وتفصيل حسن موافق لما بحثه في فتح القدير هو الرابعة جعله في فتح القدير كالزنديق لا تقبل توبته وفي الخانية من كتاب الحظر والإباحة الساحر إذا تاب فهو على وجوه إن كان يعتقد نفسه خالقا لما يفعل فإن تاب عن ذلك فقال خالق كل شيء هو الله تعالى وتبرأ عما كان يقول تقبل توبته ولا يقتل وإن كان الساحر يستعمل السحر بالتجربة والامتحان ولا يعتقد لذلك أثرا لا يقتل لأنه ليس بكافر وساحر يجحد السحر ولا يدري كيف يفعل ولا يقربه قالوا لا يستتاب بل يقتل إذا ثبت أنه يستعمل السحر وفي بعض المواضع ذكر أن الاستتابة أحوط وقال توبة الساحر إذا الفقيه أبو الليث تقبل توبته ولا يقتل وإن أخذ ثم تاب لم تقبل توبته ويقتل وكذا الزنديق المعروف الداعي والفتوى على هذا القول ا هـ . تاب الساحر قبل أن يؤخذ
وفي فتح القدير ولا يعلم مخالف إلا وتقبل الشهادة بالردة من عدلين قال لا يقبل في القتل إلا أربعة قياسا على الزنا وإذا الحسن لا يتعرض له لا لتكذيب الشهود العدول بل لأن إنكاره توبة ورجوع ا هـ . شهدوا على مسلم بالردة وهو منكر
[ ص: 137 ] وهذا معنى قوله فيما نقلناه آنفا عنه أن الشهادة لا تعمل مع الإنكار وليس المراد أن ردته لا تثبت بالشهادة مع الإنكار بل تثبت ويحكم بها حتى تبين زوجته منه ويجب تجديد النكاح وإنما يمتنع القتل فقط للتوبة بالإنكار وقد رأيت من يغلط في هذا المحل وقد ذكر المصنف العرض والكشف والحبس والقتل إن لم يسلم وقد بقي لها أحكام كثيرة منها حبط العمل عندنا بنفس الردة وعند للردة أحكاما أربعة بشرط الموت عليها كذا في البدائع أي إبطال العبادات وفي الخلاصة الشافعي فعليه أن يحج ثانيا وليس عليه إعادة الصلوات والزكوات والصيامات لأن بالردة كأنه لم يزل كافرا فإذا أسلم وهو غني فعليه الحج وليس عليه قضاء سائر العبادات ا هـ . من ارتد ثم أسلم وهو قد حج مرة
وفي التتارخانية معزيا إلى اليتيمة قيل له لو تاب أتعود حسناته قال هذه المسألة مختلفة فعند أبي علي وأصحابنا أنها تعود وعند وأبي هاشم أنها لا تعود ونحن نقول أنه لا يعود ما بطل من ثوابه لكنه تعود طاعاته المتقدمة مؤثرة في الثواب بعد ا هـ . أبي قاسم الكعبي
وفيها معزيا إلى السراجية فإنه يؤاخذ بعقوبة الكفر الأول والثاني وهو قول من ارتد ثم أسلم ثم ارتد ومات الفقيه أبي الليث سواء كان على قربة ابتداء أو على ذريته ثم على المساكين لأنه قربة ولا بقاء لها مع وجود الردة وإذا عاد مسلما لا يعود وقفه إلا بتجديد منه وإذا مات أو قتل أو لحق كان الوقف ميراثا بين ورثته كما أوضحه ومن العبادات التي بطلت بردته وقفه الذي وقفه حال إسلامه الخصاف في آخر أوقافه ومنها بقاء المعصية مع الردة ولذا قال في الخانية قال إذا كان على المرتد قضاء صلوات أو صيامات تركها في الإسلام ثم أسلم شمس الأئمة الحلواني عليه قضاء ما ترك في الإسلام لأن ترك الصلاة والصيام معصية والمعصية تبقى بعد الردة ا هـ .
