الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5366 حدثنا فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة أنها كانت تأمر بالتلبينة وتقول هو البغيض النافع

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله في الطريق الثاني ( حدثنا فروة ) بفتح الفاء ( ابن أبي المغراء ) بفتح الميم وسكون المعجمة وبالمد هو الكندي الكوفي ، واسم أبي المغراء معد يكرب وكنية فروة أبو القاسم ، من الطبقة الوسطى من شيوخ البخاري ولم يكثر عنه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أنها كانت تأمرنا بالتلبينة وتقول : هو البغيض النافع ) كذا فيه موقوفا ، وقد حذف الإسماعيلي هذه الطريق وضاقت على أبي نعيم فأخرجها من طريق البخاري هذه عن فروة ، ووقع عند أحمد وابن ماجه من طريق كلثم عن عائشة مرفوعا " عليكم بالبغيض النافع التلبينة يعني الحساء " وأخرجه النسائي من وجه آخر عن عائشة وزاد " والذي نفس محمد بيده إنها لتغسل بطن أحدكم كما يغسل أحدكم الوسخ عن وجهه بالماء " وله وهو عند أحمد والترمذي من طريق محمد بن السائب بن بركة عن أمه عن عائشة قالت " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ أهله الوعك أمر بالحساء فصنع ، ثم أمرهم فحسوا منه ثم قال : إنه يرتو فؤاد الحزين ويسرو عن فؤاد السقيم ، كما تسرو إحداكن الوسخ عن وجهها بالماء . ويرتو بفتح أوله وسكون الراء وضم المثناة ويسرو وزنه بسين مهملة ثم راء ، ومعنى يرتو يقوي ومعنى يسرو يكشف ، والبغيض بوزن عظيم من البغض أي يبغضه المريض [ ص: 155 ] مع كونه ينفعه كسائر الأدوية . وحكى عياض أنه وقع في رواية أبي زيد المروزي بالنون بدل الموحدة ، قال : ولا معنى له هنا . قال الموفق البغدادي : إذا شئت معرفة منافع التلبينة فاعرف منافع ماء الشعير ولا سيما إذا كان نخالة ، فإنه يجلو وينفذ بسرعة ويغذي غذاء لطيفا ، وإذا شرب حارا كان أجلى وأقوى نفوذا وأنمى للحرارة الغريزية . قال : والمراد بالفؤاد في الحديث رأس المعدة فإن فؤاد الحزين يضعف باستيلاء اليبس على أعضائه وعلى معدته خاصة لتقليل الغذاء ، والحساء يرطبها ويغذيها ويقويها ، ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض ، لكن المريض كثيرا ما يجتمع في معدته خلط مراري أو بلغمي أو صديدي ، وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة . قال : وسماه البغيض النافع لأن المريض يعافه وهو نافع له ، قال : ولا شيء أنفع من الحساء لمن يغلب عليه في غذائه الشعير ، وأما من يغلب على غذائه الحنطة فالأولى به في مرضه حساء الشعير . وقال صاحب " الهدي " : التلبينة أنفع من الحساء لأنها تطبخ مطحونة فتخرج خاصة الشعير بالطحن ، وهي أكثر تغذية وأقوى فعلا وأكثر جلاء ، وإنما اختار الأطباء النضيج لأنه أرق وألطف فلا يثقل على طبيعة المريض . وينبغي أن يختلف الانتفاع بذلك بحسب اختلاف العادة في البلاد ، ولعل اللائق بالمريض ماء الشعير إذا طبخ صحيحا ، وبالحزين إذا طبخ مطحونا ، لما تقدمت الإشارة من الفرق بينهما في الخاصية والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية