الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4806 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10365253كان للنبي حاد يقال له : أنجشة ، وكان حسن الصوت . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=treesubj&link=19292_19316رويدك يا أنجشة لا تكسر القوارير " قال قتادة : يعني ضعفة النساء . متفق عليه .
4806 - ( وعن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال : كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - حاد ) : اسم فاعل من حدا الإبل وبها حدوا وحداء وحداء : زجرها وساقها . ذكره صاحب القاموس . وفي أساس البلاغة : حداها إذا عنى بها . قال صاحب القاموس : وأصل الحداء في دي دي ، وقال فيه ما كان للناس حداء ، فضرب أعرابي غلامه وعض أصابعه فمشى وهو يقول : دي دي دي أراد بأيدي ، فسارت الإبل على صوته فقال له : الزمه وخلع عليه ، فهذا أصل الحداء اهـ ، وله تأثير بليغ في سرعة مشي الإبل وتأثير الغناء فيهن ، ومما حكي فيه أن شخصا صار ضيفا لأعرابي ، فرأى عبدا أسود مسلسلا مقيدا ، وبين يديه بعير واحد ، فقال له : اشفع لي عند سيدي ، فإنه لا يرد شفاعة الضيف فتكلم في حقه ، فقال : إن هذا عمل ذنبا كبيرا ، فإنه كان لي عشرة من الإبل فحدا بهن ليلة حتى .
[ ص: 3023 ] سرن فيها مسافة ليالي ، فلما وصلن إلى المنزل لم يبق إلا هذا الإبل ، لكن قبلت شفاعتك فقال : إذا تأمره أن يسمعني بعض حدياته وهنياته ، فأمر به ، فلما أبدى بعض الكلمات قامت الإبل ونفرت وحشية إلى الصحراء ، وقام الرجل مجنونا أو مجذوبا لا يدري أين يذهب في البيداء . ( يقال له ) أي : للحادي ( أنجشة ) : بفتح همزة وسكون نون وجيم وشين معجمة مفتوحتين ، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما في القاموس وقال السيوطي : هو غلام للنبي - صلى الله عليه وسلم - حبشي يكنى أبا مارية ( وكان ) أي : أنجشة ( حسن الصوت ) أي : وكان يحدو إبل بعض النساء ( فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : رويدك ) أي : أمهل إمهالك . ومنه قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=17أمهلهم رويدا ، فهو مصدر منصوب بفعله المقدر ، والكاف في محل جر ، وقيل اسم فعل والكاف حرف خطاب . ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10365254يا أنجشة لا تكسر القوارير ) : بالجزم على جواب الأمر ، والقوارير جمع قارورة سميت بها لاستقرار الشراب فيها ، وهي الزجاجة كني بها عن النساء لما فيهن من الرقة واللطافة وضعف البنية ، أمره أن يغض من صوته الحسن خشية أن يقع من قلوبهن موقعا لضعف عزائمهن وسرعة ثائرهن كسرعة الكسر إلى القوارير . وفي النهاية : شبهن بالقوارير ؛ لأنه يسرع إليها الكسر ، وكان أنجشة يحدو وينشد القريض والرجز ، فلم يأمن أن يصيبهن أو يقع في قلوبهن حداؤه ، فأمره بالكف عن ذلك . وفي المثل : nindex.php?page=treesubj&link=19291الغناء رقية الزنا . وقيل : أراد أن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واشتدت ، فأزعجت الراكب وأتعبته ، فنهاه عن ذلك ؛ لأن النساء يضعفن عن شدة الحركة . قلت : وهذا المعنى أظهر كما لا يخفى ، فإنه ناشئ عن الرحمة والشفقة ، وذاك عن سوء ظن لا يليق بمنصب النبوة . ( قال قتادة ) : تابعي جليل يروي عن أنس وغيره . ( يعني ) أي : يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - ( بالقوارير ضعفة النساء ) : وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف ( متفق عليه ) .