الموضع الثالث في الأول إذا مات الواقف ولم يجعل ولايته إلى أحد ولا يجعله من الأجانب ما دام يجد من أهل بيت الواقف من يصلح لذلك إما لأنه أشفق أو لأن من قصد الواقف نسبة الوقف إليه وذلك فيما ذكرنا فإن لم يجد فمن يصلح من الأجانب فإن أقام أجنبيا ثم صار من ولده من يصلح صرفه إليه كذا في الإسعاف الثاني إذا الناظر المولى من القاضي ينصبه القاضي في مواضع فإن القاضي ينصب غيره وشرط في المجتبى أن لا يكون المتولي أوصى به إلى رجل عند موته فإن كان أوصى لا ينصب القاضي وقيدنا بموته بعد الواقف لأنه لو مات قبل الواقف قال في المجتبى ولاية النصب إلى الواقف وفي السير الكبير قال مات المتولي المشروط له بعد الواقف النصب إلى القاضي . ا هـ . محمد
وفي الفتاوى الصغرى إذا فالرأي في نصب قيم آخر إلى الواقف لا إلى القاضي فإن كان الواقف ميتا فوصيه أولى من القاضي فإن لم يكن أوصى إلى أحد فالرأي في ذلك إلى القاضي ا هـ . مات المتولي والواقف حي
فأفاد أن ولاية القاضي متأخرة عن المشروط له ووصيه فيستفاد منه وهو خلاف الواقع في عدم صحة تقرير القاضي في الوظائف في الأوقاف إذا كان الواقف شرط التقرير للمتولي القاهرة في زماننا وقبله بيسير وفي فتح القدير وغيره وأما نصب المؤذن والإمام فقال أبو نصر لأهل المحلة وليس الباني للمسجد أحق منهم بذلك وقال أبو بكر الإسكاف الباني أحق بنصبهما من غيره كالعمارة قال وبه نأخذ إلا أن يريد إماما ومؤذنا والقوم يريدون الأصلح فلهم أن يفعلوا ذلك ا هـ . أبو الليث
وفي التتارخانية يصح إذا كانوا من أهل الصلاح والمتقدمون قالوا الأولى أن يرفعوا إلى القاضي ومشايخنا المتأخرون قالوا الأولى أن لا يرفعوا إلى القاضي ثم قال فيها أيضا سئل الوقف إذا كان على أرباب معلومين يحصى عددهم إذا نصبوا متوليا بدون استطلاع رأي القاضي شيخ الإسلام عن قال نعم قال ومشايخنا المتقدمون يجيبون عن هذه المسألة ويقولون نعم والأفضل أن يكون ذلك بإذن القاضي ثم اتفق المشايخ المتأخرون وأستاذونا أن الأفضل أن ينصبوا متوليا ولا يعلموا القاضي في زماننا لما عرف من طمع القضاة في أموال الأوقاف . ا هـ . أهل مسجد اتفقوا على نصب رجل متوليا لمصالح المسجد فتولى ذلك باتفاقهم هل يصير متوليا ويطلق له التصرف في مال المسجد كما لو قلده القاضي
وهاهنا تنبيه لا بد منه وهو قلت وهو قاضي القضاة لا كل قاض لما في جامع الفصولين من الفصل السابع والعشرين لو المراد بالقاضي [ ص: 252 ] الذي يملك نصب الوصي والمتولي ويكون له النظر على الأوقاف فالأوثق أن يكتب في الصكوك والسجلات وهو الوصي من جهة حاكم له ولاية نصب الوصي والتولية لأنه لو اقتصر على قوله وهو الوصي من جهة الحاكم ربما يكون من حاكم ليس له ولاية نصب الوصي فإن كان الوصي أو المتولي من جهة الحاكم فصار كحكم نائب القاضي فإنه لا بد فيه أن يذكروا أن فلانا القاضي مأذون بالإنابة تحرزا عن هذا الوهم . ا هـ . القاضي لا يملك نصب الوصي والمتولي إلا إذا كان ذكر التصرف في الأوقاف والأيتام منصوصا عليه في منشوره
ولا شك أن قول السلطان جعلتك قاضي القضاة كالتنصيص على هذه الأشياء في المنشور كما صرح به في الخلاصة في مسألة استخلاف القاضي وعلى هذا فقولهم في الاستدانة بأمر القاضي المراد به قاضي القضاة وفي كل موضع ذكر والقاضي في أمور الأوقاف بخلاف قولهم وإذا رفع إليه حكم قاض أمضاه فإنه أعم كما لا يخفى الثالثفإن القاضي يعزله وينصب أمينا قال في آخر أوقاف إذا ظهرت خيانته الخصاف ما تقول إن طعن عليه في الأمانة فرأى الحاكم أن يدخل معه آخر أو يخرجه من يده ويصيره إلى غيره قال أما إخراجه فليس ينبغي أن يكون إلا بخيانة ظاهرة مبينة فإذا جاء من ذلك ما يصح واستحق إخراج الوقف من يده قطع عنه ما كان أجرى له الواقف .
