وهو أعلم بالمهتدين إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله
تعليل لجملة فستبصر ويبصرون بأييكم المفتون باعتبار ما تضمنته من التعريض بأن الجانب المفتون هو الجانب القائل له ( إنك لمجنون ) وأن ضده بضده هو الراجع العقل أي الذي أخبرك بما كنى عنه قوله فستبصر ويبصرون من أنهم المجانين هو الأعلم بالفريقين ، وهو الذي أنبأك بأن سيتضح الحق لأبصارهم فتعين أن المفتون هو الفريق الذين وسموا النبيء - صلى الله عليه وسلم - بأنه مجنون المردود عليهم بقوله تعالى ما أنت بنعمة ربك بمجنون إذ هم الضالون عن سبيل رب النبيء - صلى الله عليه وسلم - لا محالة ، وينتظم بالتدرج من أول السورة إلى هنا أقيسة مساواة مندرج بعضها في بعض تقتضي مساواة حقيقة من ضل عن سبل رب النبيء - صلى الله عليه وسلم - بحقيقة المفتون . ومساواة حقيقة المفتون بحقيقة المجنون ، فتنتج أن فريق المشركين هم المتصفون بالجنون بقاعدة قياس المساواة أن مساوي المساوي لشيء مساو لذلك الشيء .
[ ص: 68 ] وهذا الانتقال تضمن وعدا ووعيدا ، بإضافة السبيل إلى الله ومقابلة من ضل عنه بالمهتدين .
وعموم من ضل عن سبيله وعموم المهتدين يجعل هذه الجملة مع كونها كالدليل هي أيضا من التذييل .
وهو بعد هذا كله تمهيد وتوطئة لقوله فلا تطع المكذبين .