الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : أولئك يجزون الغرفة فيها وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن الغرفة الجنة ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنها أعلى منازل الجنة وأفضلها كما أن الغرفة أعلى منازل الدنيا ، حكاه ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        بما صبروا فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : بما صبروا عن الشهوات ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : بما صبروا على طاعة الله .

                                                                                                                                                                                                                                        ويلقون فيها تحية فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : يعني بقاء دائما .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ملكا عظيما .

                                                                                                                                                                                                                                        وسلاما فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنها جماع السلامة الخير .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 162 ] الثاني : هو أن يحيي بعضهم بعضا بالسلام ، قاله الكلبي . ولأصحاب الخواطر في التحية والسلام وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : التحية على الروح والسلام على الجسد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن التحية على العقل والسلام على النفس .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : قل ما يعبأ بكم ربي فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : ما يصنع ، قاله مجاهد ، وابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ما يبالي ، قاله أبو عمرو بن العلاء .

                                                                                                                                                                                                                                        لولا دعاؤكم فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : لولا عبادتكم وإيمانكم به ، والدعاء العبادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : لولا دعاؤه لكم إلى الطاعة ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل ثالثا : لولا دعاؤكم له إذا مسكم الضر وأصابكم السوء رغبة إليه وخضوعا إليه .

                                                                                                                                                                                                                                        فقد كذبتم فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : كذبتم برسلي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : قصرتم عن طاعتي مأخوذ من قولهم قد كذب في الحرب إذا قصر .

                                                                                                                                                                                                                                        لزاما فيه أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنه عذاب الدنيا وهو القتل يوم بدر ، قاله ابن مسعود وأبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : عذاب الآخرة في القيامة ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه الموت ، قاله محمد بن كعب ، ومنه قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        يولي عند حاجتها البشير ولم أجزع من الموت اللزام



                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : هو لزوم الحجة في الآخرة على تكذيبهم في الدنيا ، قاله الضحاك ، وأظهر الأوجه أن يكون اللزام الجزاء للزومه ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية