nindex.php?page=treesubj&link=30532_33679_34273_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون [ ص: 3173 ] هاتان آيتان في بيان قوة الإيمان وأهله، وأنه لا يعجزه شيء ما دام مؤمنا بالله ومستعينا به سبحانه، وما دام يستعد ويأخذ في أسباب القوة، ولقد كان المشركون يتوهمون الغلب لمجرد أن يسبقوا في أمر أو يفوزوا فيه أو يفلتوا من مصادرة عيرهم، فبين الله تعالى أنهم إن نجوا مرة لا يعجزوا الله تعالى ورسوله والمؤمنين؛ ولذا قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون
"الواو" للاستئناف، و"لا" ناهية، والنهي عن الحسبان والظن هو نهي عما ينبغي؛ لأن الحسبان لا يقع عليه النهي إنما المراد - فيما يظهر والله أعلم - لا ينبغي لهم أن يحسبوا أنهم سبقوا - أي فازوا - إذا سبقوا إلى عيرهم وأخذوها وأفلتوا بها فإنهم لا يعجزون، ولم يذكر في الآية ما سبقوا فيه أو ما فازوا به، بل أطلق نفي ظنهم أنهم سبقوا أي نوع من السبق، أو فازوا بأي نوع من الفوز، فالمعنى أنهم لا يظنون أنهم يسبقون بأي سبق، فحياتهم فارغة أبدا؛ لأنهم ليست لها غاية؛ لأن أي سبق لهم فهو لغو، وأن نهايتهم واحدة إن استمروا على كفرهم، وإن الله تعالى غالب، والنصر للمؤمنين.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59إنهم لا يعجزون قرنت بكسر (إن) وتكون الجملة مستأنفة في معنى تعليل نهيهم عن حسبان أنهم سبقوا على المعنى الذي ذكرناه؛ لأنه ما دامت النهاية للمؤمنين وأنهم لا يعجزون - فالهزيمة لاحقة بهم مهما سبقوا، ومهما يفوزوا في حركات ليست هي النهاية، والله من ورائهم محيط حتى يوم القيامة.
وهناك قراءة بفتح أن، أي أنهم لا يعجزون، وتكون هنا لام التعليل محذوفة ومفهومة من مطوي الاسم: ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا أنهم لا يعجزون، وكثيرا ما تحذف لام التعليل؛ لأنها مفهومة من سرد القول، والمعنى الجملي للنص السامي أنهم مهما يسبقوا ويفوزوا فإن الغلب عليهم، ولا تحسبنهم معجزين من المؤمنين، كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=196لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=197متاع قليل ثم مأواهم جهنم [ ص: 3174 ] إنهم لن يعجزوا الله، ومهما ينالوا من سبق فلن يعجزوا الله عن أخذهم من نواصيهم بالهزيمة في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
nindex.php?page=treesubj&link=30532_33679_34273_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ [ ص: 3173 ] هَاتَانِ آيَتَانِ فِي بَيَانِ قُوَّةِ الْإِيمَانِ وَأَهْلِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ مَا دَامَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَمُسْتَعِينًا بِهِ سُبْحَانَهُ، وَمَا دَامَ يَسْتَعِدُّ وَيَأْخُذُ فِي أَسْبَابِ الْقُوَّةِ، وَلَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَتَوَهَّمُونَ الْغَلَبَ لِمُجَرَّدِ أَنْ يَسْبِقُوا فِي أَمْرٍ أَوْ يَفُوزُوا فِيهِ أَوْ يُفْلِتُوا مِنْ مُصَادَرَةِ عِيرِهِمْ، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ إِنْ نَجَوْا مَرَّةً لَا يُعْجِزُوا اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ؛ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ
"الْوَاوُ" لِلِاسْتِئْنَافِ، وَ"لَا" نَاهِيَةٌ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْحُسْبَانِ وَالظَّنِّ هُوَ نَهْيٌ عَمَّا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْحُسْبَانَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ النَّهْيُ إِنَّمَا الْمُرَادُ - فِيمَا يَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَحْسَبُوا أَنَّهُمْ سَبَقُوا - أَيْ فَازُوا - إِذَا سَبَقُوا إِلَى عِيرِهِمْ وَأَخَذُوهَا وَأَفْلَتُوا بِهَا فَإِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْآيَةِ مَا سَبَقُوا فِيهِ أَوْ مَا فَازُوا بِهِ، بَلْ أَطْلَقَ نَفْيَ ظَنِّهِمْ أَنَّهُمْ سَبَقُوا أَيَّ نَوْعٍ مِنَ السَّبْقِ، أَوْ فَازُوا بِأَيِّ نَوْعٍ مِنَ الْفَوْزِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَسْبِقُونَ بِأَيِّ سَبْقٍ، فَحَيَاتُهُمْ فَارِغَةٌ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَتْ لَهَا غَايَةٌ؛ لِأَنَّ أَيَّ سَبْقٍ لَهُمْ فَهُوَ لَغْوٌ، وَأَنَّ نِهَايَتَهُمْ وَاحِدَةٌ إِنِ اسْتَمَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَالِبٌ، وَالنَّصْرُ لِلْمُؤْمِنِينَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ قُرِنَتْ بِكَسْرِ (إِنَّ) وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً فِي مَعْنَى تَعْلِيلِ نَهْيِهِمْ عَنْ حُسْبَانِ أَنَّهُمْ سَبَقُوا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَتِ النِّهَايَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ - فَالْهَزِيمَةُ لَاحِقَةٌ بِهِمْ مَهْمَا سَبَقُوا، وَمَهْمَا يَفُوزُوا فِي حَرَكَاتٍ لَيْسَتْ هِيَ النِّهَايَةَ، وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ حَتَّى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَهُنَاكَ قِرَاءَةٌ بِفَتْحِ أَنَّ، أَيْ أَنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ، وَتَكُونُ هُنَا لَامُ التَّعْلِيلِ مَحْذُوفَةً وَمَفْهُومَةً مِنْ مَطْوِيِّ الِاسْمِ: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ، وَكَثِيرًا مَا تُحْذَفُ لَامُ التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهَا مَفْهُومَةٌ مِنْ سَرْدِ الْقَوْلِ، وَالْمَعْنَى الْجُمَلِيُّ لِلنَّصِّ السَّامِي أَنَّهُمْ مَهْمَا يَسْبِقُوا وَيَفُوزُوا فَإِنَّ الْغَلَبَ عَلَيْهِمْ، وَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ مُعْجِزِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=196لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=197مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ [ ص: 3174 ] إِنَّهُمْ لَنْ يُعْجِزُوا اللَّهَ، وَمَهْمَا يَنَالُوا مِنْ سَبْقٍ فَلَنْ يُعْجِزُوا اللَّهَ عَنْ أَخْذِهِمْ مِنْ نَوَاصِيهِمْ بِالْهَزِيمَةِ فِي الدُّنْيَا، وَالْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ.