( 8306 ) فصل : فإن ، جاز ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الغنائم يوم كان بينهما ثياب ، أو حيوان ، أو أوان ، أو خشب ، أو عمد ، أو أحجار ، فاتفقا على قسمتها بدر ، ويوم خيبر ، وهي تشتمل على أجناس من المال ، وسواء اتفقا على قسمة كل جنس بينهما ، أو على قسمتها أعيانا بالقيمة . وإن طلب أحدهما قسمة كل نوع على حدته ، وطلب الآخر قسمته أعيانا بالقيمة ، قدم قول من طلب قسمة كل نوع على حدته ، إذا أمكن . وإن طلب أحدهما القسمة ، وأبى الآخر ، وكان مما لا يمكن قسمته إلا بأخذ عوض عنه من غير جنسه ، أو قطع ثوب في قطعه نقص ، أو كسر إناء ، أو رد عوض ، لم يجبر الممتنع .
وإن أمكن قسمة كل نوع على حدته ، من غير ضرر ، ولا رد عوض ، فقال : يجبر الممتنع . القاضي
وهو ظاهر مذهب ، وهو قول الشافعي : لا أعرف في هذا عن إمامنا رواية ، ويحتمل أن لا يجبر الممتنع . وهو قول أبي الخطاب ابن خيران ، من أصحاب ; لأن هذا إنما يقسم أعيانا بالقيمة ، فلم يجبر الممتنع عليه ، كما لا يجبر على قسمة الدور ، بأن يأخذ هذا دارا وهذا دارا وهذا دارا ، وكالجنسين المختلفين . الشافعي
ووجه الأول ، أن الجنس الواحد كالدار الواحدة ، وليس اختلاف الجنس الواحد في القيمة بأكثر من اختلاف قيمة الدار الكبيرة والقرية العظيمة ، فإن أرض القرية تختلف ، سيما إذا كانت ذات أشجار مختلفة ، وأراض متنوعة ، والدار ذات بيوت واسعة وضيقة ، وحديثة وقديمة ، ثم هذا الاختلاف لم يمنع الإجبار على القسمة ، كذلك الجنس الواحد ، وفارق الدور ; فإنه أمكن قسمة كل دار على حدتها ، وها هنا لا يمكن قسمة كل ثوب منها أو إناء على حدته ، وإن كانت الثياب أنواعا ; كالحرير ، والقطن ، والكتان ، فهي كالأجناس ، وكذلك سائر الأموال . والحيوان كغيره من الأموال ، ويقسم النوع الواحد منه . وبه قال ، الشافعي وأبو يوسف . ومحمد
وقال : لا يقسم الرقيق قسمة إجبار ; لأنه تختلف منافعه ، ويقصد منه العقل والدين والفطنة ، وذلك لا يقع فيه التعديل . أبو حنيفة
ولنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم جزأ العبيد الذين أعتقهم الأنصاري في مرضه ثلاثة أجزاء . ولأنه نوع حيوان يدخله التقويم ، فجازت قسمته ، كسائر الحيوان ، وما ذكره غير صحيح ; لأن القيمة تجمع ذلك ، وتعد له كسائر الأشياء المختلفة .