قوله ( لا ) أي لا يصح لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لم يقبض ، ولأن فيه غرر انفساخ العقد على اعتبار الهلاك ، قيد بالبيع لأن هبته والتصدق [ ص: 127 ] به ، وإقراضه من غير البائع جائز عند بيع المنقول ، وهو الأصح خلافا محمد ، وأما لأبي يوسف موقوفة ، وللبائع حبسه بالثمن ، وإن نقده نفذت كذا ذكر الشارح ، ولا خصوصية لها بل كل عقد يقبل النقض فهو موقوف كما قدمناه ، وأما كتابة العبد المبيع قبل القبض فجائز لأن الغرر لا يمنع جوازه بدليل صحة تزويج الآبق ، وأما الوصية به قبل القبض فصحيحة اتفاقا لأنها أخت الميراث ، ولو تزويج الجارية المبيعة قبل قبضها انفسخ النكاح على قول زوجها قبل القبض ثم فسخ البيع ، وهو المختار كما في الولوالجية ، وأطلق البيع فشمل الإجارة لأنها بيع المنافع ، والصلح لأنه بيع قالوا ما لا يجوز بيعه قبل القبض لا تجوز إجارته ، ولا يجوز بيع الأجرة العين قبل القبض لأنها بمنزلة المبيع ، وأراد بالمنقول المبيع المنقول فجاز بيع غيره كالمهر وبدل الخلع والعتق على مال وبدل الصلح على دم العمد والأصل كما في الإيضاح أن كل عوض ملك بعقد ينفسخ بهلاكه قبل قبضه فالتصرف فيه غير جائز ، وما لا فجائز . أبي يوسف
وأطلق في منع البيع فشمل ما إذا باعه من بائعه قبل القبض لم يصح ولا ينتقض البيع الأول بخلاف ما إذا وهبه منه وقبلها فإنه ينتقض لأن الهبة مجاز عن الإقالة بخلاف البيع ، وفي الخانية جاز شراؤه ، ولو باعه البائع بعد الإقالة من غير المشتري لا يجوز بيعه . ا هـ . اشترى عبدا وقبضه ثم تقايلا البيع ، ولم يتقابضا حتى اشتراه من البائع
وهذا كله في فإن تصرف فيه البائع قبل قبضه فهو على وجهين إما أن يكون بأمر المشتري أو بغير أمره فإن كان الأول ذكر في الخانية تصرف المشتري في المبيع قبل قبضه جازت الهبة وصار المشتري قابضا ، وكذا لو رجل اشترى عبدا ولم يقبضه فأمره أن يهبه من فلان ففعل البائع ذلك ، ودفعه إلى الموهوب له جاز وصار المستأجر قابضا للمشتري أولا ثم يصير قابضا لنفسه ، والأجر الذي يأخذه البائع من المستأجر يحسبه من الثمن إن كان من جنسه ، وكذا لو أمر البائع أن يؤاجره فلانا معينا أو غير معين ففعل جاز ، ويصير قابضا ا هـ . أعار العبد البائع من رجل قبل التسليم إلى المشتري أو وهب أو رهن فأجاز المشتري ذلك
ثم قال كان الهلاك على البائع لأن المدفوع إليه يمسكه للثمن لأجل البائع فتكون يده كيد البائع ، ولو اشترى ثوبا ولم يقبضه ولم ينقد الثمن ثم قال للبائع لا أئتمنك عليه ادفعه إلى فلان يكون عنده حتى أدفع إليك الثمن فدفعه البائع إلى فلان فهلك من يده كان فسخا للبيع لأنه لا يصلح نائبا عن المشتري في ذلك فكان مجازا عن الفسخ ليكون واطئا وآكلا مال نفسه ، وأما الآمر بالبيع فعلى ثلاثة أوجه أمر المشتري البائع بوطء الجارية أو بأكل الطعام ففعل كان فسخا ، وإن إن قال البائع بعه لنفسك فباعه لا يجوز البيع ، ولا يكون فسخا ، ولو قال بعه لي كان فسخا ، وجاز البيع الثاني للمأمور في قول قال بعه أو بعه ممن شئت فباعه ، وقال محمد لا يكون فسخا ، وهو كقوله بعه لي ، ولو اشترى ثوبا أو حنطة فقال للبائع بعه قال أبو حنيفة الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل إن كان ذلك قبل قبض المشتري وقبل الرؤية يكون فسخا ، وإن لم يقل البائع نعم لأن المشتري ينفرد بالفسخ في خيار الرؤية ، وإن فما لم يقبل البائع ولم يقل نعم لا يكون فسخا ، وإن كان ذلك بعد القبض والرؤية لا يكون فسخا ، ويكون وكيلا بالبيع سواء قال بعه أو بعه لي . ا هـ . قال بعه لي أي كن وكيلا في الفسخ
وأما إذا كان بغير أمره ولم يلحقه إجازة فذكر في الخانية انفسخ البيع ، ولا يضمن المشتري أحدا من هؤلاء لأنه إن ضمنهم رجعوا على البائع ، ولو أعاره أو وهبه فمات عند المستعير أو الموهوب له أو أودعه فاستعمله المودع فمات من ذلك كان للمشتري الخيار إن شاء أمضى البيع وضمن المستعير والمودع ، والموهوب له ، وإن شاء فسخ البيع لأنه لو ضمن هؤلاء ليس للضامن أن يرجع على البائع . رجل اشترى عبدا بألف ولم يقبضه حتى رهنه البائع أو آجره أو أودعه فمات
ولو [ ص: 128 ] باعه البائع فمات عند المشتري الثاني من عمله أو من غير عمله كان المشتري الأول بالخيار إن شاء فسخ البيع ، وإن شاء ضمن المشتري الثاني ثم يرجع المشتري الثاني على البائع بالثمن إن كان نقده الثمن ، وإلا لم يرجع ، ولو كان للمشتري أن يضمن القاتل قيمته لأنه إذا ضمن لم يرجع على البائع ، وإن أمر البائع رجلا بذبح شاة فذبحها إن كان الذابح يعلم بالبيع فللمشتري تضمينه ، ولا رجوع له ا هـ . أمر البائع رجلا فقتله
[ ص: 127 ]