[ ص: 5 ] قوله تعالى :
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم
"ضربتم"؛ معناه: سافرتم؛ فأهل الظاهر يرون القصر في كل سفر يخرج عن الحاضرة؛ وهي من حيث تؤتى الجمعة؛ وهذا قول ضعيف؛ واختلف العلماء في حد فقال المسافة التي تقصر فيها الصلاة؛ ؛ مالك ؛ والشافعي ؛ وأحمد بن حنبل : "تقصر الصلاة في أربعة برد؛ وذلك ثمانية وأربعون ميلا"؛ وحجتهم أحاديث رويت في ذلك عن وابن راهويه ؛ ابن عمر ؛ وقال وابن عباس الحسن؛ : "تقصر الصلاة في مسيرة يومين"؛ ولم يذكرا أميالا؛ وروي هذا القول عن والزهري ؛ وروي عنه أيضا: "تقصر الصلاة في يوم وليلة"؛ وهذه الأقوال الثلاثة تتقارب في المعنى؛ وروي عن مالك ؛ ابن عباس أن الصلاة تقصر في مسيرة اليوم التام؛ وقصر وابن عمر في ثلاثين ميلا؛ وعن ابن عمر ؛ في "العتبية"؛ فيمن خرج إلى ضيعته على مسيرة خمسة وأربعين ميلا؛ قال: "يقصر"؛ وعن مالك ابن القاسم ؛ في "العتبية": "إن قصر في ستة وثلاثين فلا إعادة عليه"؛ وقال : "يعيد أبدا"؛ وقال يحيى بن عمر ابن عبد الحكم: "في الوقت"؛ وقال ؛ ابن مسعود ؛ وسفيان ؛ والثوري ؛ وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن: "من سافر مسيرة ثلاث قصر"؛ قال : "ثلاثة أيام ولياليها؛ سير الإبل؛ ومشي الأقدام"؛ وروي عن أبو حنيفة أنه قصر في خمسة عشر ميلا؛ قال أنس بن مالك : "عامة العلماء في القصر في مسيرة اليوم التام؛ وبه نأخذ". الأوزاعي
واختلف الناس في فأجمع الناس على الجهاد؛ والحج؛ والعمرة؛ وما ضارعها من صلة الرحم؛ وإحياء نفس؛ واختلف الناس فيما سوى ذلك؛ فالجمهور على جواز القصر في السفر المباح؛ كالتجارة؛ ونحوها؛ وروي [ ص: 6 ] عن نوع السفر الذي تقصر فيه الصلاة؛ أنه قال: "لا تقصر الصلاة إلا في حج؛ أو جهاد"؛ وقال ابن مسعود : "لا تقصر الصلاة إلا في سفر طاعة؛ وسبيل من سبل الخير"؛ وقد روي عن عطاء أنها تقصر في كل المباح؛ والجمهور من العلماء على أنه لا قصر في سفر المعصية؛ كالباغي؛ وقاطع الطريق؛ وما في معناهما؛ وروي عن عطاء الأوزاعي إباحة القصر في جميع ذلك؛ وجمهور العلماء على أن وأبي حنيفة وحينئذ هو ضارب في الأرض؛ وهو قول المسافر لا يقصر حتى يخرج من بيوت القرية؛ في "المدونة"؛ مالك وجماعة المذهب؛ قال وابن حبيب ابن القاسم في "المدونة": "ولم يحد لنا في القرب حدا"؛ وروي عن مالك : "إذا كانت قرية يجمع أهلها فلا يقصر حتى يجاوزها بثلاثة أميال؛ وإلى ذلك في الرجوع؛ وإن كانت لا يجمع أهلها قصر إذا جاوز بساتينها؛ وروي عن مالك الحارث بن أبي ربيعة أنه أراد سفرا؛ فصلى بهم ركعتين في منزله؛ وفيهم ؛ وغير واحد من أصحاب الأسود بن يزيد ؛ وبه قال ابن مسعود ؛ عطاء بن أبي رباح وسليمان بن موسى؛ وروي عن أنه قال: "لا يقصر المسافر يومه الأول حتى الليل"؛ وهو شاذ؛ وقد ثبت مجاهد بالمدينة أربعا؛ والعصر بذي الحليفة ركعتين؛ وليس بينهما ثلث يوم. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر
