قوله تعالى: الله ولي الذين آمنوا أي: متولي أمورهم ، يهديهم ، وينصرهم ، ويعينهم . والظلمات: الضلالة ، والنور: الهدى ، والطاغوت: الشياطين ، هنا قول ابن عباس ، في آخرين . وقال وعكرمة الذين كفروا: هم اليهود ، والطاغوت: مقاتل: كعب بن [ ص: 307 ] الأشرف . قال والطاغوت هاهنا: واحد في معنى جماعة ، وهذا جائز في اللغة إذا كان في الكلام دليل على الجماعة . قال الشاعر: الزجاج:
بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب
أراد جلودها ، فإن قيل: متى كان المؤمنون في ظلمة؟ ومتى كان الكفار في نور؟ فعنه ثلاثة أجوبة . أحدها: أن عصمة الله للمؤمنين عن مواقعة الضلال ، إخراج لهم من ظلام الكفر ، وتزيين قرناء الكفار لهم الباطل الذي يحيدون به عن الهدى ، إخراج لهم من نور الهدى ، و"الإخراج" مستعار هاهنا . وقد يقال: للممتنع من الشيء: خرج منه ، وإن لم يكن دخل فيه . قال تعالى: إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله [ يوسف: 37 ] وقال: ومنكم من يرد إلى أرذل العمر [ النحل: 70 ] . وقد سبقت شواهد هذا في قوله تعالى: وإلى الله ترجع الأمور [ البقرة: 210 ] . والثاني: أن إيمان أهل الكتاب بالنبي قبل أن يظهر نور لهم ، وكفرهم به بعد أن ظهر ، خروج إلى الظلمات . والثالث: أنه لما ظهرت معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان المخالف له خارجا من نور قد علمه ، والموافق له خارجا من ظلمات الجهل إلى نور العلم .