لكيلا تأسوا على ما فاتكم [23] أي من أمر الدنيا إذ أعلمكم الله جل وعز أنه مفروغ منه مكتوب ( ولا تفرحوا بما آتاكم ) وهو الفرح الذي يؤدي إلى المعصية ، وقرأ ( ولا تفرحوا بما أتاكم) وهو اختيار أبو عمرو ، واحتج أنه لو آتاكم لكان الأول أفاتكم . قال أبي عبيد : وهذا الاحتجاج مردود عليه من العلماء وأهل النظر؛ لأن كتاب الله عز وجل لا يحمل على المقاييس ، وإنما يحمل بما تؤديه الجماعة فإذا جاء [ ص: 366 ] رجل فقاس بعد أن يكون متبعا ، وإنما تؤخذ القراءة كما قلنا أو كما قال أبو جعفر : ما قرأت حرفا حتى يجتمع عليه رجلان من الأئمة أو أكثر . فقد صارت قراءة نافع بن أبي نعيم عن ثلاثة أو أكثر ولا نعلم أحدا قرأ بهذا الذي اختاره نافع إلا أبو عبيد ، ومع هذا فالذي رغب عنه معروف المعنى صحيح قد علم كل ذي لب وعلم أن ما فات الإنسان أو أتاه فالله عز وجل فاته إياه أو آتاه إياه ، ولو لم يعلم هذا إلا من قوله جل وعز ( أبا عمرو ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) والله ( لا يحب كل مختال فخور ) أي في مشيته تكبرا وتعظما فخور على الناس بماله ودنياه ، وإنما ينبغي أن يتواضع لله جل وعز ويشكره ويثني عليه .