الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  القسم الأول : في طهارة الخبث

                                                                  والنظر فيه يتعلق بالمزال والمزال به والإزالة .

                                                                  الطرف الأول في المزال وهي النجاسة :

                                                                  الأعيان ثلاثة : جمادات ، وحيوانات ، وأجزاء حيوانات . أما الجمادات فطاهرة كلها إلا الخمر ، وكل منتبذ مسكر ، والحيوانات طاهرة كلها إلا الكلب والخنزير ، فإذا ماتت فكلها نجسة إلا خمسة :

                                                                  1 - الآدمي .

                                                                  2 - والسمك .

                                                                  3 - والجراد .

                                                                  4 - ودود التفاح وفي معناه كل ما يستحيل من الأطعمة .

                                                                  5 - وكل ما ليس له نفس سائلة كالذباب والخنفساء وغيرهما ، فلا ينجس الماء بوقوع شيء منها فيه .

                                                                  وأما أجزاء الحيوانات فقسمان :

                                                                  أحدهما : ما يقطع منه وحكمه حكم الميت ، والشعر لا ينجس بالجز والموت ، والعظم ينجس .

                                                                  الثاني : الرطوبات الخارجة من باطنه ، فكل ما ليس مستحيلا ولا له مقر فهو طاهر كالدمع [ ص: 22 ] والعرق واللعاب والمخاط ، وما له مقر ، وهو مستحيل فنجس ، إلا ما هو مادة الحيوان كالمني والبيض . والقيح والدم والروث والبول نجس من الحيوانات كلها ، ولا يعفى عن شيء من هذه النجاسات قليلها وكثيرها إلا عن خمسة .

                                                                  الأول : أثر النجو بعد الاستجمار بالأحجار يعفى عنه ما لم يعد المخرج .

                                                                  والثاني : طين الشوارع وغبار الروث في الطريق يعفى عنه مع تيقن النجاسة بقدر ما يتعذر الاحتراز عنه ، وهو الذي لا ينسب المتلطخ به إلى تفريط أو سقطة .

                                                                  الثالث : ما على أسفل الخف من نجاسة لا يخلو الطريق عنها فيعفى عنه بعد الدلك للحاجة .

                                                                  الرابع : دم البراغيث ما قل منه أو كثر إلا إذا جاوز حد العادة سواء كان في ثوبك أو في ثوب غيرك فلبسته .

                                                                  الخامس : دم البثرات وما ينفصل منها من قيح وصديد . دلك ابن عمر - رضي الله عنه - بثرة على وجهه فخرج منها الدم وصلى ولم يغسل . وفي معناه ما يترشح من لطخات الدماميل التي تدوم غالبا ، وكذلك أثر الفصد إلا ما يقع نادرا من جراح أو غيره فيلحق بدم الاستحاضة ولا يكون في معنى البثرات التي لا يخلو الإنسان عنها في أحواله ، ومسامحة الشرع في هذه النجاسات الخمس تعرفك أن أمر الطهارة على التساهل ، وما أبدع فيها وسوسة لا أصل لها .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية