[ ص: 86 ] ( قوله مستحق ) مفيد لشيئين أحدهما بالعبارة والآخر بالاقتضاء أما الثاني فهو لزوم قضاء الفائتة فالأصل فيه أن كل والترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت فإنه يلزم قضاؤها سواء تركها عمدا أو سهوا أو بسبب نوم وسواء كانت الفوائت كثيرة أو قليلة فلا قضاء على مجنون حالة جنونه ما فاته في حالة عقله كما لا قضاء عليه في حالة عقله لما فاته حالة جنونه ولا على مرتد ما فاته زمن ردته ولا على صلاة فاتت عن الوقت بعد ثبوت وجوبها فيه ولا على مسلم أسلم في دار الحرب ولم يصل مدة لجهله بوجوبها وزادت الفوائت على يوم وليلة ومن حكمه أن مغمى عليه أو مريض عجز عن الإيماء ما فاته في تلك الحالة فيقضي المسافر في السفر ما فاته في الحضر من الفرض الرباعي أربعا والمقيم في الإقامة ما فاته في السفر منها ركعتين كما سيأتي في آخر صلاة المسافر وقد قالوا إنما تقضى الصلوات الخمس والوتر على قول الفائتة تقضى على الصفة التي فاتت عنه إلا لعذر وضرورة أبي حنيفة على تفصيل يأتي في بابها وسنة الفجر تبعا للفرض قبل الزوال والقضاء فرض في الفرض واجب في الواجب سنة في السنة ثم وصلاة العيد إذا فاتت مع الناس بل جميع أوقات العمر وقت له إلا ثلاثة وقت طلوع الشمس ووقت الزوال ووقت الغروب فإنه لا تجوز الصلاة في هذه الأوقات لما مر في محله ليس للقضاء وقت معين
وأما الأول وهو الترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت فهو واجب عندنا يفوت الجواز بفوته فهو شرط كما صرح به في المحيط لكنه ليس بشرط حقيقة لأن بتركه لا تفوت الصحة أصلا بل الأمر موقوف كما سيأتي ولو كان شرطا لم يسقط بالنسيان كغيره من الشروط ولما لم يكن واجبا اصطلاحيا ولا فرضا لعدم قطعية الدليل ولا شرطا كذلك من كل وجه أبهم أمره فعبر بالاستحقاق والدليل على وجوبه ما في الصحيحين من حديث أن { جابر شغل بسبب كفار عمر بن الخطاب قريش يوم الخندق وقال يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب فقال : عليه الصلاة والسلام والله ما صليتها قال : فنزلنا بطحان فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعدما غربت الشمس وصلينا بعدها المغرب } ولو كان الترتيب مستحبا لما أخر عليه الصلاة والسلام لأجله المغرب التي تأخيرها مكروه بناء على أن الكراهة للتحريم فلا ترتكب لفعل مستحب وبناء على أن التأخير قدر أربع ركعات مكروه ، لكن لا دليل على كونه واجبا يفوت الجواز بفوته ، وقد أطال فيه المحقق في فتح القدير إطالة حسنة كما هو دأبه وغرضنا في هذا الكتاب تحرير المذهب في الأحكام لا تحرير الدلائل
وأما الترتيب بين الفوائت فلما رواه وغيره من أنه عليه الصلاة والسلام { أحمد الخندق فقضاهن مرتبة } وقال في حديث آخر { شغل عن أربع صلوات يوم } فدل على الوجوب قيد بالفائتة لأن غير الفائتة لا يقضى ولهذا قال في الظهيرية والخلاصة صلوا كما رأيتموني أصلي قال بعضهم يكره وقال بعضهم لا يكره لأنه أخذ بالاحتياط لكنه رجل يقضي صلوات عمره مع أنه لم يفته شيء منها احتياطا ويقرأ في الركعات كلها الفاتحة مع السورة . ا هـ . لا يقضي بعد صلاة الفجر ولا بعد صلاة العصر
وقد قدمنا عن مآل الفتاوى أنه يصلي المغرب أربعا بثلاث قعدات وكذا الوتر وذكر في القنية قولين فيها وأن الإعادة أحسن إذا كان فيها اختلاف المجتهدين وقد قدمنا أن الإعادة فعل مثله في وقته لخلل غير الفساد وعدم صحة الشروع وظاهره أن بخروج الوقت لا إعادة ويتمكن الخلل فيها مع أن قولهم كل فسبيلها الإعادة وجوبا مطلق وفي القنية ما يفيد التقييد بالوقت فإنه قال إذا صلاة أديت مع الكراهة يؤمر بالإعادة في الوقت لا بعده ثم رقم رقما آخر أن الإعادة [ ص: 87 ] أولى في الحالتين ا هـ . لم يتم ركوعه ولا سجوده