ويظهر من قوله تعالى فليس عليكم جناح أن تقصروا ؛ أن القصر مباح؛ أو مخير فيه؛ وقد روى عن ابن وهب أن المسافر مخير؛ وقاله مالك الأبهري؛ وعليه حذاق المذهب؛ وقال في "المبسوط": "القصر سنة"؛ وهذا هو جمهور المذهب؛ وعليه جواب "المدونة" بالإعادة في الوقت لمن أتم في سفره؛ وقال مالك محمد بن سحنون؛ وإسماعيل القاضي: "القصر فرض"؛ وبه قال ؛ وروي نحوه عن حماد بن أبي سليمان ؛ وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: "من صلى في السفر أربعا؛ فهو كمن صلى في الحضر ركعتين"؛ وحكى ابن عباس ابن المنذر أنه قال: "صلاة السفر ركعتان؛ تمام غير قصر؛ على لسان نبيكم - عليه الصلاة والسلام - وقد خاب من افترى"؛ عمر بن الخطاب ويؤيد هذا قول عن - رضي الله عنها -: عائشة "فرضت الصلاة ركعتين في الحضر والسفر؛ فأقرت صلاة السفر؛ وزيد في صلاة الحضر".
[ ص: 7 ] واختلف العلماء في معنى قوله: أن تقصروا ؛ فذهب جماعة من العلماء إلى أنه القصر إلى اثنتين من أربع؛ روي عن أنه قال: علي بن أبي طالب سأل قوم من التجار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالوا: إنا نضرب في الأرض؛ فكيف نصلي؟ فأنزل الله تعالى : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ؛ ثم انقطع الكلام؛ فلما كان بعد ذلك بحول غزا النبي - عليه الصلاة والسلام -؛ فصلى الظهر؛ فقال المشركون: لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم؛ فهلا شددتم عليهم؟ فقال قائل منهم: إن لهم أخرى في أثرها؛ فأنزل الله تعالى بين الصلاتين: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ؛ إلى آخر صلاة الخوف.
وذكر في سرد هذه المقالة حديث الطبري يعلى بن أمية قال: - رضي الله عنه -: إن الله تعالى يقول: لعمر بن الخطاب إن خفتم ؛ وقد أمن الناس؛ فقال: "عجبت مما عجبت منه؛ فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؛ فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم؛ فاقبلوا صدقته"؛ قال قلت : وهذا كله قول حسن؛ إلا أن قوله تعالى : الطبري وإذا كنت ؛ تؤذن بانقطاع ما بعدها مما قبلها؛ فليس يترتب من لفظ الآية إلا أن القصر مشروط بالخوف؛ وفي قراءة : "أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا"؛ بسقوط "إن خفتم"؛ وثبتت في مصحف أبي بن كعب - رضي الله عنه -؛ وذهبت جماعة أخرى إلى أن هذه الآية إنما هي مبيحة القصر في السفر للخائف من العدو؛ فمن كان آمنا فلا قصر له؛ وروي عن عثمان - رضي الله عنها - أنها كانت تقول في السفر: "أتموا صلاتكم"؛ فقالوا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر؛ فقالت: "إنه كان في حرب؛ وكان يخاف؛ وهل أنتم تخافون؟"؛ وقال عائشة : "كان يتم الصلاة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عطاء - رضي الله عنها -؛ عائشة ؛ وأتم وسعد بن أبي وقاص ؛ ولكن علل ذلك بعلل غير هذه؛ وكذلك علل إتمام عثمان بن عفان أيضا بغير هذا". عائشة
