يقول - تعالى ذكره - : وعند هؤلاء المخلصين من عباد الله في الجنة قاصرات الطرف ، وهن النساء اللواتي قصرن أطرافهن على بعولتهن ، لا يردن غيرهم ، ولا يمددن أبصارهن إلى غيرهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ( وعندهم قاصرات الطرف عين ) يقول : عن غير أزواجهن .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وعندهم قاصرات الطرف عين ) قال : على أزواجهن ، زاد الحارث في حديثه : لا تبغي غيرهم .
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن في قوله ( السدي ، وعندهم قاصرات الطرف ) قال : قصرن أبصارهن وقلوبهن على [ ص: 42 ] أزواجهن ، فلا يردن غيرهم .
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن قال : ذكر أيضا عن السدي منصور ، عن مجاهد مثله .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وعندهم قاصرات الطرف ) قال : قصرن طرفهن على أزواجهن ، فلا يردن غيرهم .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قول الله ( قاصرات الطرف ) قال : لا ينظرن إلا إلى أزواجهن ، قد قصرن أطرافهن على أزواجهن ، ليس كما يكون نساء أهل الدنيا .
وقوله ( عين ) يعني بالعين : النجل العيون عظامها ، وهي جمع عيناء ، والعيناء : المرأة الواسعة العين عظيمتها ، وهي أحسن ما تكون من العيون .
ونحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن في قوله ( عين ) قال : عظام الأعين . السدي ،
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( عين ) قال : العيناء : العظيمة العين .
حدثنا قال : ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب محمد بن الفرج الصدفي الدمياطي ، عن عمرو بن هاشم ، عن ابن أبي كريمة ، عن عن أبيه ، عن هشام بن حسان ، أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : قلت : . يا رسول الله أخبرني عن قول الله : ( حور عين ) قال : " العين : الضخام العيون ، شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر "
وقوله ( كأنهن بيض مكنون ) اختلف أهل التأويل في الذي به شبهن من [ ص: 43 ] البيض بهذا القول ، فقال بعضهم : شبهن ببطن البيض في البياض ، وهو الذي داخل القشر ، وذلك أن ذلك لم يمسه شيء .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله ( كأنهن بيض مكنون ) قال : كأنهن بطن البيض .
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي كأنهن بيض مكنون ) قال : البيض حين يقشر قبل أن تمسه الأيدي .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( كأنهن بيض مكنون ) لم تمر به الأيدي ولم تمسه ، يشبهن بياضه .
وقال آخرون : بل شبهن بالبيض الذي يحضنه الطائر ، فهو إلى الصفرة ، فشبه بياضهن في الصفرة بذلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( كأنهن بيض مكنون ) قال : البيض الذي يكنه الريش ، مثل بيض النعام الذي قد أكنه الريش من الريح ، فهو أبيض إلى الصفرة فكأنه يبرق ، فذلك المكنون .
وقال آخرون : بل عنى بالبيض في هذا الموضع : اللؤلؤ ، وبه شبهن في بياضه وصفائه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( كأنهن بيض مكنون ) يقول : اللؤلؤ المكنون .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال : شبهن في بياضهن ، وأنهن لم يمسهن قبل أزواجهن إنس ولا جان ببياض البيض الذي هو داخل [ ص: 44 ] القشر ، وذلك هو الجلدة الملبسة المح قبل أن تمسه يد أو شيء غيرها ، وذلك لا شك هو المكنون ، فأما القشرة العليا فإن الطائر يمسها ، والأيدي تباشرها ، والعش يلقاها . والعرب تقول لكل مصون : مكنون . ما كان ذلك الشيء ، لؤلؤا كان أو بيضا أو متاعا ، كما قال أبو دهبل :
وهي زهراء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون
وتقول لكل شيء أضمرته الصدور : أكنته ، فهو مكن .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا قال : ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب محمد بن الفرج الصدفي الدمياطي ، عن عمرو بن هاشم عن ابن أبي كريمة ، عن هشام ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة " قلت : كأنهن بيض مكنون ) قال : " رقتهن كرقة الجلدة التي رأيتها في داخل البيضة التي تلي القشر وهي الغرقئ " يا رسول الله أخبرني عن قوله (
وقوله ( فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) يقول - تعالى ذكره - : فأقبل بعض أهل الجنة على بعض يتساءلون ، يقول : يسأل بعضهم بعضا .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) أهل الجنة .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) قال : أهل الجنة .
[ ص: 45 ]