مقام ربه موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين [المطففين: 6]. ونحوه: ذلك لمن خاف مقامي [إبراهيم: 14]. ويجوز أن يراد بمقام ربه: أن الله قائم عليه; أي: حافظ مهيمن من قوله تعالى: أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت [الرعد: 33]. فهو يراقب ذلك فلا يجسر على معصيته. وقيل: هو مقحم كما تقول: أخاف جانب فلان، وفعلت هذا لمكانك. وأنشد "من الوافر":
ذعرت به القطا ونفيت عنه مقام الذئب كالرجل اللعين
[ ص: 17 ] يريد: ونفيت عنه الذئب. فإن قلت: لم قال: "جنتان" قلت: الخطاب للثقلين; فكأنه قيل: لكل خائفين منكما جنتان: جنة للخائف الإنسي، وجنة للخائف الجني. ويجوز أن يقال: جنة لفعل الطاعات، وجنة لترك المعاصي; لأن التكليف دائر عليهما وأن يقال: جنة يثاب بها، وأخرى تضم إليها على وجه التفضل، كقوله تعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة [يونس: 26]. خص الأفنان بالذكر: وهي الغصنة التي تتشعب من فروع الشجرة: لأنها هي التي تورق وتثمر، فمنها تمتد الظلال، ومنها تجتنى الثمار. وقيل: الأفنان ألوان النعم ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. قال: "من الطويل":ومن كل أفنان اللذاذة والصبا لهوت به والعيش أخضر ناضر
بطائنها من إستبرق من ديباج ثخين، وإذا كانت البطائن من الإستبرق، فما ظنك بالظهائر؟ وقيل: ظهائرها من سندس. وقيل: من نور "دان" قريب يناله القائم والقاعد والنائم. وقرئ: "وجنى"، بكسر الجيم.