ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما ( 40 ) ) القول في تأويل قوله تعالى : (
يقول - تعالى ذكره - : ما كان أيها الناس محمد أبا ولا أبا أحد من رجالكم الذين لم يلده زيد بن حارثة ، محمد ؛ فيحرم عليه نكاح زوجته بعد فراقه إياها ، ولكنه رسول الله وخاتم النبيين ، الذي ختم النبوة فطبع عليها ، فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة ، وكان الله بكل شيء من أعمالكم ومقالكم وغير ذلك ذا علم لا يخفى عليه شيء .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ) قال : نزلت في زيد ، إنه لم يكن بابنه ، ولعمري ولقد ولد له ذكور ؛ إنه لأبو القاسم وإبراهيم والطيب والمطهر ( ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) أي : آخرهم ( وكان الله بكل شيء عليما ) .
حدثني محمد بن عمارة قال : ثنا علي بن قادم قال : ثنا سفيان ، عن [ ص: 279 ] نسير بن ذعلوق ، عن علي بن الحسين في قوله ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ) قال : نزلت في والنصب في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعنى تكرير كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والرفع بمعنى الاستئناف ؛ ولكن هو رسول الله ، والقراءة النصب عندنا . زيد بن حارثة ،
واختلفت القراء في قراءة قوله ( وخاتم النبيين ) فقرأ ذلك قراء الأمصار سوى الحسن وعاصم بكسر التاء من خاتم النبيين ، بمعنى : أنه ختم النبيين . ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله ( ولكن نبيا ختم النبيين ) فذلك دليل على صحة قراءة من قرأه بكسر التاء ، بمعنى : أنه الذي ختم الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - وعليهم ، وقرأ ذلك فيما يذكر الحسن وعاصم ( خاتم النبيين ) بفتح التاء ، بمعنى : أنه آخر النبيين ، كما قرأ ( مختوم خاتمه مسك ) بمعنى : آخره مسك من قرأ ذلك كذلك .