وأما إذا أدخل معه رجلا في القيام بذلك فالأجر له قائم فإن رأى الحاكم أن يجعل للرجل الذي أدخل معه شيئا من هذا المال فلا بأس بذلك وإن كان المال الذي سمي له قليلا ضيقا فرأى الحاكم أن يجعل للرجل الذي أدخله معه رزقا من غلة الوقف فلا بأس بذلك وينبغي للحاكم أن يقتصد فيما يجريه من ذلك ثم قال ما تقول إن كان الحاكم أخرجه من القيام بأمر هذا الوقف وقطع عنه ما كان أجراه له الواقف ثم جاء حاكم آخر فتقدم إليه هذا الرجل وقال إن الحاكم الذي كان قبلك إنما أخرجني من القيام بأمر هذا الوقف بتحامل من قوم سعوا به إليه ولم يصح علي شيء استحق به إخراجي من القيام بأمر هذا الوقف قال أمور الحاكم عندنا إنما تجري على الصحة والاستقامة ولا ينبغي للحاكم أن يقبل قول هذا الرجل فيما ادعاه على الحاكم المتقدم ولكن يقول صحح أنك موضع للقيام بأمر هذا الوقف أردك إلى القيام بذلك فإن صح عند هذا الحاكم أنه موضع لذلك رده وأجرى ذلك المال له وكذلك لو أن الحاكم الذي كان أخرجه صح عنده أنه بعد ذلك أناب ورجع عما كان عليه وصار موضعا للقيام به وجب أن يرده إلى ذلك ويرد عليه المال الذي كان الواقف جعله له ا هـ .
وقد علمت فيما سبق أنه لو عزله بغير جنحة لا ينعزل فإن قلت كيف يعيد الطالب للتولية بعد عزله إذا أناب ورجع مع قولهم طالب التولية لا يولى قلت محمول على طلبها ابتداء وأما طلب العود بعد العزل فلا جمعا بين كلامهم ومن الخيانة امتناعه من العمارة قال في الخصاف إذا امتنع [ ص: 253 ] من العمارة وله غلة أجبر عليها فإن فعل فيها وإلا أخرجه من يده ومن لكن ظاهر ما في الذخيرة أنه لا بد من هدم المشتري البناء فإنه قال وإذا الخيانة المجوزة لعزله أن يبيع الوقف أو بعضه ليس له ذلك فإن باعه فهو باطل فإن هدم المشتري البناء أو صرم النخل فينبغي للقاضي أن يخرج القيم عن هذا الوقف لأنه صار خائنا ولا ينبغي للقاضي أن يأمن الخائن بل سبيله أن يعزله ا هـ . خربت أرض الوقف وأراد القيم أن يبيع بعضها منها ليرم الباقي
ثم قال بعده جاز لأنه بمنزلة الغلة فلو أراد المشتري قطع قوائم الشجر يمنع لأنها ليست بمبيعة ولو امتنع المتولي من منع المشتري عن قطع القوائم كان ذلك خيانة منه واستفيد منه أنه إذا لم يمنع من يتلف شيئا للوقف كان خائنا ويعزل وفي القنية قيم يخلط غلة الدهن بغلة البواري فهو سارق خائن ا هـ . قرية وقف على أرباب مسمين في يد المتولي باع المتولي ورق أشجار التوت
فاستفيد منه كان خائنا يستحق العزل وليقس ما لم يقل فإن قلت إذا ثبتت خيانته هل للقاضي أن يضم إليه ثقة من غير أن يعزله قلت نعم لأن المقصود حصل بضم الثقة إليه قال في القنية إذا تصرف بما لا يجوز فهو خيانة فيعزل أو يضم إليه ثقة . ا هـ . متولي الوقف باع شيئا منه أو أرضه
ومن أحكام المتولي من القاضي ما في القنية وإلا فلا ولو مات القاضي أو عزل يبقى ما نصبه على حاله . ا هـ . للمتولي أن يوكل فيما فوض إليه إن عمم القاضي التفويض إليه
فإن قلت ما قلت صحيحة إذا شك الناظر أو ارتاب القاضي في أمانته لقول حكم تولية القاضي الناظر حسبة مع وجود الناظر المشروط له الخصاف كما نقلناه عنه وأما إذا أدخل معه رجلا إلخ لا يأخذ من معلوم المتولي ولا من الوقف شيئا لأنه إنما ولاه القاضي حسبة أي بغير معلوم الرابع إذا عزل نفسه عند القاضي فإنه ينصب غيره وهل ينعزل بعزل نفسه في غيبة القاضي الجواب لا ينعزل حتى يبلغ القاضي كما صرحوا به في الوصي والقاضي وظاهر كلامهم في كتاب القضاء أنه ينعزل إذا علم القاضي سواء عزله القاضي أو لم يعزله وفي القنية لو لا ينعزل إلا أن يقول له أو للقاضي فيخرجه . ا هـ . قال المتولي من جهة الواقف عزلت نفسي
ومن عزل نفسه الفراغ عن وظيفة النظر لرجل عند القاضي وهل يجب على القاضي أن يقرر المنزول له [ ص: 254 ] وهكذا في سائر الوظائف فإن لم يكن المنزول له أهلا لا شك أنه لا يقرره وإن كان أهلا فكذلك لا يجب عليه وأفتى العلامة قاسم بأن من فرغ لإنسان عن وظيفته سقط حقه منها سواء قرر الناظر المنزول له أو لا ا هـ .
فالقاضي بالأولى وقد جرى التعارف بمصر الفراغ بالدراهم ولا يخفى ما فيه وينبغي الإبراء العام بعده وفي البزازية المتولي من جهة الحاكم امتنع من العمل ولم يرفع الأمر بعزل نفسه إلى الحاكم لا يخرج عن التولية . ا هـ .
فإن قلت . قلت نعم قال في القنية نصب القاضي قيما آخر لا ينعزل الأول إن كان منصوب الواقف وإن كان منصوبه ويعلمه وقت نصب الثاني ينعزل بخلاف ما إذا نصب السلطان قاضيا في بلدة لا ينعزل الأول على أحد القولين لأنه قد تكثر القضاة في بلدة دون القوام في الوقف في مسجد واحد . ا هـ . وسيأتي عن الخانية أنه مقيد بما إذا رأى المصلحة . هل للقاضي عزل من ولاه بغير جنحة
[ ص: 251 ]