فصل: في المقارض يموت
وإن مات العامل بعد أن عمل كان ورثته مكانه إن كانوا أمناء وممن يقدر على العمل، فإن لم يكونوا أمناء ولا يقدرون على العمل وأتوا بأمين، كان ذلك لهم وإلا أسلم المال إلى ربه، ولا يلزم الورثة أن يستأجروا من مال القراض عن الميت من يتم العمل; لأن القراض العمل فيه معلق بعين العامل وليس في الذمة.
وإن كان فيه ربح حين أسلمه جرى على قولين، فقال مالك لا شيء للورثة فيه. وكذلك قال في المساقي يعجز فيسلم الحائط: لا شيء له. وقال فيمن جعل على حفر بئر فحفر بعضه، ثم تركه اختيارا فاستأجر صاحب الأرض من أتمه، قال: يكون للأول بقدر ما انتفع من عمله، وهذا اختلاف قول وابن القاسم: مالك.
وإذا صح أن يكون للحافر مع تركه التمام اختيارا كان أبين أن يكون لورثة الحافر ولورثة العامل بالقراض; لأن الكل جعلة ومن [ ص: 5314 ] حيل بينه وبين التمام أعذر في ألا يبطل العمل.
وأجاز في القراض إن كان العمل معلقا بعين الأول أن يعمل غيره مكانه: وارث أو غيره ممن يأتون به، بخلاف الإجارة إذا استؤجر رجل بعينه فمات بعد أن عمل البعض فليس لورثته أن يقوموا مقامه في الباقي، والفرق بينهما أن لورثة الأجير من الإجارة بقدر ما مضى من العمل، والقراض جعل لا يستحق منه شيء عن الماضي إلا بتمامه فأجاز -رحمه الله- أن يتم العمل غير الأول وإن كان معينا؛ لأنها ضرورة، وإن لم يمكنوا من ذلك بطل عمل وليهم، وإن كان الوارث مولى عليه نظر الوصي، فإن لم يكن في المال فضل أو كانت الإجارة عليه دون الربح أو مثله أسلم المال إلى صاحبه، وإن كان فيه فضل استؤجر عليه. مالك
وقال في العتبية في ابن القاسم كان صاحب المال بالخيار إن شاء كان على قراضه وإن شاء ضمنه; لأنه لم يكن له أن يشتري إلا بإذن صاحب المال حين مات شريكه في العمل، قال: وإن كان اشترى قبل أن يموت ببعض المال كان ورثة الميت شركاء فيما اشترى قبل موته، ويقومون فيه معه، وما اشترى بعد موته كان صاحب المال فيه بالخيار حسبما تقدم. رجلين أخذا قراضا معا صفقة واحدة، فمات أحدهما واشترى الآخر بجميع المال: