[ ص: 118 ] القول في تأويل قوله تعالى :
[44 ] أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون
"أتأمرون الناس بالبر" أي : بما فيه لله رضا من القول أو الفعل . وجماع البر كل ما فيه طاعة لله تعالى . والهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجيب من حالهم : "وتنسون أنفسكم" أي : تتركونها من البر كالمنسيات . والمعنى تخالفون ما تأمرون به من ذلك إلى غيره . وقوله "وأنتم تتلون الكتاب" تبكيت مثل قوله "وأنتم تعلمون" يعني تتلون التوراة ، وفيها الوعيد على الخيانة وترك البر ومخالفة القول العمل . "أفلا تعقلون" توبيخ عظيم بمعنى أفلا تفطنون لقبح ما أقدمتم عليه حتى يصدكم استقباحه عن ارتكابه وكأنكم في ذلك مسلوبوا العقول ، لأن العقول تأباه وتدفعه .
روى الحافظ ابن كثير الدمشقي في تفسيره عن قال : إني لأكره القصص لثلاث آيات : قوله تعالى : إبراهيم النخعي أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وقوله : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون وقوله إخبارا عن شعيب : وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب