الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا ازدحم اثنان على لقيط ، نظر ، إن ازدحما قبل الأخذ ، وطلب كل واحد أخذه وحضانته ، جعله الحاكم في يد من رآه منهما ، أو من غيرهما ، إذ لا حق لهما قبل الأخذ . وإن ازدحما بعد الأخذ ، فإن لم يكن أحدهما أهلا للالتقاط ، سلم اللقيط إلى الآخر . وإن كانا أهلين ، قدم أسبقهما بالالتقاط . وهل يثبت السبق بالوقوف على رأسه بغير أخذ ؟ وجهان . أصحهما : لا . وإن لم يسبق واحد منهما ، فقد يختص أحدهما بصفة تقدمه ، وقد يستويان ، والصفات المقدمة أربع . إحداها : الغنى ، فإذا كان أحدهما غنيا والآخر فقيرا ، فقيل : يستويان . والأصح تقديم الغني . وعلى هذا لو تفاوتا في الغنى ، فهل يقدم أكثرهما مالا ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح لا يقدم . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        الثانية : البلد ، فلو كان أحدهما بلديا والآخر قرويا ، أو بدويا ، ففيه كلام نذكره - إن شاء الله تعالى - في فصل الأحكام . الثالثة : من ظهرت عدالته بالاختبار ، يقدم على المستور على الأصح .

                                                                                                                                                                        الرابعة : الحر أولى من المكاتب ، وإن التقط بإذن سيده . ولو كان أحدهما عبدا التقط بإذن سيده ، فالاعتبار بالسيد ، والآخر ، ولا تقدم المرأة على الرجل ، بخلاف الأم في الحضانة ، لأن شفقتها أكمل ،ويتساوى المسلم ، والذمي في اللقيط المحكوم بكفره ، وقيل : يقدم المسلم ، وقيل : الذمي ، والأول أصح . وإذا استويا في الصفات وتشاحا ، أقرع بينهما على الصحيح المنصوص وقول الجمهور . وقال ابن خيران : يقدم الحاكم من رآه منهما أصلح للقيط ، فإن استويا أو تحير ، أقرع . قال الأصحاب : ولا يخير الصبي بينهما ، وإن كان ابن سبع سنين فأكثر ، بخلاف تخييره بين [ ص: 421 ] الأبوين ، لأن هناك يعول على الميل بسبب الولادة . وقال الإمام : يحتمل أن يخير ويقدم اختياره على القرعة ، وإذا خرجت القرعة لأحدهما ، فترك حقه للآخر ، لم يجز ، كما ليس للمنفرد نقل حقه إلى غيره . ولو ترك حقه قبل القرعة ، فوجهان . أصحهما : ينفرد به كالشفيعين والثاني : لا بل يرفع إلى الحاكم حتى يقره في يد الآخر إن رآه ، وله أن يختار أمينا آخر فيقرع بينه وبين الآخر . وقال الإمام تفريعا على الثاني : إن التارك لا يتركه الحاكم ، بل يقرع بينه وبين صاحبه . فإن خرج عليه ، ألزمه القيام بحضانته بناء على أن المنفرد إذا شرع في الالتقاط ، لا يجوز له الترك ، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية