سماع الحق
nindex.php?page=treesubj&link=28902_30554_30569_34320_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=22إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=23ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب
إن الله تعالى أعطى الإنسان أدوات الفهم التي تميزه عن الحيوان، وتجعله كونا مستقلا قائما بذاته، وما ذلك إلا ليحتل المكانة التي هيأها الله تعالى له في هذا العالم بين العالمين فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون فالسمع لمعرفة ما أمر الله، والبصر لمعرفة آيات الله في كونه، والأفئدة ليدرك وليفهم ويعلم، وهذا شكرها.
[ ص: 3095 ] وإنه إذا فقد ما خصه الله تعالى به من هذه النعم فقد نزل من درجات الإنسانية إلى حضيض الحيوانية، وكان شر الدواب في هذا الكون; ولذا قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=22إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون
الدواب جمع دابة وهي ما يدب على وجه الأرض من النملة إلى الحشرة إلى ما فوق ذلك، وإنه إذا عبر عن الإنسان بأصغر ما ينطبق عليه اسم الدواب والحيوان كان ذلك تحقيرا له واستهانة بأمره من زعيم يرفع ويخفض إلى حيوان لا يملك من أمره شيئا، تدعكه الأرض بالأقدام، وهو حيوان كله آفات، ليس بكامل، بل هو أصم لا يسمع، أبكم لا ينطق، وهو لا يعقل، فليس فيه قلب يفقه، ولا عقل يعقل، إنه شائه في ذاته، ناقص في كونه، وإن كان ذا رواء; لأن تقدير الإنسان ليس بشكله وصورته، ولكن بقلبه وعمله.
وفي الكلام استعارة تمثيلية، شبه فيها من لا يسمع الحق ولا يدركه، ولا يبصر الآيات ولا يتأملها، ومن لا يفقه الحق ولا يدرك - بالدابة التي لا تسمع مواطئ الأقدام فتطؤها، ومن لا ينطق مستغيثا فتدقه الأمور دقا، ومن لا يعقل ما يضره فيكون فريسة الكل، وجامع التشبيه هو عدم الفائدة من هذه الحواس، فهي إذا كانت ذات فائدة في ذاتها فإنه لا يستفيد منها، ومن لا يستفد من شيء فوجوده وعدمه سواء.
وإن تشبيه الكافر بالدابة هو أصغر تشبيه له، وقد قال تعالى في تشبيهه:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون وكقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179أولئك كالأنعام بل هم أضل
وإنهم لو سمعوا لا يجيبون، ولذا قال تعالى:
سَمَاعُ الْحَقِّ
nindex.php?page=treesubj&link=28902_30554_30569_34320_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=22إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=23وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى الْإِنْسَانَ أَدَوَاتِ الْفَهْمِ الَّتِي تُمَيِّزُهُ عَنِ الْحَيَوَانِ، وَتَجْعَلُهُ كَوْنًا مُسْتَقِلًّا قَائِمًا بِذَاتِهِ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِيَحْتَلَّ الْمَكَانَةَ الَّتِي هَيَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ بَيْنَ الْعَالَمِينَ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فَالسَّمْعُ لِمَعْرِفَةِ مَا أَمَرَ اللَّهُ، وَالْبَصَرُ لِمَعْرِفَةِ آيَاتِ اللَّهِ فِي كَوْنِهِ، وَالْأَفْئِدَةُ لِيُدْرِكَ وَلِيَفْهَمْ وَيَعْلَمْ، وَهَذَا شُكْرُهَا.
[ ص: 3095 ] وَإِنَّهُ إِذَا فَقَدَ مَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ فَقَدْ نَزَلَ مِنْ دَرَجَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ إِلَى حَضِيضِ الْحَيَوَانِيَّةِ، وَكَانَ شَرَّ الدَّوَابِّ فِي هَذَا الْكَوْنِ; وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=22إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ
الدَّوَابُّ جَمْعُ دَابَّةٍ وَهِيَ مَا يَدُبُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنَ النَّمْلَةِ إِلَى الْحَشَرَةِ إِلَى مَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَإِنَّهُ إِذَا عُبِّرَ عَنِ الْإِنْسَانِ بِأَصْغَرِ مَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الدَّوَابِّ وَالْحَيَوَانِ كَانَ ذَلِكَ تَحْقِيرًا لَهُ وَاسْتِهَانَةً بِأَمْرِهِ مِنْ زَعِيمٍ يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ إِلَى حَيَوَانٍ لَا يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا، تَدْعَكُهُ الْأَرْضُ بِالْأَقْدَامِ، وَهُوَ حَيَوَانُ كُلُّهُ آفَاتٌ، لَيْسَ بِكَامِلٍ، بَلْ هُوَ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ، أَبْكَمُ لَا يَنْطِقُ، وَهُوَ لَا يَعْقِلُ، فَلَيْسَ فِيهِ قَلْبٌ يَفْقَهُ، وَلَا عَقْلٌ يَعْقِلُ، إِنَّهُ شَائِهٌ فِي ذَاتِهِ، نَاقِصٌ فِي كَوْنِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَا رِوَاءٍ; لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْإِنْسَانِ لَيْسَ بِشَكْلِهِ وَصُورَتِهِ، وَلَكِنْ بِقَلْبِهِ وَعَمَلِهِ.
وَفِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ، شُبِّهَ فِيهَا مَنْ لَا يَسْمَعُ الْحَقَّ وَلَا يُدْرِكُهُ، وَلَا يُبْصِرُ الْآيَاتِ وَلَا يَتَأَمَّلُهَا، وَمَنْ لَا يَفْقَهُ الْحَقَّ وَلَا يُدْرِكُ - بِالدَّابَّةِ الَّتِي لَا تَسْمَعُ مَوَاطِئَ الْأَقْدَامِ فَتَطَؤُهَا، وَمَنْ لَا يَنْطِقُ مُسْتَغِيثًا فَتَدُقُّهُ الْأُمُورُ دَقًّا، وَمَنْ لَا يَعْقِلُ مَا يَضُرُّهُ فَيَكُونُ فَرِيسَةَ الْكُلِّ، وَجَامِعُ التَّشْبِيهِ هُوَ عَدَمُ الْفَائِدَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَوَاسِّ، فَهِيَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ فَائِدَةٍ فِي ذَاتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ مِنْهَا، وَمِنْ لَا يَسْتَفِدْ مِنْ شَيْءٍ فَوُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ.
وَإِنَّ تَشْبِيهَ الْكَافِرِ بِالدَّابَّةِ هُوَ أَصْغَرُ تَشْبِيهٍ لَهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي تَشْبِيهِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
وَإِنَّهُمْ لَوْ سَمِعُوا لَا يُجِيبُونَ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: