الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن غصب حمامة فأفرخت بيضا]

                                                                                                                                                                                        الولد في بنات آدم وفي سائر الحيوان الإبل والبقر والغنم وغيرها ليس بغلة، وهو بمنزلة الأم وبعض من أبعاضها، والذي يدل على أن حكم الولد حكم الأم الإجماع على أن ولد الحرة من زوجها العبد حر، وأن ولد الحر من زوجته الأمة عبد لسيدها، وعلى أن ولد المدبرة مدبر، وولد المعتق بعضها معتق بعضه، وولد المعتق إلى أجل معتق إلى أجل، وولد المكاتبة مكاتب، فلو كان غلة لم يجر في هذه الوجوه مثل حكم أمه ولو كان حكم الأم في ذلك [ ص: 5795 ] كوعاء أودع وديعة وأن الحكم للنطفة كان ولد الحرة من زوجها العبد رقيقا، وولد الحر من الأمة حر، ولم يجر ولد من تقدم ذكره ممن فيه بعض حرية على حكم أمه، ويجري على حكم أبيه من الحرية والعبودية، وقد مضى في كتاب العيوب ذكر جبر العيب بالولد الحادث وأنه لو كان غلة وكانت الأمة ولدت ولدين وفي أحدهما ما يجبر به العيب يجبر به وأمسك الآخر وفي إجماع المذهب على أن يسلم جميعها دليل على فساد ذلك القول.

                                                                                                                                                                                        وإن غصب حمامة فأفرخت بيضا كان الفراخ للمغصوب منه كالولد هو لمستحق الأم.

                                                                                                                                                                                        قال محمد: ولا شيء له فيما أعان الذكر وإن أفرخت بيض غيرها لم يكن للمغصوب منه الأم فيهم شيء، وكان له أجر الحضانة .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا أفرخ غيرها بيضا، فقال محمد: لا شيء له فيهم وله مثل البيض إلا أن يكون عليه في ذلك ضرر لتكلف حمام يحضنهم. وقال سحنون: الفراخ لصاحب البيض وللغاصب أجر الحضانة . فوجه القول الأول أنه غصب ما له مثل فكان القضاء فيه بمثله، ووجه القول الثاني أن حكم البيض حكم الجنين واستحسن أن يقضى بالمثل إذا كان لا يتعذر عليه حضانة المثل، وإن كان يتعذر كان الفراخ له؛ لأنه يقول: قد حرمتني بفعلك والمثل في بها بيض الدجاج أحسن؛ لأنه لا يتعذر حضانتها. [ ص: 5796 ]

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون فيمن غصب بيضة من دجاجة ميتة: الفرخ لرب البيضة . يريد: أنه غصبها بعد أن خرجت فتكون بمنزلة من غصب خمرا فخللها فهي لربها.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد فيمن غصب دجاجة فحضنت بيض غيرها: له أجر مثلها وما نقصها ذلك إلا أن يكون نقصانا بينا فيكون له قيمة الدجاجة يوم غصبها، ولا شيء له من نقصها ولا من فراخها ولا من كراء حضانتها إذا أخذ قيمتها يوم غصبت منه . فلم يضمنه قيمتها بالنقص اليسير في الغصب.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية