إسماعيل بن عيسى العطار : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11979إسحاق بن بشر ، حدثني
أبو عبيد الله التيمي ، عن
ابن لهيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12128أبي قبيل قال : قيل
لسلمان : أخبرنا عن إسلامك . قال : كنت مجوسيا ، فرأيت كأن القيامة قد قامت ، وحشر الناس على صورهم ، وحشر
المجوس على صور الكلاب ، ففزعت . فرأيت من القابلة أيضا أن الناس حشروا على صورهم ، وأن
المجوس حشروا على صور الخنازير ، فتركت ديني ، وهربت وأتيت
الشام ، فوجدت يهودا ، فدخلت في دينهم ، وقرأت كتبهم ، ورضيت بدينهم وكنت عندهم حججا . فرأيت فيما يرى النائم أن الناس حشروا ، وأن
اليهود أتي بهم ، فسلخوا ، ثم ألقوا في النار فشووا ، ثم أخرجوا ، فبدلت جلودهم ، ثم أعيدوا في النار .
فانتبهت وهربت من اليهودية ، فأتيت قوما نصارى ، فدخلت في دينهم ، وكنت معهم في شركهم ، فكنت عندهم حججا ، فرأيت كأن ملكا أخذني فجاء بي على الصراط على النار ، فقال : اعبر هذا ، فقال صاحب الصراط : انظروا ، فإن كان دينه النصرانية ، فألقوه في النار .
فانتبهت وفزعت ، ثم استعبرت راهبا كان
[ ص: 522 ] صديقا لي ، فقال : إن الذي أنت عليه دين الملك ، ولكن عليك باليعقوبية . فرفضت ذلك ، ولحقت
بالجزيرة ، فلزمت راهبا
بنصيبين يرى رأي اليعقوبية ، فكنت عندهم حججا ، فرأيت فيما يرى النائم أن
إبراهيم خليل الرحمن قائم عند العرش يميز من كان على ملته ، فيدخله الجنة ، ومن كان على غير ملته ، ذهبوا به إلى النار .
فهربت من ذلك الراهب ، وأتيت راهبا له خمسون ومائة سنة وأخبرته بقصتي ، فقال : إن الذي تطلبه ليس هو اليوم على ظهر الأرض ، ذاك دين الحنفية وهو دين أهل الجنة ، وقد اقترب ، وأظلك زمانه ، نبي
يثرب يدعو إلى هذا الدين . قلت : ما اسم هذا الرجل ؟ قال : له خمسة أسماء : مكتوب في العرش
محمد ، وفي الإنجيل أحمد ، ويوم القيامة محمود ، وعلى الصراط حماد ، وعلى باب الجنة حامد ، وهو من ولد
إسماعيل ، وهو قرشي ، فسرد كثيرا من صفته - صلى الله عليه وسلم .
قال : فسرت في البرية ، فسبتني العرب ، واستخدمتني سنين ، فهربت منهم ، إلى أن قال : فلما أسلمت قبل على رأسي ، وكساني
أبو بكر ما كان عليه ، إلى أن قال : يا
سلمان أنت مولى الله ورسوله .
وهو منكر ، في إسناده كذاب وهو
إسحاق مع إرساله ووهن
ابن لهيعة والتيمي .
سمويه حدثنا
عمرو بن حماد القناد حدثنا
أسباط بن نصر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن
ابن عباس ، وعن
مرة عن
ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62إن الذين آمنوا والذين هادوا الآية في أصحاب
سلمان نزلت ، وكان من أهل جند
[ ص: 523 ] سابور ، وكان من أشرافهم ، وكان ابن الملك صديقا له ومؤاخيا ، وكانا يركبان إلى الصيد ، فبينما هما في الصيد إذ رفع لهما بيت من عباء ، فأتياه ، فإذا هما برجل بين يديه مصحف يقرأ فيه ، ويبكي ، فسألاه : ما هذا ؟ قال : الذي يريد أن يعلم هذا لا يقف موقفكما ، فانزلا . فنزلا إليه ، فقال : هذا كتاب جاء من عند الله أمر فيه بطاعته ، ونهى عن معصيته ، فيه : أن لا تزن ولا تسرق ، ولا تأخذ أموال الناس بالباطل ، فقص عليهما ما فيه ، وهو الإنجيل . فتابعاه فأسلما ، وقال : إن ذبيحة قومكما عليكما حرام .
ولم يزل معهما يتعلمان منه حتى كان عيد للملك فجعل طعاما ، ثم جمع الناس والأشراف ، وأرسل إلى ابن الملك ، فدعاه ليأكل فأبى ، وقال : إني عنك مشغول . فلما أكثر عليه ، أخبر أنه لا يأكل من طعامهم . فقال له الملك : من أخبرك بهذا ؟ فذكر له الراهب .
فطلب الراهب وسأله ، فقال : صدق ابنك . فقال : لولا أن الدم عظيم لقتلتك . اخرج من أرضنا ، فأجله أجلا ، فقمنا نبكي عليه ، فقال : إن كنتما صادقين ، فأنا في بيعة في
الموصل مع ستين رجلا نعبد الله ، فائتونا .
فخرج ، وبقي
سلمان وابن الملك . فجعل
سلمان يقول لابن الملك : انطلق بنا ، وابن الملك يقول : نعم . فجعل يبيع متاعه يريد الجهاز ، وأبطأ ، فخرج
سلمان حتى أتاهم ، فنزل على صاحبه وهو رب البيعة .
فكان
سلمان معه يجتهد في العبادة ، فقال له الشيخ : إنك غلام حدث وأنا خائف أن تفتر ، فارفق بنفسك ، قال : خل عني .
ثم إن صاحب البيعة دعاه ، فقال : تعلم أن هذه البيعة لي ، ولو شئت أن
[ ص: 524 ] أخرج هؤلاء ، لفعلت ، ولكني رجل أضعف عن عبادة هؤلاء ، وأنا أريد أن أتحول إلى بيعة أهلها أهون عبادة ، فإن شئت أن تقيم ها هنا ، فأقم .
فأقام بها يتعبد معهم ، ثم إن شيخه أراد أن يأتي
بيت المقدس ، فدعا
سلمان ، وأعلمه ، فانطلق معه ، فمروا بمقعد على الطريق ، فنادى : يا سيد الرهبان ارحمني . فلم يكلمه حتى أتى
بيت المقدس ، فقال
لسلمان : اخرج فاطلب العلم ; فإنه يحضر المسجد علماء أهل الأرض .
فخرج
سلمان يسمع منهم ، فخرج يوما حزينا ، فقال له الشيخ : ما لك ؟ قال : أرى الخير كله قد ذهب به من كان قبلنا من الأنبياء وأتباعهم .
قال : أجل ، لا تحزن ; فإنه قد بقي نبي ليس من نبي بأفضل تبعا منه ، وهذا زمانه ، ولا أراني أدركه ، ولعلك تدركه ، وهو يخرج في أرض العرب ، فإن أدركته فآمن به . قال : فأخبرني عن علامته . قال : مختوم في ظهره بخاتم النبوة ، يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة .
ثم رجعا حتى بلغا مكان المقعد . فناداهما : يا سيد الرهبان ، ارحمني يرحمك الله ; فعطف إليه حماره فأخذ بيده ، ثم رفعه ، فضرب به الأرض ودعا له ، فقال : قم بإذن الله ، فقام صحيحا يشتد وسار الراهب ، فتغيب عن
سلمان وتطلبه
سلمان . فلقيه رجلان من كلب فقال : هل رأيتما الراهب ؟ فأناخ أحدهما راحلته وقال : نعم ، راعي الصرمة هذا فانطلق به إلى
المدينة .
[ ص: 525 ]
قال
سلمان : فأصابني من الحزن شيء لم يصبني قط .
فاشترته امرأة من
جهينة ، فكان يرعى عليها هو وغلام لها يتراوحان الغنم ،
وكان سلمان يجمع الدراهم ينتظر خروج محمد - صلى الله عليه وسلم .
فبينما هو يرعى إذ أتاه صاحبه ، فقال : أشعرت أنه قدم المدينة رجل يزعم أنه نبي ؟
فقال : أقم في الغنم حتى آتي ، فهبط إلى المدينة ، فنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأى خاتم النبوة ، ثم انطلق فاشترى بدينار بنصفه شاة فشواها ، وبنصفه خبزا وأتى به ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما هذا ؟ قال : صدقة ، قال لا حاجة لي بها . أخرجها يأكلها المسلمون .
ثم انطلق فاشترى بدينار آخر خبزا ولحما ، فأتى به فقال : هذا هدية ، فأكلا جميعا . وأخبره سلمان خبر أصحابه ، فقال : كانوا يصومون ويصلون ، ويشهدون أنك ستبعث . فقال : يا سلمان ، هم من أهل النار ، فاشتد ذلك على سلمان . وقد كان قال : لو أدركوك صدقوك واتبعوك .
فأنزل الله : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين الآية .
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11979إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنِي
أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ ، عَنِ
ابْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12128أَبِي قُبَيْلٍ قَالَ : قِيلَ
لِسَلْمَانَ : أَخْبِرْنَا عَنْ إِسْلَامِكَ . قَالَ : كُنْتُ مَجُوسِيًّا ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ ، وَحُشِرَ النَّاسُ عَلَى صُوَرِهِمْ ، وَحُشِرَ
الْمَجُوسُ عَلَى صُوَرِ الْكِلَابِ ، فَفَزِعْتُ . فَرَأَيْتُ مِنَ الْقَابِلَةِ أَيْضًا أَنَّ النَّاسَ حُشِرُوا عَلَى صُوَرِهِمْ ، وَأَنَّ
الْمَجُوسَ حُشِرُوا عَلَى صُوَرِ الْخَنَازِيرِ ، فَتَرَكْتُ دِينِي ، وَهَرَبْتُ وَأَتَيْتُ
الشَّامَ ، فَوَجَدْتُ يَهُودًا ، فَدَخَلْتُ فِي دِينِهِمْ ، وَقَرَأْتُ كُتُبَهُمْ ، وَرَضِيتُ بِدِينِهِمْ وَكُنْتُ عِنْدَهُمْ حُجَجًا . فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ النَّاسَ حُشِرُوا ، وَأَنَّ
الْيَهُودَ أُتِيَ بِهِمْ ، فَسُلِخُوا ، ثُمَّ أُلْقُوا فِي النَّارِ فَشُوُوا ، ثُمَّ أُخْرِجُوا ، فَبُدِّلَتْ جُلُودُهُمْ ، ثُمَّ أُعِيدُوا فِي النَّارِ .
فَانْتَبَهْتُ وَهَرَبْتُ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ ، فَأَتَيْتُ قَوْمًا نَصَارَى ، فَدَخَلْتُ فِي دِينِهِمْ ، وَكُنْتُ مَعَهُمْ فِي شِرْكِهِمْ ، فَكُنْتُ عِنْدَهُمْ حُجَجًا ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ مَلِكًا أَخَذَنِي فَجَاءَ بِي عَلَى الصِّرَاطِ عَلَى النَّارِ ، فَقَالَ : اعْبُرْ هَذَا ، فَقَالَ صَاحِبُ الصِّرَاطِ : انْظُرُوا ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ النَّصْرَانِيَّةَ ، فَأَلْقُوهُ فِي النَّارِ .
فَانْتَبَهْتُ وَفَزِعْتُ ، ثُمَّ اسْتَعْبَرْتُ رَاهِبًا كَانَ
[ ص: 522 ] صَدِيقًا لِي ، فَقَالَ : إِنَّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ دِينُ الْمَلِكِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْيَعْقُوبِيَّةِ . فَرَفَضْتُ ذَلِكَ ، وَلَحِقْتُ
بِالْجَزِيرَةِ ، فَلَزِمْتُ رَاهِبًا
بِنَصِيبِينَ يَرَى رَأْيَ الْيَعْقُوبِيَّةِ ، فَكُنْتُ عِنْدَهُمْ حُجَجًا ، فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ قَائِمٌ عِنْدَ الْعَرْشِ يُمَيِّزُ مَنْ كَانَ عَلَى مِلَّتِهِ ، فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِهِ ، ذَهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ .
فَهَرَبْتُ مِنْ ذَلِكَ الرَّاهِبِ ، وَأَتَيْتُ رَاهِبًا لَهُ خَمْسُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ وَأَخْبَرْتُهُ بِقِصَّتِي ، فَقَالَ : إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُهُ لَيْسَ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ، ذَاكَ دِينُ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ دِينُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَقَدِ اقْتَرَبَ ، وَأَظَلَّكَ زَمَانُهُ ، نَبِيُّ
يَثْرِبَ يَدْعُو إِلَى هَذَا الدِّينِ . قُلْتُ : مَا اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ ؟ قَالَ : لَهُ خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ : مَكْتُوبٌ فِي الْعَرْشِ
مُحَمَّدٌ ، وَفِي الْإِنْجِيلِ أَحْمَدُ ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ مَحْمُودٌ ، وَعَلَى الصِّرَاطِ حَمَّادٌ ، وَعَلَى بَابِ الْجَنَّةِ حَامِدٌ ، وَهُوَ مَنْ وَلَدِ
إِسْمَاعِيلَ ، وَهُوَ قُرَشِيٌّ ، فَسَرَدَ كَثِيرًا مِنْ صِفَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ : فَسِرْتُ فِي الْبَرِّيَّةِ ، فَسَبَتْنِي الْعَرَبُ ، وَاسْتَخْدَمَتْنِي سِنِينَ ، فَهَرَبْتُ مِنْهُمْ ، إِلَى أَنْ قَالَ : فَلَمَّا أَسْلَمْتُ قَبَّلَ عَلَى رَأْسِي ، وَكَسَانِي
أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ عَلَيْهِ ، إِلَى أَنْ قَالَ : يَا
سَلْمَانُ أَنْتَ مَوْلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ .
وَهُوَ مُنْكَرٌ ، فِي إِسْنَادِهِ كَذَّابٌ وَهُوَ
إِسْحَاقُ مَعَ إِرْسَالِهِ وَوَهَنَ
ابْنُ لَهِيعَةَ وَالتَّيْمِيُّ .
سَمْوَيْهِ حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ الْقَنَّادُ حَدَّثَنَا
أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، عَنْ
أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ
مُرَّةَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا الْآيَةَ فِي أَصْحَابِ
سَلْمَانَ نَزَلَتْ ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ جُنْدِ
[ ص: 523 ] سَابُورَ ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ ، وَكَانَ ابْنُ الْمَلِكِ صَدِيقًا لَهُ وَمُؤَاخِيًا ، وَكَانَا يَرْكَبَانِ إِلَى الصَّيْدِ ، فَبَيْنَمَا هُمَا فِي الصَّيْدِ إِذْ رُفِعَ لَهُمَا بَيْتٌ مِنْ عَبَاءٍ ، فَأَتَيَاهُ ، فَإِذَا هُمَا بِرَجُلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ يَقْرَأُ فِيهِ ، وَيَبْكِي ، فَسَأَلَاهُ : مَا هَذَا ؟ قَالَ : الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ يَعْلَمَ هَذَا لَا يَقِفُ مَوْقِفَكُمَا ، فَانْزِلَا . فَنَزَلَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ : هَذَا كِتَابٌ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَمَرَ فِيهِ بِطَاعَتِهِ ، وَنَهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ ، فِيهِ : أَنْ لَا تَزْنِ وَلَا تَسْرِقْ ، وَلَا تَأْخُذْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ، فَقَصَّ عَلَيْهِمَا مَا فِيهِ ، وَهُوَ الْإِنْجِيلُ . فَتَابَعَاهُ فَأَسْلَمَا ، وَقَالَ : إِنَّ ذَبِيحَةَ قَوْمِكُمَا عَلَيْكُمَا حَرَامٌ .
وَلَمْ يَزَلْ مَعَهُمَا يَتَعَلَّمَانِ مِنْهُ حَتَّى كَانَ عِيدٌ لِلْمَلِكِ فَجَعَلَ طَعَامًا ، ثُمَّ جَمَعَ النَّاسَ وَالْأَشْرَافَ ، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الْمَلِكِ ، فَدَعَاهُ لِيَأْكُلَ فَأَبَى ، وَقَالَ : إِنِّي عَنْكَ مَشْغُولٌ . فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ ، أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِمْ . فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا ؟ فَذَكَرَ لَهُ الرَّاهِبَ .
فَطَلَبَ الرَّاهِبَ وَسَأَلَهُ ، فَقَالَ : صَدَقَ ابْنُكَ . فَقَالَ : لَوْلَا أَنَّ الدَّمَ عَظِيمٌ لَقَتَلْتُكَ . اخْرُجْ مِنْ أَرْضِنَا ، فَأَجَّلَهُ أَجَلًا ، فَقُمْنَا نَبْكِي عَلَيْهِ ، فَقَالَ : إِنْ كُنْتُمَا صَادِقَيْنِ ، فَأَنَا فِي بَيْعَةٍ فِي
الْمَوْصِلِ مَعَ سِتِّينَ رَجُلًا نَعَبْدُ اللَّهَ ، فَائْتُونَا .
فَخَرَجَ ، وَبَقِيَ
سَلْمَانُ وَابْنُ الْمَلِكِ . فَجَعَلَ
سَلْمَانُ يَقُولُ لِابْنِ الْمَلِكِ : انْطَلِقْ بِنَا ، وَابْنُ الْمَلِكِ يَقُولُ : نَعَمْ . فَجَعَلَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ يُرِيدُ الْجَهَازَ ، وَأَبْطَأَ ، فَخَرَجَ
سَلْمَانُ حَتَّى أَتَاهُمْ ، فَنَزَلَ عَلَى صَاحِبِهِ وَهُوَ رَبُّ الْبَيْعَةِ .
فَكَانَ
سَلْمَانُ مَعَهُ يَجْتَهِدُ فِي الْعِبَادَةِ ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : إِنَّكَ غُلَامٌ حَدَثٌ وَأَنَا خَائِفٌ أَنْ تَفْتُرَ ، فَارْفُقْ بِنَفْسِكَ ، قَالَ : خَلِّ عَنِّي .
ثُمَّ إِنَّ صَاحِبَ الْبَيْعَةِ دَعَاهُ ، فَقَالَ : تَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْبَيْعَةَ لِي ، وَلَوْ شِئْتَ أَنْ
[ ص: 524 ] أُخْرِجَ هَؤُلَاءِ ، لَفَعَلْتُ ، وَلَكِنِّي رَجُلٌ أَضْعَفُ عَنْ عِبَادَةِ هَؤُلَاءِ ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَحَوَّلَ إِلَى بَيْعَةٍ أَهْلُهَا أَهْوَنُ عِبَادَةً ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُقِيمَ هَا هُنَا ، فَأَقِمْ .
فَأَقَامَ بِهَا يَتَعَبَّدُ مَعَهُمْ ، ثُمَّ إِنَّ شَيْخَهُ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ
بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَدَعَا
سَلْمَانَ ، وَأَعْلَمَهُ ، فَانْطَلَقَ مَعَهُ ، فَمَرُّوا بِمَقْعَدٍ عَلَى الطَّرِيقِ ، فَنَادَى : يَا سَيِّدَ الرُّهْبَانِ ارْحَمْنِي . فَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى أَتَى
بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَقَالَ
لِسَلْمَانَ : اخْرُجْ فَاطْلُبِ الْعِلْمَ ; فَإِنَّهُ يَحْضُرُ الْمَسْجِدَ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْأَرْضِ .
فَخَرَجَ
سَلْمَانُ يَسْمَعُ مِنْهُمْ ، فَخَرَجَ يَوْمًا حَزِينًا ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : مَا لَكَ ؟ قَالَ : أَرَى الْخَيْرَ كُلَّهُ قَدْ ذَهَبَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ .
قَالَ : أَجَلْ ، لَا تَحْزَنْ ; فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَ نَبِيٌّ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ بِأَفْضَلَ تَبَعًا مِنْهُ ، وَهَذَا زَمَانُهُ ، وَلَا أَرَانِي أُدْرِكُهُ ، وَلَعَلَّكَ تُدْرِكُهُ ، وَهُوَ يَخْرُجُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ ، فَإِنْ أَدْرَكْتَهُ فَآمِنْ بِهِ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ عَلَامَتِهِ . قَالَ : مَخْتُومٌ فِي ظَهْرِهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ ، يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ .
ثُمَّ رَجَعَا حَتَّى بَلَغَا مَكَانَ الْمُقْعَدِ . فَنَادَاهُمَا : يَا سَيِّدَ الرُّهْبَانِ ، ارْحَمْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ ; فَعَطَفَ إِلَيْهِ حِمَارَهُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ ، ثُمَّ رَفَعَهُ ، فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ وَدَعَا لَهُ ، فَقَالَ : قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ ، فَقَامَ صَحِيحًا يَشْتَدُّ وَسَارَ الرَّاهِبُ ، فَتَغَيَّبَ عَنْ
سَلْمَانَ وَتَطَلَّبَهُ
سَلْمَانُ . فَلَقِيَهُ رَجُلَانِ مِنْ كَلْبٍ فَقَالَ : هَلْ رَأَيْتُمَا الرَّاهِبَ ؟ فَأَنَاخَ أَحَدُهُمَا رَاحِلَتَهُ وَقَالَ : نَعَمْ ، رَاعِي الصِّرْمَةِ هَذَا فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى
الْمَدِينَةِ .
[ ص: 525 ]
قَالَ
سَلْمَانُ : فَأَصَابَنِي مِنَ الْحُزْنِ شَيْءٌ لَمْ يُصِبْنِي قَطُّ .
فَاشْتَرَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ
جُهَيْنَةَ ، فَكَانَ يَرْعَى عَلَيْهَا هُوَ وَغُلَامٌ لَهَا يَتَرَاوَحَانِ الْغَنَمَ ،
وَكَانَ سَلْمَانُ يَجْمَعُ الدَّرَاهِمَ يَنْتَظِرُ خُرُوجَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَبَيْنَمَا هُوَ يَرْعَى إِذْ أَتَاهُ صَاحِبُهُ ، فَقَالَ : أَشَعُرْتَ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟
فَقَالَ : أَقِمْ فِي الْغَنَمِ حَتَّى آتِيَ ، فَهَبَطَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَنَظَرَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأَى خَاتَمَ النُّبُوَّةِ ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَاشْتَرَى بِدِينَارٍ بِنِصْفِهِ شَاةً فَشَوَاهَا ، وَبِنِصْفِهِ خُبُزًا وَأَتَى بِهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَا هَذَا ؟ قَالَ : صَدَقَةٌ ، قَالَ لَا حَاجَةَ لِي بِهَا . أَخْرِجْهَا يَأْكُلُهَا الْمُسْلِمُونَ .
ثُمَّ انْطَلَقَ فَاشْتَرَى بِدِينَارٍ آخَرَ خُبُزًا وَلَحْمًا ، فَأَتَى بِهِ فَقَالَ : هَذَا هَدِيَّةٌ ، فَأَكَلَا جَمِيعًا . وَأَخْبَرَهُ سَلْمَانُ خَبَرَ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : كَانُوا يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ ، وَيَشْهَدُونَ أَنَّكَ سَتُبْعَثُ . فَقَالَ : يَا سَلْمَانُ ، هُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى سَلْمَانَ . وَقَدْ كَانَ قَالَ : لَوْ أَدْرَكُوكَ صَدَّقُوكَ وَاتَّبَعُوكَ .
فَأَنْزَلَ اللَّهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ الْآيَةَ .