الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
6441 6829 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن عبد الله ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : nindex.php?page=hadith&LINKID=656327لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل : لا نجد الرجم في كتاب الله . فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، nindex.php?page=treesubj&link=15201_33473_10340_10314_10394_10379_31251ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف - قال سفيان : كذا حفظت - ألا وقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده . [ انظر : 2462 - مسلم : 1691 - فتح 12 \ 139 ]
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن عبد الله ، ثنا سفيان قال : حفظنا من في nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : حدثني عبيد الله أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة وزيد بن خالد الجهني - رضي الله عنهما - في قصة العسيف وفي آخره :" nindex.php?page=hadith&LINKID=652147فإن اعترفت فارجمها " . فاعترفت فرجمها . قلت لسفيان : لم يقل : على ابني الرجم .
[ ص: 205 ] فقال : ( أشك ) فيها من nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، فربما قلتها وربما سكت .
ثم ساق حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=679056قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - : لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل : لا نجد الرجم في كتاب الله . فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، ألا إن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف - قال سفيان : كذا حفظت - ألا وقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده .
الشرح :
فيه أحكام :
أحدها : nindex.php?page=treesubj&link=22358الترافع إلى السلطان الأعلى فيما قد قضى فيه غيره ممن هو دونه إذا لم يوافق الحق .
ثانيها : فسخ كل صلح ، ورد كل حكم وقع على خلاف السنة .
ثالثها : أن ما قبضه الذي قضى له بالباطل لا يصلح له ملكه .
رابعها : أن nindex.php?page=treesubj&link=32212العالم قد يفتي في مصر فيه من هو أعلم منه ، ألا ترى أنه سأل والشارع بين أظهرهم ، وكذلك كان الصحابة يفتون في زمنه .
خامسها : في سؤاله أهل العلم ، ورجوعه إلى الشارع دليل على أنه nindex.php?page=treesubj&link=22361يجوز للرجل أن لا يقتصر على قول واحد من العلماء .
سادسها : جواز قول الخصم للإمام العدل : اقض بيننا بالحق . حيث قال : اقض بيننا بكتاب الله . وقد علم أنه لا يقضي إلا بما أمره الله ، ولم ينكر ذلك عليه ، وقال الملكان لداود - عليه السلام - : nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=22فاحكم بيننا بالحق [ ص : 22 ] وذلك إذا لم يرد السائل التعريض .
[ ص: 206 ] وقوله : ( وكان أفقههما ) يعني - والله أعلم - لاستئذانه - عليه السلام - في الكلام وترك صاحبه لذلك تأكيدا .
واختلف العلماء في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : الرجم في قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8ويدرأ عنها العذاب الآية [ النور : 8 ] ، فالعذاب الذي تدرؤه الزوجة عن نفسها باللعان هو الذي يجب عليها بالبينة أو بالإقرار [ أو ] بالنكول عن اللعان ، وقد بين الشارع آية الرجم في الثيب برجم ماعز وغيره .
وقال آخرون : الرجم مما نسخ من القرآن خطه وثبت حكمه .
وفيه : أنه - عليه السلام - لم يجعلهما قاذفين حين أخبراه ، وليس في الحديث أنه سأل ( ابن ) الرجل هل زنى وهل صدقا عليه أم لا ؟ ، ولكن من مفهوم الحديث أنه أقر ؛ لأنه لا يجوز أن يقام الحد إلا بالإقرار أو بالبينة ، ولم يكن عليهما بينة لقوله :" فإن اعترفت فارجمها " .
وفيه : nindex.php?page=treesubj&link=10420النفي والتغريب للبكر الزاني ، خلافا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة في إسقاط النفي عنه ، وسيأتي أقوالهم فيه في مواضعه .
[ ص: 207 ] وفيه : nindex.php?page=treesubj&link=10410رجم الثيب بلا جلد على ما ذهب إليه أئمة الفتوى في الأمصار ، وقد سلف .
وفيه : أيضا nindex.php?page=treesubj&link=15169استماع الحاكم بينة أحد الخصمين وصاحبه غائب ، وفتياه له دون خصمه ، ألا ترى أنه - عليه السلام - قد أفتاهما والمرأة غائبة وكانت إحدى الخصمين .
وفيه : nindex.php?page=treesubj&link=33467تأخير الحدود عند ضيق الوقت ؛ لأنه - عليه السلام - أمره بالغدو إلى المرأة ، فإن اعترفت رجمها ، ويحتمل أنه كان غدوه بلا تأخير .
وفيه : nindex.php?page=treesubj&link=24360إرسال الواحد في تنفيذ الحكم .
وفيه : nindex.php?page=treesubj&link=10330_10328إقامة الحد على من أقر على نفسه مرة واحدة ؛ لأنه - عليه السلام - لم يقل لأنيس فإن اعترفت أربعا . وقد سلف قريبا ما فيه .
وفيه : دليل على صحة قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجمهور الفقهاء أن nindex.php?page=treesubj&link=26481الإمام لا يقوم بحد من قذف بين يديه حتى يطلبه المقذوف ؛ لأن له أن يعفو عن قاذفه أو يريد سترا .
ألا ترى أنه قال بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فقذفها ، فلم يقم عليه الحد ؛ لأنها لما اعترفت بالزنا سقط حكم قذفها ، ومثله حديث العجلاني حين رمى امرأته برجل فلاعن بينه وبين امرأته ؛ لأنه لم يطلبه بحده ، ولو طلبه به لحد ، إلا أن يقيم البينة على ما قال ، والمخالف في هذه المسألة هو ابن أبي ليلى ، فإنه يقول : إن الإمام يحد القاذف وإن لم يطلبه المقذوف . وقوله خلاف السنن الثابتة ، وسيأتي ما بقي من معاني هذا الحديث بعد هذا في
[ ص: 208 ] مواضعه - إن شاء الله تعالى - وكذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يأتي الكلام عليه في الباب بعد هذا إن شاء الله تعالى .
وقد اختلف العلماء فيمن nindex.php?page=treesubj&link=10333أقر بالزنا بامرأة معينة وجحدت المرأة ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يقام عليه حد الزنا ، وإن طلبت حد القذف أقيم عليه أيضا ، وكذلك لو أقرت هي وأنكر هو .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب : يحد للزنا دون القذف ؛ لأنه لا يخلو أن يكون صادقا أو كاذبا فالأول لا يحد لقذفه ، وإلا حد للقذف دون الزنا ، فعلى أي وجه كان يجمع عليه الحدان .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13658الأبهري : بل ثم قسم ثالث ، وهو أن يكون مكرها لها على الزنا فيكون صادقا في إقراره على نفسه كاذبا في قذفه ، فيجتمع الحدان .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي : عليه حد القذف ، ولا حد عليه للزنا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : من أقر منهما فإنما عليه حد الزنا فقط .
[ ص: 209 ] حجة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن حد الزنا واجب عليه بإقراره ، وليس إقراره دليلا على صدقه على المقذوف ؛ لأنا لو علمنا صدقه ببينة أو بإقرار المرأة لم يجب عليه الحد ، فلما لم يكن إلى البينة ولا إلى الإقرار سبيل وجب لها أن تطلب حقها من القاذف ، كما لو nindex.php?page=treesubj&link=26483أقر رجل أن زوجته أخته لحرمت عليه ، ولم يثبت نسبها بقوله وحده .
وحجة nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي أيضا أنه لما قذفها ولم يأت بأربعة شهداء لزمه حد القذف للآية ، فلما حد لها استحال أن يحد في الزنا ، فحكمنا لها بالإحصان ، وأيضا فإنه لا يجوز أن يجتمع حدان أبدا ، فإذا اجتمعا ثبت إلزامهما ، وإنما كان عنده حد القذف ألزم من حد الزنا ؛ لأنه من أقر على نفسه بالزنا ثم رجع فإنه يقبل رجوعه ، ومن قذف أحدا لم ينفعه الرجوع ، وكذلك من وجب عليه حد الزنا ، ( والقذف ) وكان عليه القتل ، فإنه يحد القذف ويقتل ، ولا يحد الزنا .
حجة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنا قد أحطنا علما أنه لا يجب عليه الحدان جميعا ؛ لأنه إن كان زانيا فلا حد عليه للقذف ، وإن كان قاذفا لمحصنة فليس بزان ، وهو قاذف ، فحده القذف ، وإنما وجب عليه حد الزنا ؛ لأن من أقر على نفسه وهو مدع فيما أقر به غيره ، فلذلك لم يقبل قوله عليها ، ويؤخذ بإقراره على نفسه .
فصل :
العسيف : هو الأجير ، كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
[ ص: 210 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وقد يكون العبد ويكون السائل .
وزاد في " المحكم " في العسيف : الأجير المستهان به . قال : وقيل : هو المملوك المستهان ، وقيل : كل خادم عسيف ، والجمع عسفاء على القياس ، وعسفة على غير قياس ، وفي " شرح الموطأ " لعبد الملك بن حبيب السلمي : العسيف : الغلام الذي لم يبلغ الحلم .