الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ؛ الإخبار في هذا عن أهل الكتاب؛ وعقد النصارى معهم في قوله: " وقالوا " ؛ لأن الفريقين يقرآن التوراة؛ ويختلفان في تثبيت رسالة موسى؛ وعيسى ؛ فلذلك قال الله - عز وجل -: " وقالوا " ؛ فأجملوا؛ فالمعنى أن اليهود قالت: " لن يدخل الجنة إلا من كان هودا " ؛ والنصارى قالت: " لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا " ؛ وجاز أن يلفظ بلفظ جمع؛ لأن معنى " من " ؛ معنى " جماعة " ؛ فحمل الخبر على المعنى؛ والمعنى: " إلا الذين كانوا هودا؛ وكانوا نصارى " ؛ وهو جمع " هائد " ؛ و " هود " ؛ مثل " حائل " ؛ و " حول " ؛ و " بازل " ؛ و " بزل " ؛ وقد فسرنا واحد النصارى؛ وجمعه؛ فيما مضى من الكتاب. وقوله - عز وجل -: تلك أمانيهم ؛ هذا كما يقال للذي يدعي ما لا يبرهن حقيقته: " إنما أنت متمن " ؛ و " أمانيهم " ؛ مشددة؛ ويجوز في العربية: " تلك أمانيهم " ؛ ولكن القراءة بالتشديد؛ لا غير؛ للإجماع عليه؛ ولأنه أجود في العربية. وقوله - عز وجل -: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ؛ أي: إن كنتم عند أنفسكم صادقين؛ فبينوا ما الذي دلكم على ثبوت الجنة لكم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية