الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3805 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فيهم ، فذكر لهم " أن الجهاد في سبيل الله ، والإيمان بالله أفضل الأعمال ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ! أرأيت أن قتلت في سبيل الله ، يكفر عنى خطاياي ؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم ، إن قلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب ، مقبل غير مدبر . ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كيف قلت ؟ فقال : أرأيت إن قتلت في سبيل الله ; أيكفر عني خطاياي ؟ فقال رسول الله : نعم ، وأنت صابر

محتسب ، مقبل غير مدبر ، إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك
" . رواه مسلم .

التالي السابق


3805 - ( وعن أبي قتادة رضي الله عنه ) : صحابي مشهور ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام ) ; أي واعظا ( فيهم ) : أي في أصحابه ( فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال ) : بالواو لمطلق الجمع ، ولعل فيه الإشارة إلى أن الجهاد مع الإيمان أفضل أعمال القلب والقالب ، ولا يشكل بما عليه الجمهور من أن الصلاة أفضل الأعمال لاختلاف الحيثيتين ، فالصلاة أفضل لمداومتها ، والجهاد أفضل لمشقته ، لا سيما الجهاد يستلزم الصلاة ، وإلا فلا فضيلة له . ( فقام رجل فقال : يا رسول الله ! أرأيت ) : أي أخبرني ( إن قتلت في سبيل الله ) : أي إن استشهدت ( يكفر ؟ ) : بالتذكير على بناء المفعول ويجوز تأنيثه ، وفي نسخة بالتذكير على بناء الفاعل ، وعلى كل فالاستفهام مقدر ; أي يمحو الله عني خطاياي ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم ، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر ) : أي غير جزع ( محتسب ) : أي طالب للأجر والمثوبة لا للرياء والسمعة ( مقبل ) : أي على العدو ( غير مدبر ) : أي عنه وهو تأكيد لما قبله . وقالالنووي : احتراز ممن يقبل في وقت ويدبر في وقت ، والمحتسب هو المخلص لله تعالى ، فإن قاتل لعصبية ، أو لأخذ غنيمة ونحو ذلك فليس له الثواب . ( ثم قال رسول الله : كيف قلت ؟ فقال : أرأيت ) : أي قلت : أرأيت ، أو معناه كيف قلت أعد القول والسؤال فقال : أرأيت ( إن قتلت في سبيل الله ; أيكفر ) : همزة الاستفهام هنا ; أي يمحى ( عني خطاياي ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم ، وأنت صابر ) : أي نعم إن [ ص: 2466 ] قتلت والحال أنك صابر ( محتسب ، مقبل غير مدبر ، إلا الدين ) : استثناء منقطع ، ويحوز أن يكون متصلا ; أي الدين الذي لا ينوي أداءه . قال التوربشتي : أراد بالدين هنا ما يتعلق بذمته من حقوق المسلمين ، إذ ليس الدائن أحق بالوعيد والمطالبة منه من الجاني والغاصب والخائن والسارق . وقال النووي : فيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين ، وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر لا يكفر حقوق الآدميين ، وإنما يكفر حقوق الله قلت : إلا شهيد البحر ، فإنه يغفر له الذنوب كلها والدين ، كما ورد في حديث . وورد ; أيضا أن الله تعالى يقبض أرواح شهداء البحر لا يكل ذلك إلى ملك الموت . ( فإن جبريل قال لي ذلك ) : أي إلا الدين . قال الطيبي ، فإن قلت : كيف قال - صلى الله عليه وسلم - : " كيف قلت " وقد أحاط بسؤاله علما ، وأجابه بذلك الجواب ؟ قلت : ليسأل ثانيا ويجيبه بذلك الجواب ، ويعلق به إلا الدين استدراكا بعد إعلام جبريل عليه السلام ; أياه صلوات الله وسلامه عليه . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية