الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1293 [ ص: 214 ] [ ص: 215 ] حديث سابع لعبد الله بن أبي بكر

مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، عن عائشة أنها قالت : كان فيما أنزل من القرآن " عشر رضعات معلومات يحرمن " ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مما يقرأ من القرآن .

التالي السابق


هذا أصح إسناد لهذا الحديث عن عائشة ، وإلى القول بهذا الحديث في مقدار الرضاع المحرم ذهب الشافعي وجماعة ، وهو مذهب عائشة ، وقد ذكرنا من جاء معهم من العلماء على ذلك ، ومن خالفهم فيه ، ودليل كل واحد منهم فيما ذهب إليه من ذلك في باب ابن شهاب ، عن عروة .

وقد تقدم القول في معنى ناسخ القرآن ، ومنسوخه ، وما في ذلك من الوجوه في باب زيد بن أسلم ، ومضى القول في مقدار ما يحرم من الرضاع ، وما للعلماء في ذلك من التنازع في باب ابن شهاب ، عن عروة أيضا .

[ ص: 216 ] حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا خالد بن الحارث ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن صالح أبي الخليل ، عن عبد الله بن الحارث ، عن مسيكة ، عن عائشة أنها قالت : لا تحرم الرضعة ، ولا الرضعتان ، ولا يحرم من الرضاع أقل من سبع رضعات .

قال أحمد بن زهير : خالفه هشام ، عن قتادة ، حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي الخليل صالح بن أبي مريم ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : إنما يحرم من الرضاع سبع رضعات .

قال : وحدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي الخليل صالح بن أبي مريم ، عن عبد الله بن الحارث ، عن أم الفضل : أن رجلا من بني عامر ، قال : يا رسول الله هل تحرم الرضعة الواحدة ؟ ، قال : لا .

قال أبو عمر : اختلف على قتادة في هذا الحديث فيما ذكر أحمد بن زهير ، وغيره ، وهي عندي أحاديث جمعها صالح بن أبي مريم ليس فيها اختلاف ، والأحاديث عن عائشة في هذا مضطربة ويستحيل أن تكون السبع منسوخة عندها بخمس ، ثم تفتي بالسبع ، ولا تقوم بما نقل عن عائشة في هذا الحديث [ ص: 217 ] حجة ، وقد مضى القول في ذلك بما يكفي في باب ابن شهاب ، والحمد لله .

وأما من جهة الإسناد فحديث مالك أثبت عند أهل العلم بالحديث من حديث صالح أبي الخليل ; لأن نقلته كلهم أئمة علماء جلة ، وإن كان قد قيل : إن مالكا انفرد بهذا الحديث عن عبد الله بن أبي بكر ، وإن عبد الله بن أبي بكر انفرد به عن عمرة ، وإنه لا يعرف إلا بهذا الإسناد ، ولكنهم عدول يجب العمل بما رووه وبالله التوفيق .




الخدمات العلمية