أبي طالب .
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد ومسلم ، والطبراني وابن مردويه، في "الدلائل" عن والبيهقي قال : سلمة بن الأكوع الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة، ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا في الصلح فلما اصطلحنا واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فاضطجعت في ظلها فأتاني أربعة من مشركي أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبغضتهم وتحولت إلى شجرة أخرى فعلقوا سلاحهم واضطجعوا فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي : يا للمهاجرين قتل ابن زنيم فاخترطت سيفي فاشتددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم وجعلته في يدي ثم قلت : والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز من المشركين يقوده حتى وقفنا بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : دعوهم يكون لهم بدء الفجور وثناه فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 501 ] وأنزل الله وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم . قدمنا
وأخرج أحمد، والنسائي وصححه، والحاكم وابن جرير وابن مردويه، في "الدلائل"، عن وأبو نعيم قال : عبد الله بن مغفل وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم فأخذ لعلي : بيده قال : ما نعرف الرحمن ولا الرحيم، اكتب في قضيتنا ما نعرف، قال : اكتب : باسمك اللهم، وكتب : هذا ما صالح عليه سهيل محمد رسول الله أهل مكة فأمسك بيده وقال : لقد ظلمناك إن كنت رسوله اكتب في قضيتنا ما نعرف فقال : اكتب : هذا ما صالح عليه سهيل محمد بن عبد الله . فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الله بأسماعهم، ولفظ بأبصارهم، فقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل جئتم في عهد أحد أو هل جعل لكم أحد أمانا فقالوا : لا، فخلى [ ص: 502 ] سبيلهم فأنزل الله الحاكم : وهو الذي كف أيديهم عنكم . كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال : ابن أبزى لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالهدي وانتهى إلى ذي الحليفة قال له يا نبي الله تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع فبعث إلى عمر : المدينة فلم يدع فيها سلاحا ولا كراعا إلا حمله، فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل فسار حتى أتى منى فنزل بمنى فأتاه عينه أن قد خرج عليك في خمسمائة فقال عكرمة بن أبي جهل لخالد بن الوليد : يا خالد هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل فقال خالد : أنا سيف الله وسيف رسوله فيومئذ سمي سيف الله يا رسول الله ارم بي أين شئت . فبعثه على خيل فلقيه في الشعب فهزمه حتى أدخله حيطان عكرمة مكة ثم عاد في الثانية فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثالثة فهزمه حتى أدخله حيطان مكة فأنزل الله وهو الذي كف أيديهم عنكم الآية، قال : فكف الله النبي عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقوا فيها كراهية أن تطأهم الخيل .
[ ص: 503 ]