[ ص: 8 ] وقال آخرون: "القصر المباح في هذه الآية إنما هو قصر الركعتين إلى ركعة؛ والركعتان في السفر إنما هي تمام؛ وقصرها أن تصير ركعة؛ قال : "إذا صليت في السفر ركعتين فهو تمام؛ والقصر لا يحل إلا أن يخاف؛ فهذه الآية مبيحة أن تصلي كل طائفة ركعة لا تزيد عليها شيئا؛ ويكون للإمام ركعتان"؛ وروي عن السدي - رضي الله عنه - أنه قال: "ركعتان في السفر تمام غير قصر؛ إنما القصر في صلاة المخافة؛ يصلي الإمام بطائفة ركعة؛ ثم يجيء هؤلاء إلى مكان هؤلاء؛ وهؤلاء إلى مكان هؤلاء؛ فيصلي بهم ركعة؛ فتكون للإمام ركعتان؛ ولهم ركعة ركعة"؛ وقال نحو هذا ابن عمر ؛ سعيد بن جبير ؛ وجابر بن عبد الله وكعب من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وفعله حذيفة بطبرستان؛ وقد سأله الأمير سعيد بن العاصي ذلك؛ وروى - رضي الله عنهما - ابن عباس وقال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى كذلك في غزوة ذي قرد ركعة بكل طائفة؛ ولم يقضوا؛ مجاهد : "فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا؛ وفي السفر ركعتين؛ وفي الخوف ركعة"؛ ابن عباس وروى عن : جابر بن عبد الله وبني ثعلبة؛ وروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى كذلك بأصحابه يوم حارب خصفة؛ أبو هريرة ضجنان وعسفان. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى كذلك بين
وقال آخرون: هذه الآية مبيحة القصر من حدود الصلاة وهيئتها عند المسايفة؛ واشتعال الحرب؛ فأبيح لمن هذه حاله أن يصلي إيماء برأسه؛ ويصلي ركعة واحدة حيث توجه؛ إلى تكبيرتين؛ إلى تكبيرة؛ على ما تقدم من أقوال العلماء في تفسير قوله تعالى : فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ؛ ورجح هذا القول؛ وقال: إنه [ ص: 9 ] يعادله قوله: الطبري فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ؛ أي: بحدودها؛ وهيئتها الكاملة.
وقرأ الجمهور: "تقصروا"؛ بفتح التاء؛ وضم الصاد؛ وروى الضبي عن أصحابه: "تقصروا"؛ بضم التاء؛ وكسر الصاد؛ وسكون القاف؛ وقرأ : "تقصروا"؛ بضم التاء؛ وفتح القاف؛ وكسر الصاد وشدها. الزهري
و"يفتنكم"؛ معناه: "يمتحنكم بالحمل عليكم؛ وإشغال نفوسكم في صلاتكم"؛ ونحو هذا قول صاحب الحائط: "لقد أصابتني في مالي هذا فتنة"؛ وأصل الفتنة الاختبار بالشدائد؛ وإلى هذا المعنى ترجع كيف تصرفت.
و"عدو": وصف يجري على الواحد؛ والجماعة؛ و"مبين": "مفعل"؛ من "أبان"؛ المعنى: "قد جلحوا في عداوتكم؛ وراموكم كل مرام".
وقوله تعالى : وإذا كنت فيهم ؛ الآية؛ قال جمهور الأمة: الآية خطاب للنبي - عليه الصلاة والسلام -؛ وهو يتناول الأمراء بعده إلى يوم القيامة؛ وقال أبو يوسف؛ وإسماعيل بن علية: "الآية خصوص للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الصلاة بإمامة النبي - عليه الصلاة والسلام - لا عوض منها؛ وغيره من الأمراء منه العوض؛ فيصلي الناس بإمامين؛ طائفة بعد طائفة؛ ولا يحتاج إلى غير ذلك".
قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -:
"وكذلك جمهور العلماء على أن إذا نزل الخوف"؛ وقال قوم: "لا صلاة خوف في حضر"؛ وقاله في المذهب صلاة الخوف تصلى في الحضر؛ وقال عبد الملك بن الماجشون؛ : الطبري فأقمت لهم ؛ معناه: "حدودها وهيئتها؛ ولم تقصر؛ على ما أبيح قبل في حال المسايفة".
وقوله فلتقم طائفة منهم معك ؛ أمر بالانقسام؛ أي: "وسائرهم وجاه العدو؛ حذرا؛ وتوقع حملته.
[ ص: 10 ] وأعظم الروايات والأحاديث أن صلاة الخوف إنما نزلت الرخصة فيها في غزوة ذات الرقاع؛ وهي غزوة محارب وخصفة؛ وفي بعض الروايات أنها نزلت في ناحية عسفان وضجنان؛ والعدو خيل قريش؛ عليها ؛ واختلف: من المأمور بأخذ الأسلحة هنا؟ فقيل: "الطائفة المصلية"؛ وقيل: "بل الحارسة". خالد بن الوليد
قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -: ولفظ الآية يتناول الكل؛ ولكن سلاح المصلين ما خف؛ واختلفت الآثار في هيئة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه صلاة الخوف؛ وبحسب ذلك اختلف الفقهاء؛ فروى يزيد بن رومان؛ عن صالح بن خوات؛ سهل بن أبي حثمة أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف يوم "ذات الرقاع"؛ فصفت طائفة معه؛ وطائفة وجاه العدو؛ فصلى بالذين معه ركعة؛ ثم ثبت قائما؛ وأتموا؛ ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو؛ وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته؛ ثم ثبت جالسا؛ وأتموا لأنفسهم؛ ثم سلم بهم؛ وروى عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات؛ عن سهل هذا الحديث بعينه؛ إلا أنه روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين صلى بالطائفة الأخيرة ركعة سلم؛ ثم قضت هي بعد سلامه؛ وبهذا الحديث أخذ - رحمه الله - في صلاة الخوف؛ كان أولا يميل إلى رواية مالك يزيد بن رومان؛ ثم رجع إلى رواية . القاسم بن محمد بن أبي بكر
وروى وغيره عن مجاهد ابن عياش الزرقي؛ واسمه زيد بن الصامت -على خلاف فيه - بعسفان؛ والعدو في قبلته؛ قال: فصلى بنا [ ص: 11 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر؛ فقال المشركون: لقد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم؛ فقالوا: تأتي الآن عليهم صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم؛ وأنفسهم؛ قال: فنزل جبريل بين الظهر والعصر بهذه الآيات؛ وأخبره خبرهم؛ ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصف العسكر خلفه صفين؛ ثم كبر فكبروا جميعا؛ ثم ركع؛ فركعنا جميعا؛ ثم رفع فرفعنا جميعا؛ ثم سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصف الذي يليه؛ والآخرون قيام يحرسونهم؛ فلما سجدوا وقاموا سجد الآخرون في مكانهم؛ ثم تقدموا إلى مصاف المتقدمين؛ وتأخر المتقدمون إلى مصاف المتأخرين؛ ثم ركع؛ فركعوا جميعا؛ ثم رفع فرفعوا جميعا؛ ثم سجد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فسجد الصف الذي يليه؛ فلما رفع سجد الآخرون؛ ثم سلم فسلموا جميعا؛ ثم انصرفوا؛ قال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف عبد الرزاق بن همام في مصنفه؛ وروى عن الثوري هشام مثل هذا؛ إلا أنه قال: ينكص الصف المتقدم القهقرى حين يرفعون رؤوسهم من السجود؛ ويتقدم الآخرون فيسجدون في مصاف الأولين؛ قال عبد الرزاق ؛ عن ؛ عن معمر خلاد بن عبد الرحمن ؛ عن قال: مجاهد لم يصل النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف إلا مرتين؛ مرة بذات الرقاع من أرض بني سليم؛ ومرة بعسفان؛ والمشركون بضجنان؛ بينهم وبين القبلة.
قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -:
وظاهر اختلاف الروايات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقتضي وذكر أنه صلى صلاة الخوف في غير هذين الموطنين؛ أنه كان في غزوة ذي قرد صلاة خوف. ابن عباس
وروى عبد الله بن عمر - رحمه الله -؛ ومشى على الأصل في ألا يقضي أحد قبل زوال حكم الإمام؛ فكذلك لا يبني؛ أشهب ذكر هذا عن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بإحدى الطائفتين ركعة؛ والطائفة الأخرى مواجهة العدو؛ ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو. [ ص: 12 ] وجاء أولئك فصلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعة؛ ثم سلم؛ ثم قضى هؤلاء ركعة؛ وهؤلاء ركعة؛ في حين واحد؛ وبهذه الصفة في صلاة الخوف أخذ جماعة؛ منهم أشهب ؛ ابن عبد البر وابن يونس؛ وغيرهما؛ وحكى اللخمي عنه أن مذهبه أن يصلي الإمام بطائفة ركعة؛ ثم ينصرفوا تجاه العدو؛ وتأتي الأخرى؛ فيصلي بهم ركعة؛ ثم يسلم؛ وتقوم التي معه تقضي؛ فإذا فرغوا منه صاروا تجاه العدو؛ وقضت الأخرى؛ وهذه سنة رويت عن ؛ ورجح ابن مسعود القول بما روي عن ابن عبد البر ؛ وروي أن ابن عمر سهل بن أبي حثمة قد روي عنه مثل ما روي عن سواء؛ وروى ابن عمر ؛ حين حكى صلاة النبي - عليه الصلاة والسلام - في الخوف؛ حذيفة أنه صلى بكل طائفة ركعة؛ ولم يقض أحد من الطائفتين شيئا زائدا على ركعة؛ وذكر ؛ وغيره؛ عن ابن عبد البر جابر بن عبد الله وبهذه كان يفتي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بكل طائفة ركعتين؛ فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- بكل طائفة ركعتين ركعتين؛ فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع؛ ولكل رجل ركعتان؛ وهو قول يجيزه كل من أجاز اختلاف نية الإمام والمأموم في الصلاة. الحسن بن أبي الحسن؛
وقال أصحاب الرأي: إذا كانت صلاة المغرب افتتح الإمام الصلاة ومعه طائفة؛ وطائفة بإزاء العدو؛ فيصلي بالتي معه ركعتين؛ ثم يصيرون إلى إزاء العدو؛ وتأتي الأخرى فيدخلون مع الإمام؛ فيصلي بهم ركعة؛ ثم يسلم وحده؛ ثم يقومون إلى إزاء العدو؛ وتأتي الطائفة التي صلت مع الإمام ركعتين إلى مقامهم الأول في الصلاة؛ فيقضون ركعة وسجدتين وحدانا؛ ويسلمون؛ ثم يجيئون إلى إزاء العدو؛ وتنصرف الطائفة الأخرى إلى مقام الصلاة؛ فيقضون ركعتين بقراءة وحدانا؛ ويسلمون؛ وكملت صلاتهم.
قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -: "وهذا طرد قول أصحاب الرأي في سائر الصلوات".
مروان بن الحكم : "هل صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف؟ قال أبا هريرة : نعم؛ قال أبو هريرة : متى؟ قال مروان : عام غزوة نجد؛ قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى صلاة العصر؛ فقامت معه طائفة؛ وطائفة أخرى مقابل العدو [ ص: 13 ] وظهورهم إلى القبلة؛ فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وكبروا جميعا؛ الذين معه والذين بإزاء العدو؛ ثم ركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وركع معه الذين معه؛ وسجدوا كذلك؛ ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصارت الطائفة التي كانت معه إلى إزاء العدو؛ وأقبلت الطائفة التي كانت بإزاء العدو فركعوا وسجدوا؛ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم كما هو؛ ثم قاموا؛ فركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعة أخرى؛ وركعوا معه؛ وسجد؛ فسجدوا معه؛ ثم أقبلت الطائفة التي كانت بإزاء العدو فركعوا وسجدوا؛ ورسول الله - صلى اللـه عليه وسلم - قاعد؛ ثم كان السلام؛ فسلم رسول الله - صلى اللـه عليه وسلم - وسلموا جميعا. أبو هريرة وسأل
وأسند في مصنفه عن أبو داود - رضي الله عنها - صفة في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف؛ تقرب مما روي عن عائشة ؛ وتخالفها في أشياء؛ إلا أنها صفة في ألفاظها تداع؛ وتناقض؛ فلذلك اختصرتها. أبي هريرة
ومجموع ما ذكرنا في صلاة الخوف؛ من لدن قول أبي يوسف؛ وابن علية؛ أحد عشر قولا مع صلاة الخوف؛ لكونها خاصة للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وعشر صفات؛ على القول الشهير بأنها باقية للأمراء.