إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى سبق تفسيره في سورة «البقرة» والصابئون رفع على الابتداء وخبره محذوف والنية به التأخير عما في حيز إن والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كذا والصابئون كذلك كقوله:
فإني وقيار بها لغريب وقوله:
وإلا فاعلموا أنا وأنتم ... بغاة ما بقينا في شقاق
[ ص: 137 ] أي فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك، وهو كاعتراض دل به على أنه لما كان الصابئون مع ظهور ضلالهم وميلهم عن الأديان كلها يتاب عليهم إن صح منهم الإيمان والعمل الصالح، كان غيرهم أولى بذلك. ويجوز أن يكون والنصارى معطوفا عليه ومن آمن خبرهما وخبر إن مقدر دل عليه ما بعده كقوله:نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف
ولا يجوز عطفه على محل إن واسمها فإنه مشروط بالفراغ من الخبر، إذ لو عطف عليه قبله كان الخبر خبر المبتدأ وخبر إن معا فيجتمع عليه عاملان ولا على الضمير في هادوا لعدم التأكيد والفصل، ولأنه يوجب كون الصابئين هودا. وقيل إن بمعنى نعم وما بعدها في موضع الرفع بالابتداء. وقيل الصابئون منصوب بالفتحة وذلك كما جوز بالياء جوز بالواو. من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا في محل الرفع بالابتداء وخبره. فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والجملة خبر إن أو خبر المبتدأ كما مر والراجع محذوف، أي:
من آمن منهم، أو النصب على البدل من اسم إن وما عطف عليه. وقرئ و «الصابئين» وهو الظاهر و «الصابيون» بقلب الهمزة ياء و «الصابون» بحذفها من صبا بإبدال الهمزة ألفا، أو من صبوت لأنهم صبوا إلى اتباع الشهوات ولم يتبعوا شرعا ولا عقلا.