( وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ( 22 ) ) .
( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ( 23 ) ) .
قال ، عن سعيد بن أبي عروبة قتادة ، عن الحسن ، عن أبي بن كعب ، رضي الله عنه ، قال : كان آدم رجلا طوالا كأنه نخلة سحوق ، كثير شعر الرأس . فلما وقع بما وقع به من الخطيئة ، بدت له [ ص: 398 ] عورته عند ذلك ، وكان لا يراها . فانطلق هاربا في الجنة فتعلقت برأسه شجرة من شجر الجنة ، فقال لها : أرسليني . فقالت : إني غير مرسلتك . فناداه ربه ، عز وجل : يا آدم ، أمني تفر؟ قال : رب إني استحييتك .
وقد رواه ابن جرير ، وابن مردويه من طرق ، عن الحسن ، عن أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والموقوف أصح إسنادا .
وقال عبد الرزاق : أنبأنا سفيان بن عيينة ، عن وابن المبارك الحسن بن عمارة ، عن ، عن المنهال بن عمرو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته ، السنبلة . فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما ، وكان الذي وارى عنهما من سوآتهما أظفارهما ، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ورق التين ، يلزقان بعضه إلى بعض . فانطلق آدم ، عليه السلام ، موليا في الجنة ، فعلقت برأسه شجرة من الجنة ، فناداه : يا آدم ، أمني تفر؟ قال : لا ولكني استحييتك يا رب . قال : أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة ، عما حرمت عليك . قال : بلى يا رب ، ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدا يحلف بك كاذبا . قال : وهو قوله ، عز وجل ( وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) قال : فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ، ثم لا تنال العيش إلا كدا . قال : فأهبط من الجنة ، وكانا يأكلان منها رغدا ، فأهبط إلى غير رغد من طعام وشراب ، فعلم صنعة الحديد ، وأمر بالحرث ، فحرث وزرع ثم سقى ، حتى إذا بلغ حصد ، ثم داسه ، ثم ذراه ، ثم طحنه ، ثم عجنه ، ثم خبزه ، ثم أكله ، فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ وقال الثوري ، عن ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) قال : ورق التين . صحيح إليه .
وقال مجاهد : جعلا يخصفان عليهما من ورق الجنة كهيئة الثوب .
وقال في قوله : ( وهب بن منبه ينزع عنهما لباسهما ) قال : كان لباس آدم وحواء نورا على فروجهما ، لا يرى هذا عورة هذه ، ولا هذه عورة هذا . فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوآتهما . رواه ابن جرير بإسناد صحيح إليه .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : قال آدم : أي رب ، أرأيت إن تبت واستغفرت؟ قال : إذا أدخلك الجنة . وأما إبليس فلم يسأله التوبة ، وسأله النظرة ، فأعطي كل واحد منهما الذي سأله .
[ ص: 399 ] وقال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أكل آدم من الشجرة قيل له : لم أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها . قال : حواء أمرتني . قال : فإني قد أعقبتها أن لا تحمل إلا كرها ، ولا تضع إلا كرها . قال : فرنت عند ذلك حواء . فقيل لها : الرنة عليك وعلى ولدك .
وقال الضحاك بن مزاحم في قوله : ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه عز وجل .