الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في حد البكر وصفته

                                                                                                                                                                                        حد الزاني البكر ثلاثة:

                                                                                                                                                                                        فحد الرجل الحر جلد مائة وتغريب عام.

                                                                                                                                                                                        وحد المرأة الحرة جلد مائة بغير تغريب.

                                                                                                                                                                                        وحد العبد خمسون جلدة بغير تغريب، وكذلك الأمة هما في ذلك سواء، وكذلك كل من فيه عقد حرية لم تتم، كالمدبر والمكاتب وأم الولد والمعتق بعضه والمعتق إلى أجل- حدهم حد من لا عقد له في الحرية.

                                                                                                                                                                                        فأما الحران فالأصل فيهما قول الله -عز وجل-: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة [النور: 2] وفي تغريب الرجل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لأقضين بينكما بكتاب الله. ." فجلد الرجل مائة وغربه عاما. . . الحديث . وفي هذا الحديث دليل على أن التغريب فرض وأنه بعض الحد ، لقوله "لأقضين بينكما بكتاب الله" أي بفرض الله سبحانه، قال الله تعالى: كتب عليكم الصيام [البقرة: 183] أي: فرض عليكم ، وهذا يرد على من قال: إن التغريب غير واجب، وأن بابه باب التعزير فإن رأى ذلك الإمام فعله. [ ص: 6177 ]

                                                                                                                                                                                        وأما النساء فقال مالك في كتاب محمد: لا تغريب عليهن ، للحديث: "لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم" ، والضيعة تصيبها. وقال القاضي أبو محمد عبد الوهاب: ولأن تغريب الرجل عقوبة له; لينقطع عن أهله وولده ومعاشه ، وتلحق الذلة بنفيه إلى غير بلده، والمرأة محتاجة إلى الحفظ والصيانة، فكان في تغريبها هتك لحرمتها .

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب محمد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه غرب امرأة إلى مصر . وفي الموطأ: أنه غرب عبدا . وفي كتاب مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام" . فجعل على المرأة النفي ولا وجه للاعتراض بالولي فإن كانت العلة في ترك النفي عدم الولي فتنفى إذا كان لها ولي أو تسافر مع جماعة رجال ونساء كما تعمل في خروجها إلى الحج، فإن عدم جميع ذلك سجنت في موضعها عاما; لأن العقوبة بشيئين: تغريب وسجن، فإذا تعذر التغريب لم يسقط السجن، وقد يقال: في سقوط التغريب عن العبد إن [ ص: 6178 ] التغريب عقوبة على الإنسان عن وطنه، والعبد لا وطن له، وشأنه البيع من بلد إلى بلد، ويسجن في موضعه.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية