قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين [ ص: 132 ] وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير
قوله تعالى: قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا يعني الأصنام ، وفي دعائها في هذا الموضع تأويلان: أحدهما: عبادتها. والثاني: طلب النجاح منها. فإن قيل: فكيف قال ولا يضرنا؟ ودعاؤها لما يستحق عليه من العقاب ضار؟ قيل: معناه ما لا يملك لنا ضرا ولا نفعا. ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله بالإسلام. كالذي استهوته الشياطين في الأرض فيه قولان: أحدهما: أنه استدعاؤها إلى قصدها واتباعها ، كقوله تعالى: فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم [إبراهيم: 37] أي تقصدهم وتتبعهم. والثاني: أنها أمرها بالهوى. وحكى عن أبو صالح : أن هذه الآية نزلت في ابن عباس وامرأته حين دعوا ابنهما أبي بكر عبد الرحمن إلى الإسلام والهدى أن يأتيهما. قوله تعالى: وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق في الحق الذي خلق به السماوات والأرض أربعة أقاويل: أحدها: أنه الحكمة. والثاني: الإحسان إلى العباد. والثالث: نفس خلقها فإنه حق. [ ص: 133 ] والرابع: يعني بكلمة الحق. ويوم يقول كن فيكون فيه قولان: أحدهما: أن يقول ليوم القيامة: كن فيكون ، لا يثني إليه القول مرة بعد أخرى ، قاله . والثاني: أنه يقول للسماوات كوني صورا ينفخ فيه لقيام الساعة ، فتكون صورا مثل القرآن ، وتبدل سماء أخرى ، قاله مقاتل . وفي قوله تعالى: الكلبي وله الملك يوم ينفخ في الصور قولان: أحدهما: أن الصور قرن ينفخ فيه النفخة الأولى للفناء ، والثانية للإنشاء علامة للانتهاء والابتداء ، وهو معنى قوله تعالى: ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [الزمر: 68] . والثاني: أن الصور جمع صورة تنفخ فيها روحها فتحيا. ثم قال تعالى: عالم الغيب والشهادة فيه قولان: أحدهما: أنه عائد إلى خلق السماوات والأرض ، والغيب ما يغيب عنكم ، والشهادة ما تشاهدون. والثاني: أنه عائد إلى نفخ الصور هو عالم الغيب والشهادة المتولي للنفخة.