فعلى القولين لا وجوب بعد الوقت فالحاصل أن من ترك واجبا من واجباتها أو ارتكب مكروها تحريميا لزمه وجوبا أن يعيد في الوقت فإن خرج الوقت بلا إعادة أثم ولا يجب جبر النقصان بعد الوقت فلو فعل فهو أفضل ولهذا حمل صاحب القنية قولهم بكراهة قضاء صلاة عمره مرة ثانية على ما إذا لم يكن فيها شبهة الخلاف ولم تكن مؤداة على وجه الكراهة وفي التجنيس وغيره يعيد صلاة يوم وليلة لأن صلاة يوم كانت واجبة بيقين فلا يخرج عن عهدة الواجب بالشك وإذا رجل فاتته صلاة من يوم واحد ولا يدري أي صلاة هي فإن كان في الوقت أن يعيد لأن سبب الوجوب قائم وإنما لا يعمل هذا السبب بشرط الأداء قبله وفيه شك وإن خرج الوقت ثم شك فلا شيء عليه لأن سبب الوجوب قد فات وإنما يجب القضاء بشرط عدم الأداء قبله وفيه شك وإن شك في صلاة أنه صلاها أم لا وإن لم يفرغ من الصلاة فعليه إتمامها ويقعد في كل ركعة وإن شك بعدما فرغ وسلم لا شيء عليه لما قلنا ا هـ . شك في نقصان الصلاة أنه ترك ركعة
وذكر في الخلاصة في مسألة الشك في الصلاة هل صلاها أو لا وكان في الوقت لو كان الشك في صلاة العصر يقرأ في الركعة الأولى والثانية ولا يقرأ في الثالثة والرابعة ا هـ .
وكان وجهه أن [ ص: 88 ] مكروه فإن قرأ في الكل أو في الأوليين كان متنفلا بالأربع أو بالأوليين على تقدير أنه صلى الفرض أولا وإذا التنفل بعد صلاة العصر تمحض للفرض على تقدير أنه لم يصل أو للفساد على تقدير أنه صلى الفرض أولا فلم يكن متنفلا على كل تقدير لكن مقتضاه أن يقول يقرأ في كل شفع من الشفعين في ركعة ويترك القراءة في ركعة من كل شفع من غير تعيين الأولى والثانية للقراءة لأن القراءة في الفرض في ركعتين غير عين كما سبق تقريره وقد يقال إن التنفل المكروه والقصدي وهذا ليس كذلك فلا يكون مكروها كما لا يخفى فيقرأ في الأولين أو في الكل وفي الحاوي القدسي لو ترك القراءة في ركعة من كل شفع أعاد وبقول الواحد لا تجب الإعادة ا هـ . شك في إتمام صلاته فأخبره عدلان أنك لا تتم
وفيه بحث لأن خبر الواحد العدل مقبول في الديانات اللهم إلا أن يقال إن فيه إلزاما من كل فشابه حقوق العباد وقيده في المحيط بالإمام وعلله لأنها شهادة لأن حكمه يلزم الغير دون المخبر وشهادة الفرد لا تقبل ا هـ .
فيفيد أنه لو لم يكن إماما فقول الواحد مقبول فإطلاق الحاوي ليس بالحاوي وفي الحاوي أيضا لو قضى الفجر والوتر ا هـ . تذكر أنه ترك القراءة في ركعة من صلاة يوم وليلة
ووجهه إن ترك القراءة في ركعة واحدة لا يبطلها في سائر الصلوات إلا الفجر والوتر وينبغي تقييده بأن لا يكون مسافرا أما لو كان مسافرا فينبغي أن يعيد صلاة يوم وليلة كما لا يخفى وفي المحيط يقضي صلوات عشرة أيام لجواز أنه ترك كل سجدة في يوم ا هـ . رجل صلى شهرا ثم تذكر أنه ترك عشر سجدات من هذه الصلوات
وتوضيحه أن العشر سجدات تجعل مفرقة على عشر صلوات احتياطا فصار كأنه ترك صلاة من صلوات كل يوم وإذا يقضي صلاة يوم كامل فلزمه قضاء العشرة الأيام وفي القنية ترك صلاة ولم يرد تعينها مع تذكره يجوز ولا يجب الترتيب بهذا القدر ا هـ . صبي بلغ وقت الفجر ولم يصل الفجر وصلى الظهر
وهو إن صح يكون مخصصا للمتون وفي صحته نظر عندي لأنه بالبلوغ صار مكلفا اللهم إلا أن يكون جاهلا به فيعذر لقرب عهده من زمن الصبا .