( قوله لم يجز بيع الميتة والدم ) لانعدام المالية التي هي ركن البيع فإنهما لا يعدان مالا عند أحد ، وهو من قسم الباطل والمؤلف رحمه الله تعالى لما استعمل الفاسد في الباب للأعم عبر بعدم الجواز الشامل للباطل والفاسد ، وفي القاموس الميتة ما لم تلحقه ذكاة وبالكسر للنوع ا هـ .
فإن أريد بعدم الجواز عدمه في حق المسلمين بقيت الميتة على إطلاقها ، وإن أريد الأعم للمسلم والكافر فيراد بها ما مات حتف أنفه أما المنخنقة والموقوذة فغير داخلة لما في التجنيس لا يجوز لأنها ليست بمال عندهم ، ولو أهل الكفر إذا باعوا الميتة فيما بينهم جاز لأنها عندهم بمنزلة الذبيحة عندنا ، وفي جامع باعوا ذبيحتهم ، وذبحهم أن يخنقوا الشاة ، ويضربوها حتى تموت يجوز البيع عندهم عند الكرخي خلافا أبي يوسف [ ص: 77 ] لمحمد أنهم يتمولونها كالخمر لأبي يوسف أن أحكامهم كأحكامنا إلا في الخمر ، وفي الذخيرة أراد بالميتة ما مات حتف أنفه أما التي ماتت بالسبب كالخنق ، والجرح في غير موضع الذبح فالمبيع فاسد لا باطل ، وكذلك ذبائح المجوس مال متقوم عندهم بمنزلة الخمر كذا في المعراج . ولمحمد
وحاصله أن فيما لم يمت حتف أنفه بل بسبب غير الذكاة روايتين بالنسبة إلى الكافر ، وفي رواية الجواز ، وفي رواية الفساد ، وأما البطلان فلا ، وأما في حقنا فالكل سواء قال في البدائع ، ولا ينعقد عندنا ، وذبيحة المجنون والصبي الذي لا يعقل ، وكذا بيع الميتة والدم وذبيحة المجوسي والمرتد والمشرك ، ومتروك التسمية عمدا الحرم محرما كان الذابح أو حلالا ، وذبيحة المحرم من الصيد في الحل أو ذبيحة صيد الحرم لأن الكل ميتة ، ولا ينعقد سواء كان صيد بيع صيد المحرم الحرم أو الحل . ا هـ .
وفي البزازية لا يجوز ا هـ . بيع متروك التسمية عمدا من كافر
أطلقه فشمل ما إذا كانت الميتة مبيعا أو ثمنا ، والدم قال في القاموس أصله دمي تثنيته دميان ودمان ، وجمعه دماء ودمي ، وقطعته دمة ، وهي لغة في الدم ، وقد دمي كرضي دمى ، وأدميته ودميته ، وهو دامي . ا هـ .
وأراد بالدم الدم المسفوح أما فإنه جائز ، وأراد بالميتة ما سوى السمك والجراد ، وأشار إلى منع ما ليس بمال كبيع العذرة الخالصة ، ويجوز بيع الكبد والطحال كذا في السراج الوهاج ( قوله بيع السرقين ، والبعر ، والانتفاع به ، والوقود به للنهي عن بيعهما وقربانهما ، وصرح في الهداية بالفساد فيهما لوجود حقيقة البيع ، وهو مبادلة المال بالمال فإنه مال عند البعض ، ومراده ما إذا كانا مبيعين قوبلا بعرض بيع مقايضة أما إذا قوبلا بالدراهم أو الدنانير فالبيع باطل حتى لو بيع أحدهما بعبد فقبضه البائع ، وأعتقه نفذ عتقه . والخنزير والخمر ) أي في حق المسلم
ولو استحقه مستحق فالمشتري خصم له بخلاف بيعة الميتة إذا أعتقه لم ينفذ ، وإذا استحق فليس بخصم كما في البناية ، والفرق أن الخمر مال في الجملة في شرع ثم أمر بإهانتها في شرع آخر بطريق النسخ ، وفي تمليكها بالعقد مقصودا إعزاز له بخلاف جعله ثمنا ، واعتبر في بيع المقايضة الخمر ثمنا ، والعرض مبيعا ، والعكس ، وإن كان ممكنا لكن ترجح هذا الاعتبار لما فيه من الاحتياط للقرب من تصحيح تصرف العقلاء المكلفين بطريق الإعزاز للعرض فاعتبرنا ذكرها لإعزاز الثوب لا الثوب للخمر فوجبت قيمة العرض لا الخمر ، ولا فرق بين دخول البائع على الثوب أو الخمر في جعل الثوب هو المبيع كذا في فتح القدير .
والحاصل أن بيع نفس الخمر باطل مطلقا ، وإنما الكلام فيما قابله فإن دينا كان باطلا أيضا ، وإن عرضا كان فاسدا ، وجلد الميتة كالخمر في رواية كالميتة في أخرى ، وفي القاموس الخمر ما أسكر من عصير العنب أو عام كالخمرة ، وقد تذكر ، والعموم أصح لأنها حرمت ، وما بالمدينة خمر عنب ، وما كان شرابهم إلا البسر والتمر . ا هـ .
قيد بالخمر لأن بيع ما سواها من الأشربة المحرمة كالسكر ونقيع الزبيب والمنصف جائز عنده خلافا لهما كذا في البدائع ، وقيدنا بالمسلم لأن أهل الذمة ما يمنعون من بيعها ثم اختلفوا فقال بعضهم يباح الانتفاع بهما لهم شرعا كالخل والشاة فكان مالا في حقهم ، وقال بعضهم هما حرامان عليهما لأن الكفار مخاطبون بالحرمات ، وهو الصحيح من مذهب أصحابنا ، ولكن لا يمنعون من بيعهما لأنهم يعتقدون الحل والتمول ، وقد أمرنا بتركهم ، وما يدينون كذا في البدائع .
وأشار المؤلف إلى أن الذميين إذا تبايعا خمرا أو خنزيرا ثم أسلما أو أسلم أحدهما قبل القبض فإن البيع يفسخ لأن التسليم والقبض حرام كالبيع بخلاف ما إذا كان الإسلام بعد القبض لأن الموجود الدوام ، وهو لا ينافي .
ولو فإن أسلم المقرض سقطت الخمر لأن إسلامه مانع من قبضها ، ولا شيء له من قيمتها على المستقرض لأن العجز جاء من قبله ، وإن أسلم المستقرض ففيه روايتان في رواية كالأول [ ص: 78 ] وفي أخرى ، وهو قول أقرض الذمي خمرا من ذمي ثم أسلم أحدهما تجب قيمتها كذا في البدائع ، وقيد بالخمر والخنزير لأن بيع آلات اللهو كالبربط والطبل والمزمار والدف صحيح مكروه عند محمد ، وقالا لا ينعقد بيعها ، والصحيح قوله للانتفاع بها شرعا من وجه آخر ، وعلى هذا الاختلاف بيع النرد والشطرنج ، وعلى هذا الاختلاف الضمان على من أتلفها فعنده يضمن ، وعندهما لا كذا في البدائع ، ولكن الفتوى في الضمان على قولهما كما سيأتي في الغصب ، ومحله ما إذا كسرها غير القاضي ، والمحتسب أما هما فلا ضمان اتفاقا ، وقد ذكر في أول سير اليتيمة الفرق بين المتقوم والمعصوم ا هـ . الإمام
[ ص: 77 ]