ومنها أنه لا يجب عليه شيء من العبادات عندنا لعدم خطاب الكفار بالشرائع عندنا فلا يقضي ما فاته زمن ردته بعد إسلامه ومنها ما في الخانية فهو مأخوذ بجميع ذلك ولو أصاب ذلك بعدما لحق بدار الحرب مرتدا وأسلم فذلك كله موضوع عنه لأنه أصابه وهو حربي في دار الحرب والحربي لا يؤاخذ بعد الإسلام بما كان أصابه حال كونه محاربا وما مسلم أصاب مالا أو شيئا يجب به القصاص أو حد قذف ثم ارتد وأصاب ذلك وهو مرتد في دار الإسلام ثم لحق بدار الحرب وحارب المسلمين زمانا ثم جاء [ ص: 138 ] مسلما فكل ذلك يكون موضوعا عنه إلا أنه يضمن المال في السرقة وإذا أصاب دما في الطريق كان عليه القصاص لأن ما كان من حقوق العباد كان المرتد مأخوذا بذلك وما أصاب في قطع الطريق من القتل خطأ ففيه الدية على عاقلته إن أصابه قبل الردة وفي ماله إن أصابه بعد الردة . أصاب المسلم من حدود الله تعالى كالزنا والسرقة وقطع الطريق ثم ارتد أو أصاب ذلك بعد الردة ثم لحق بدار الحرب ثم جاء مسلما
وإن فإنه لا يؤاخذ بذلك لأن الكفر يمنع وجوب هذا الحد ابتداء حتى لا يجب على الذمي والمستأمن فإذا اعترض الكفر بعد الوجوب يمنع البقاء وإن أصاب ذلك والمرتد محبوس في يد الإمام فإنه لا يؤاخذ بحد الخمر والسكر وهو مؤاخذ بما سوى ذلك من حدود الله تعالى ويتمكن الإمام من إقامة هذا الحد إذا كان في يده فإن لم يكن في يده حين أصاب ذلك ثم أسلم قبل اللحوق بدار الحرب فذلك موضوع عنه أيضا ا هـ . وجب على المسلم حد الشرب من الخمر أو المسكر ثم ارتد ثم أسلم قبل اللحوق بدار الحرب
وسيأتي حكم تصرفاته وأملاكه وجنايته وأولاده في الكتاب وأشار بقوله وإلا قتل إلى أنه لا يجوز استرقاقه وإن لحق بدار الحرب لأنه لم يشرع فيه إلا الإسلام أو السيف وفي الخانية لا يترك على ردته بإعطاء الجزية ولا بأمان موقت ولا بأمان مؤبد ولا يجوز استرقاقه بعد اللحاق مرتدا إذا أخذه المسلمون أسيرا ويجوز استرقاق المرتدة بعد اللحاق ا هـ .
ومن أحكامه أنه لا عاقلة له لأنها للمعونة وهو لا يعاون كذا في البدائع وقد مضى في باب نكاح الكافر وفي المحرمات أنه لا ينكح ولا ينكح وسيأتي أنه لا يرث من أحد لانعدام الملة والولاية فقد ظهر أن الردة أفحش من الكفر الأصلي في الدنيا والآخرة وأطلق في القتل فشمل الحر والعبد فولاية قتل العبد المرتد للإمام لا للمولى لإطلاق النصوص وفي الولوالجية وقوع الفرقة بردة أحد الزوجين جاز والردة عيب لأنه مملوك له فيجوز بيعه وفي حق العبد يوجب استحقاق القتل عليه فيكون عيبا وردة الأمة تفوت على المشتري منفعة الوطء فيكون عيبا أيضا ا هـ . إذا باع عبده المرتد أو أمته المرتدة
وفي شرح المجمع معزيا إلى الحقائق ولا تجالس ولا تواكل ولا تباع ا هـ .
أن لا يكون إسلامه بطريق التبعية ولذا قال في البدائع ويشترط في جواز قتل المرتد لا يقتل لانعدام الردة منه إذ هي اسم للتكذيب بعد سابقة التصديق ولم يوجد منه التصديق بعد البلوغ حتى لو أقر بالإسلام ثم ارتد يقتل ولكنه في الأولى يحبس لأنه كان له حكم الإسلام قبل البلوغ تبعا والحكم في إكسابه كالحكم في إكساب المرتد لأنه مرتد حكما ا هـ . صبي أبويه مسلمان حتى حكم بإسلامه تبعا لأبويه فبلغ كافرا ولم يسمع منه إقرار باللسان بعد البلوغ
وأن لا يكون في إسلامه شبهة لأن السكران لو أسلم صح إسلامه فإن رجع مرتدا لا يقتل كالصبي العاقل إذا ارتد كذا في التتارخانية .
.
[ ص: 137 - 139 ]