يقول تعالى ذكره : حتى إذا فتح عن يأجوج ومأجوج ، وهما أمتان من الأمم ردمهما .
كما حدثني عصام بن داود بن الجراح ، قال : ثني أبي ، قال : ثنا ، قال : ثنا سفيان بن سعيد الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، قال : ربعي بن حراش حذيفة بن اليمان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول الآيات : الدجال ، ونزول عيسى ، ونار تخرج من قعر عدن أبين ، تسوق الناس إلى المحشر ، تقيل معهم إذا قالوا ، والدخان ، والدابة ، ثم يأجوج ومأجوج . قال حذيفة : قلت : يا رسول الله ، وما يأجوج ومأجوج ؟ قال : يأجوج ومأجوج أمم كل أمة أربعمائة ألف ، لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطرف بين يديه من صلبه ، وهم ولد آدم ، فيسيرون إلى خراب الدنيا ، يكون مقدمتهم بالشام وساقتهم بالعراق ، فيمرون بأنهار الدنيا ، فيشربون الفرات والدجلة وبحيرة الطبرية حتى يأتوا بيت المقدس ، فيقولون قد قتلنا أهل الدنيا [ ص: 527 ] فقاتلوا من في السماء ، فيرمون بالنشاب إلى السماء ، فترجع نشابهم مخضبة بالدم ، فيقولون قد قتلنا من في السماء ، وعيسى والمسلمون بجبل طور سينين ، فيوحي الله جل جلاله إلى عيسى : أن أحرز عبادي بالطور وما يلي أيلة ، ثم إن عيسى يرفع رأسه إلى السماء ويؤمن المسلمون ، فيبعث الله عليهم دابة يقال لها النغف ، تدخل من مناخرهم فيصبحون موتى من حاق الشام إلى حاق العراق ، حتى تنتن الأرض من جيفهم ، ويأمر الله السماء فتمطر كأفواه القرب ، فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم ، فعند ذلك طلوع الشمس من مغربها " . سمعت
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : إن يأجوج ومأجوج يزيدون على سائر الإنس الضعف ، وإن الجن يزيدون على الإنس الضعف ، وإن يأجوج ومأجوج رجلان اسمهما يأجوج ومأجوج .
حدثنا ، قال : ثنا ابن المثنى محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة عن أبي إسحاق ، قال : سمعت وهب بن جابر يحدث ، عن عبد الله بن عمرو أنه قال : إن يأجوج ومأجوج يمر أولهم بنهر مثل دجلة ، ويمر آخرهم فيقول : قد كان في هذا مرة ماء ، لا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا ، وقال : من بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله : تأويل ، وتاريس ، وناسك أو منسك ، شك شعبة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن وهب بن جابر الخيواني ، قال : سألت عبد الله بن عمرو ، عن يأجوج ومأجوج ، أمن بني آدم هم ؟ قال : نعم ، ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله ، تاريس ، وتأويل ، ومنسك .
حدثنا ، قال : ثنا ابن المثنى سهل بن حماد أبو عتاب ، قال : ثنا شعبة عن النعمان بن سالم قالا سمعت يقول : قال نافع بن جبير بن مطعم عبد الله بن عمرو : يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلقمون ما شاءوا ، ونساء يجامعون ما شاءوا ، وشجر يلقمون ما شاءوا ، ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا .
[ ص: 528 ] حدثنا محمد بن عمارة ، قال : ثنا عبد الله بن موسى ، قال : أخبرنا زكريا ، عن عامر ، عن عمرو بن ميمون ، عن ، قال : ما مات أحد من عبد الله بن سلام يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذرء فصاعدا .
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن عطية ، قال : قال أبو سعيد : يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلا قتلوه ، إلا أهل الحصون ، فيمرون على البحيرة فيشربونها ، فيمر المار فيقول : كأنه كان هاهنا ماء ، قال : فبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم فيصيروا خبالا فتقول أهل الحصون : لقد هلك أعداء الله ، فيدلون رجلا لينظر ، ويشترط عليهم إن وجدهم أحياء أن يرفعوه ، فيجدهم قد هلكوا ، قال : فينزل الله ماء من السماء فيقذفهم في البحر ، فتطهر الأرض منهم ، ويغرس الناس بعدهم الشجر والنخل ، وتخرج الأرض ثمرتها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج .
حدثنا ، قال : ثنا محمد بن المثنى محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة عن عبيد الله بن أبي يزيد ، قال : رأى ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على بعض يلعبون ، فقال ابن عباس : هكذا يخرج يأجوج ومأجوج .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الحكم ، قال : ثنا عمرو بن قيس ، قال : بلغنا أن ملكا دون الردم يبعث خيلا كل يوم يحرسون الردم لا يأمن يأجوج ومأجوج أن تخرج عليهم ، قال : فيسمعون جلبة وأمرا شديدا .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، أن عبد الله بن عمرو ، قال : ما يموت الرجل من يأجوج ومأجوج حتى يولد له من صلبه ألف ، وإن من ورائهم لثلاث أمم ما يعلم عددهم إلا الله : منسك ، وتأويل ، وتاريس .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن عمرو البكالي ، قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة منهم الكروبيون وهم الملائكة الذي يحملون العرش ، ثم هم أيضا الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، قال : ومن بقي من الملائكة لأمر الله ووحيه ورسالته ، ثم جزأ الإنس والجن عشرة أجزاء ، فتسعة منهم الجن ، لا يولد من [ ص: 529 ] الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة ، ثم جزأ الإنس على عشرة أجزاء ، فتسعة منهم يأجوج ومأجوج ، وسائر الإنس جزء .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن قوله ( ابن جريج حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج ) قال : أمتان من وراء ردم ذي القرنين .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن غير واحد ، عن حميد بن هلال ، عن أبي الصيف ، قال : قال كعب : إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذين يلونهم قرع فئوسهم ، فإذا كان الليل قالوا : نجيء غدا فنخرج ، فيعيدها الله كما كانت ، فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده الله كما كان ، فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرع فئوسهم ، فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول : نجيء غدا فنخرج إن شاء الله ، فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه ، فيحفرون ثم يخرجون ، فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها ، ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها ، ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون : قد كان هاهنا مرة ماء - وتفر الناس منهم ، فلا يقوم لهم شيء ، يرمون بسهامهم إلى السماء ، فترجع مخضبة بالدماء ، فيقولون : غلبنا أهل الأرض وأهل السماء ، فيدعو عليهم عيسى ابن مريم ، فيقول : اللهم لا طاقة ولا يدين لنا بهم ، فاكفناهم بما شئت ، فيسلط الله عليهم دودا يقال له النغف ، فتفرس رقابهم ، ويبعث الله عليهم طيرا فتأخذهم بمناقرها فتلقيهم في البحر ، ويبعث الله عينا يقال لها الحياة تطهر الأرض منهم وتنبتها ، حتى إن الرمانة ليشبع منها السكن ، قيل : وما السكن يا كعب ؟ قال : أهل البيت ، قال : فبينا الناس كذلك ، إذ أتاهم الصريخ أن ذا السويقتين يريده ، فيبعث عيسى طليعة سبعمائة ، أو بين السبعمائة والثمانمائة ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله ريحا يمانية طيبة ، فيقبض الله فيها روح كل مؤمن ، ثم يبقى عجاج من الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم ، فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينتظرها متى تضع ، فمن تكلف بعد قولي هذا شيئا أو على هذا شيئا فهو المتكلف .
حدثنا العباس بن الوليد البيروتي ، قال : أخبرني أبي ، قال : سمعت ابن جابر ، قال : ثني محمد بن جابر الطائي ثم الحمصي ، ثني عبد الرحمن بن جبير [ ص: 530 ] بن نفير الحضرمي ، قال : ثني أبي أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي يقول : " الدجال ، وذكر أمره ، وأن عيسى ابن مريم يقتله ، ثم قال : فبينا هو كذلك ، أوحى الله إليه : يا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عيسى ، إني قد أخرجت عبادا لي لا يد لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور ، فيبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أحدهم على بحيرة طبرية ، فيشربون ما فيها ، ثم ينزل آخرهم ، ثم يقول : لقد كان بهذه ماء مرة ، فيحاصر نبي الله عيسى وأصحابه ، حتى يكون رأس الثور يومئذ خيرا لأحدهم من مائة دينار لأحدكم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم ، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ، فيهبط نبي الله عيسى وأصحابه ، فلا يجدون موضعا إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم ودماؤهم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل عليهم طيرا كأعناق البخت ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ، ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة .
وأما قوله ( وهم من كل حدب ينسلون ) فإن أهل التأويل اختلفوا في المعني به ، فقال بعضهم : عني بذلك بنو آدم أنهم يخرجون من كل موضع كانوا دفنوا فيه من الأرض ، وإنما عني بذلك الحشر إلى موقف الناس يوم القيامة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله ( من كل حدب ينسلون ) قال : جمع الناس من كل مكان جاءوا منه يوم القيامة ، فهو حدب .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنى حجاج ، عن ( ابن جريح وهم من كل حدب ينسلون ) ، قال : قال ابن جريج مجاهد : جمع الناس من كل حدب من مكان جاءوا منه يوم القيامة فهو حدب .
وقال آخرون : بل عنى بذلك يأجوج ومأجوج وقوله : وهم كناية أسمائهم .
ذكر من قال ذلك : حدثنا ، قال : ثنا محمد بن بشار عبد الرحمن ، [ ص: 531 ] قال : ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، قال : ثنا أبو الزعراء عن عبد الله أنه قال : يخرج يأجوج ومأجوج فيمرحون في الأرض ، فيفسدون فيها ، ثم قرأ عبد الله ( وهم من كل حدب ينسلون ) قال : ثم يبعث الله عليهم دابة مثل النغف ، فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها فتنتن الأرض منهم ، فيرسل الله عز وجل ماء فيطهر الأرض منهم .
والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا : عنى بذلك يأجوج ومأجوج ، وأن قوله ( وهم ) كناية عن أسمائهم ، للخبر الذي حدثنا به ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر عن قتادة الأنصاري ، ثم الظفري ، عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل ، عن قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أبي سعيد الخدري يأجوج ومأجوج يخرجون على الناس كما قال الله ( يفتح من كل حدب ينسلون ) فيغشون الأرض " .
حدثني أحمد بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم بن بشير ، قال : أخبرنا العوام بن حوشب ، عن ، عن جبلة بن سحيم مؤثر ، وهو ابن عفازة العبدي ، عن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكر عن عبد الله بن مسعود عيسى ابن مريم ، قال : عيسى : عهد إلي ربي أن الدجال خارج ، وأنه مهبطي إليه ، فذكر أن معه قضيبين ، فإذا رآني أهلكه الله ، قال : فيذوب كما يذوب الرصاص ، حتى إن الشجر والحجر ليقول : يا مسلم هذا كافر فاقتله ، فيهلكهم الله تبارك وتعالى ، ويرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم ، فيستقبلهم يأجوج ومأجوج من كل حدب ينسلون ، لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ، ولا يمرون على ماء إلا شربوه . قال
حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : ثنا المحاربي ، عن أصبغ بن زيد ، عن العوام بن حوشب ، عن ، عن جبلة بن سحيم مؤثر بن عفازة ، عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه . عبد الله بن مسعود
وأما قوله ( من كل حدب ) فإنه يعني من كل شرف ونشز وأكمة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 532 ] ذكر من قال ذلك : حدثني علي قال : ثنا عبد الله قال ثني معاوية ، عن علي عن ابن عباس ، قوله ( من كل حدب ينسلون ) يقول : من كل شرف يقبلون .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر عن قتادة ( من كل حدب ينسلون ) قال : من كل أكمة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وهم من كل حدب ينسلون ) قال : الحدب : الشيء المشرف ، وقال الشاعر :
على الحداب تمور
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ) قال : هذا مبتدأ يوم القيامة .
وأما قوله ( ينسلون ) فإنه يعني أنهم يخرجون مشاة مسرعين في مشيهم كنسلان الذئب ، كما قال الشاعر :
عسلان الذئب أمسى قاربا برد الليل عليه فنسل