ابن نجيد
الشيخ الإمام القدوة المحدث الرباني شيخ نيسابور أبو عمرو إسماعيل بن نجيد بن الحافظ أحمد بن يوسف بن خالد السلمي النيسابوري الصوفي كبير الطائفة ، ومسند خراسان .
مولده في سنة اثنتين وسبعين ومائتين .
سمع أبا مسلم الكجي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، ومحمد بن أيوب البجلي ، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي ، ، وإبراهيم بن أبي طالب وعلي بن الجنيد الرازي ، وجعفر بن أحمد بن نصر ، وجماعة .
وله جزء من أعلى ما سمعناه .
حدث عنه سبطه أبو عبد الرحمن السلمي ، ، وأبو عبد الله الحاكم وأبو نصر أحمد بن عبد الرحمن الصفار ، وعبد الرحمن بن حمدان النصروي . وعبد القاهر بن طاهر الأصولي ، وأبو نصر عمر بن قتادة ، وأبو العلاء صاعد بن محمد القاضي ، وأبو نصر محمد بن عبدش ، وأبو حفص عمر بن مسرور ، وآخرون .
ومن محاسنه أن شيخه الزاهد أبا عثمان الحيري طلب في مجلسه مالا [ ص: 147 ] لبعض الثغور ، فتأخر ، فتألم وبكى على رءوس الناس ، فجاءه ابن نجيد بألفي درهم ، فدعا له ، ثم إنه نوه به ، وقال : قد رجوت لأبي عمرو بما فعل ، فإنه قد ناب عن الجماعة ، وحمل كذا وكذا ، فقام ابن نجيد ، وقال : لكن إنما حملت من مال فامي وهي كارهة ، فينبغي أن ترده لترضى . فأمر أبو عثمان بالكيس فرد إليه ، فلما جن الليل جاء بالكيس ، والتمس من الشيخ ستر ذلك ، فبكى ، وكان بعد ذلك يقول : أنا أخشى من همة أبي عمرو .
وقال : ورث الحاكم أبو عمرو من آبائه أموالا كثيرة ، فأنفق سائرها على العلماء والزهاد ، وصحب أبا عثمان الحيري ، وسمع من والجنيد الكجي وغيره .
قال أبو عبد الرحمن السلمي جدي له طريقة ينفرد بها من صون الحال وتلبيسه ، سمعته يقول : كل حال لا يكون عن نتيجة علم - وإن جل - فإن ضرره على صاحبه أكبر من نفعه . وسمعته يقول : لا يصفو لأحد قدم في العبودية حتى تكون أفعاله عنده كلها رياء ، وأحواله كلها عنده دعاوى . وقال جدي : من قدر على إسقاط جاهه عند الخلق ، سهل عليه الإعراض عن الدنيا وأهلها .
وسمعت أبا عمرو بن مطر يقول : سمعت أبا عثمان الحيري ، وخرج من عنده ابن نجيد يقول : يلومني الناس في هذا الفتى ، وأنا لا أعرف على طريقته سواه ، وربما يقول : هو خلفي من بعدي .
[ ص: 148 ] وقال بعض المشايخ لي : جدك من الأوتاد .
توفي ابن نجيد في ربيع الأول سنة خمس وستين وثلاثمائة عن ثلاث وتسعين سنة .
ومات معه ، ابن عدي وأحمد بن جعفر الختلي ، وأحمد بن نصر الذارع الواهي ، وأبو علي الحسن بن منير الدمشقي ، والحافظ أبو علي الماسرجسي ، وأبو بكر القفال الشاشي ، والمعز صاحب القاهرة ، ومنصور بن عبد الملك الساماني صاحب ما وراء النهر .