الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
455 - وعن أنس رضي الله عنه ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه بغسل واحد . رواه مسلم " .

التالي السابق


455 - ( وعن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ) : أي : أحيانا ( " يطوف " ) : أي : يدور ( " على نسائه " ) : حين يجامعهن ( بغسل واحد ) : فإن قيل : أقل القسم ليلة لكل امرأة ، فكيف طاف على الجميع ؟ الجواب : وجوب القسم عليه مختلف فيه . قال أبو سعيد الإصطخري : لم يكن واجبا عليه ، بل كان يقسم بالتسوية تبرعا وتكرما ، والأكثرون على وجوبه ، وكان طوافه صلى الله عليه وسلم برضاهن ، وأما الطواف بغسل واحد فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم توضأ فيما بينه أو تركه لبيان الجواز . ( رواه مسلم ) . قال السيد جمال الدين : ورواه البخاري إلا أنه لم يذكر بغسل واحد يفهم من سياقه . وقال ميرك : وروى البخاري عن قتادة ، عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة في الليل والنهار ، وهن إحدى عشرة . لم يذكر مسلم عدد النسوة ، ولم يذكر البخاري الغسل ا هـ .

والمراد بقوله : وهن إحدى عشرة الأزواج الطاهرات جملتهن الموطوءات في ليلة واحدة إذ منهن ليس خديجة ، وهي لم تجتمع معهن . قال في المواهب : فهؤلاء أزواجه اللاتي دخل بهن ، لا خلاف في ذلك بين أهل السير والعلم بالأثر : خديجة ، وعائشة ، وحفصة ، وأم حبيبة ، وأم سلمة ، وسودة ، وزينب ، وميمونة ، وأم المساكين ، وجويرية ، وصفية ، اللهم إلا أن يقال بتغليب النساء على السراري ، والله تعالى أعلم . وجاء في خبر البخاري أنه قيل لأنس : أوكان يطيقه ؟ فقال : كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين رجلا . وعند الإسماعيلي عن معاذ : قوة أربعين . زاد أبو نعيم ، عن مجاهد : كل رجل من رجال أهل الجنة . وفي الحديث قال الترمذي : صحيح غريب ; إذ كل رجل من أهل الجنة يعطى قوة مائة رجل ، فيكون عليه الصلاة والسلام أعطي قوة أربعة آلاف رجل ، وكذا يندفع ما استشكل من كونه عليه الصلاة والسلام أعطي قوة أربعين فقط ، وأعطي سليمان قوة مائة رجل أو ألف على ما ورد ، وحكمة تميزه عن الخلق في زيادة الوطء وقلة الأكل أن الله جمع له بين الفضيلتين في الأمور الاعتيادية ، كما جمع الله له بين الفضيلتين في الأمور الشرعية ، حتى يكون حاله كاملا في الدارين ، بل فيه خرق للعادة ; لأن من قل أكله قل جماعه غالبا ، ولعل هذه الحكمة في إباحة أربع من النساء ، ويدل على أنه كان في غاية من الصبر عن الجماع بالنسبة إلى ما أعطي من قوته ، ويحتمل أنه أعطي قوة أكل أربعين في الأكل أيضا لتلازمهما غالبا ، فيدل على غاية صبره على الجوع أيضا ، وأنه كان يطعمه ربه ويسقيه ، بمعنى أنه يسليه حضوره مع الله وعدم شعوره عما سواه من الأكل والشراب وغيرهما ، والله تعالى أعلم .

[ ص: 436 ]



الخدمات العلمية