قال تعالى في بيان أن من الخير ألا يخرجوا وأنهم ما أرادوا الخروج:
nindex.php?page=treesubj&link=30563_30881_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=47لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=49ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين
هذه الآيات وما يليها في شأن المنافقين الذين قعدوا متلمسين الأعذار، وهي كاذبة، والنفاق سوسة المجتمعات، ينخر في عظامها، ولقد حاولوا إفساد الجماعة الإسلامية، ولكن النور المحمدي كشف ظلماتهم.
وفي هذه الآيات يبين سبحانه مضارهم في الحرب إن خرجوا، ولكن النفاق لا يلتقي مع مخاطر الجهاد، فلم يخرجوا، وكان خيرا - كما أشرنا - فقال تعالى وقد ثبطهم الله عن الخروج لأنه كره انبعاثهم، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة [ ص: 3320 ] إن الله تعالى عتب على نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن أذن لهم عندما استأذنوا، ولو لم يأذن لكشف أمرهم، وتبين أنهم كاذبون في ادعاء العذر ولا عذر لهم؛ لأنهم لم يريدوا الخروج ابتداء، وأكد الله تعالى عدم قصدهم الخروج، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46ولو أرادوا الخروج لبدت أماراته، فأعدوا العدة من إعداد الكراع والسلاح، وما تحتاج إليه حرب شديدة فيها ملاقاة الرومان الذين كانوا أقوى دولة في ذلك الإبان، ولكن لم يعدوا عدة، فلم يكونوا على نية الخروج، وأظهروا ما في مقصدهم باعتذارهم، وكان ذلك خيرا للمسلمين، وكره الله تعالى أن يخرجوا، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46ولكن كره الله انبعاثهم ومعنى الاستدراك أنه منع لوهم إرادة الله - تعالى - خروجهم; لأن مؤدى إعلانه على عدم خروجهم قد يوهم إرادة الله خروجهم، فنفاها سبحانه بهذا الاستدراك، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46ولكن كره الله انبعاثهم والانبعاث النهوض للخروج مع المجاهدين، وكراهية الله تعالى لخروجهم لما علم سبحانه أنهم يريدون الخبال والاضطراب للمؤمنين، كما تدل على ذلك الآيات التالية، وكما دلت على ذلك الأمور الكثيرة التي كانت تقع بإثارة الفتنة منهم، ولكن كانوا كلما أوقدوا نارا لفتنة أطفاها الله سبحانه وتعالى.
(فثبطهم) أي خذلهم وأوقع في نفوسهم نزوع الكسل والضعف، وأزال رغبتهم في النهوض إلى النفير مع جيش الإيمان، وما ذلك إلا للمصلحة المترتبة على منعهم من الخروج، فما أريد التثبيط لذاته، ولكن أريد ما يترتب عليه من حماية جيش الإيمان من الفتن يبثونها فيه، وإثارة الخلاف إن سنحت لهم أسبابه، ولا يضعف الجيش إلا النزاع، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=46ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا
فكانت المصلحة في ألا يخرجوا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين (قيل) بالبناء للمفعول، وأسند إلى المفعول لتعدد عوامل التخذيل التي كانت في مضمون القول، فجبنهم وإرادة الشر بالمؤمنين وبعد الشقة، وكون الغاية فيه بعيدة، وفساد
[ ص: 3321 ] نفوسهم، وتخاذلهم عن نصرة الحق، وكراهية الإيمان وأهله - كل هذه عوامل يمكن أن تكون الفاعل الذي استعيض عنه بالمفعول، والمفعول المقول وهو اقعدوا مع القاعدين.
هذه العوامل التي أشرنا إليها انتهت بهم إلى أن كان لسان حالهم يقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46اقعدوا مع القاعدين
قولهم لأنفسهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46اقعدوا مع القاعدين قال فيه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هو ذم لهم وتعجيز، وإلحاقهم بالنساء والصبيان والزمنى الذين شأنهم القعود والجثوم في البيوت وهم القاعدون، وهم القاعدون والمخالفون والخوالف، وبينه الله تعالى فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=87رضوا بأن يكونوا مع الخوالف
وقد علق الناصر في حاشيته على الكشاف فقال: وهذا من تنبيهاته الحسنة، ونزيدها بسطا فنقول: لو قيل: (اقعدوا) مقتصرا عليه لم يعد سوى أمرهم بالقعود، وكذا لو قال: كونوا مع القاعدين، ولا تحصل هذه الفائدة من إلحاقهم بهؤلاء الموصوفين عند الناس بالتخلف والتقاعد الموسومين بهذه السمة إلا من عبارة الآية، ولقد جاء على لسان فرعون في إيعاد نبي الله موسى عليه السلام:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=29لأجعلنك من المسجونين ولم يقل: لأجعلنك مسجونا، لمثل هذه النكتة من البلاغة.
هذا، وإن الله تعالى عاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإذنه لهم بالقعود مع أن الله تعالى كره انبعاثهم؛ لأنه سبحانه كان يريد أن يتبين النبي - صلى الله عليه وسلم - حالهم، حتى يتبين له الصادق من الكاذب، وأنهم لا يخرجون.
قَالَ تَعَالَى فِي بَيَانِ أَنَّ مِنَ الْخَيْرِ أَلَّا يَخْرُجُوا وَأَنَّهُمْ مَا أَرَادُوا الْخُرُوجَ:
nindex.php?page=treesubj&link=30563_30881_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=47لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=49وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ
هَذِهِ الْآيَاتُ وَمَا يَلِيهَا فِي شَأْنِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَعَدُوا مُتَلَمِّسِينَ الْأَعْذَارَ، وَهِيَ كَاذِبَةٌ، وَالنِّفَاقُ سُوسَةُ الْمُجْتَمَعَاتِ، يَنْخُرُ فِي عِظَامِهَا، وَلَقَدْ حَاوَلُوا إِفْسَادَ الْجَمَاعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَلَكِنَّ النُّورَ الْمُحَمَّدِيَّ كَشَفَ ظُلُمَاتِهِمْ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ يُبَيِّنُ سُبْحَانَهُ مَضَارَّهُمْ فِي الْحَرْبِ إِنْ خَرَجُوا، وَلَكِنَّ النِّفَاقَ لَا يَلْتَقِي مَعَ مَخَاطِرِ الْجِهَادِ، فَلَمْ يَخْرُجُوا، وَكَانَ خَيْرًا - كَمَا أَشَرْنَا - فَقَالَ تَعَالَى وَقَدْ ثَبَّطَهُمُ اللَّهُ عَنِ الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ كَرِهَ انْبِعَاثَهُمْ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً [ ص: 3320 ] إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَتَبَ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَذِنَ لَهُمْ عِنْدَمَا اسْتَأْذَنُوا، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَكُشِفَ أَمْرُهُمْ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِي ادِّعَاءِ الْعُذْرِ وَلَا عُذْرَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا الْخُرُوجَ ابْتِدَاءً، وَأَكَّدَ اللَّهُ تَعَالَى عَدَمَ قَصْدِهِمُ الْخُرُوجَ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَبَدَتْ أَمَارَاتُهُ، فَأَعَدُّوا الْعُدَّةَ مِنْ إِعْدَادِ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، وَمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ فِيهَا مُلَاقَاةُ الرُّومَانِ الَّذِينَ كَانُوا أَقْوَى دَوْلَةً فِي ذَلِكَ الْإِبَّانِ، وَلَكِنْ لَمْ يُعِدُّوا عُدَّةً، فَلَمْ يَكُونُوا عَلَى نِيَّةِ الْخُرُوجِ، وَأَظْهَرُوا مَا فِي مَقْصِدِهِمْ بِاعْتِذَارِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَرِهَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخْرُجُوا، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ وَمَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ أَنَّهُ مَنَعَ لِوَهْمِ إِرَادَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - خُرُوجَهُمْ; لِأَنَّ مُؤَدَّى إِعْلَانِهِ عَلَى عَدَمِ خُرُوجِهِمْ قَدْ يُوهِمُ إِرَادَةَ اللَّهِ خُرُوجَهُمْ، فَنَفَاهَا سُبْحَانَهُ بِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ وَالِانْبِعَاثُ النُّهُوضُ لِلْخُرُوجِ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ، وَكَرَاهِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى لِخُرُوجِهِمْ لِمَا عَلِمَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْخَبَالَ وَالِاضْطِرَابَ لِلْمُؤْمِنِينَ، كَمَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْآيَاتُ التَّالِيَةُ، وَكَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الْأُمُورُ الْكَثِيرَةُ الَّتِي كَانَتْ تَقَعُ بِإِثَارَةِ الْفِتْنَةِ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ كَانُوا كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِفِتْنَةٍ أَطْفَاهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
(فَثَبَّطَهُمْ) أَيْ خَذَلَهُمْ وَأَوْقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ نُزُوعَ الْكَسَلِ وَالضَّعْفِ، وَأَزَالَ رَغْبَتَهُمْ فِي النُّهُوضِ إِلَى النَّفِيرِ مَعَ جَيْشِ الْإِيمَانِ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِلْمَصْلَحَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَنْعِهِمْ مِنَ الْخُرُوجِ، فَمَا أُرِيدَ التَّثْبِيطُ لِذَاتِهِ، وَلَكِنْ أُرِيدَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ حِمَايَةِ جَيْشِ الْإِيمَانِ مِنَ الْفِتَنِ يَبُثُّونَهَا فِيهِ، وَإِثَارَةِ الْخِلَافِ إِنْ سَنَحَتْ لَهُمْ أَسْبَابُهُ، وَلَا يُضْعِفُ الْجَيْشَ إِلَّا النِّزَاعُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=46وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا
فَكَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي أَلَّا يَخْرُجُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (قِيلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَأُسْنِدَ إِلَى الْمَفْعُولِ لِتَعَدُّدِ عَوَامِلِ التَّخْذِيلِ الَّتِي كَانَتْ فِي مَضْمُونِ الْقَوْلِ، فَجُبْنُهُمْ وَإِرَادَةُ الشَّرِّ بِالْمُؤْمِنِينَ وَبُعْدُ الشُّقَّةِ، وَكَوْنُ الْغَايَةِ فِيهِ بَعِيدَةً، وَفَسَادُ
[ ص: 3321 ] نُفُوسِهِمْ، وَتَخَاذُلُهُمْ عَنْ نُصْرَةِ الْحَقِّ، وَكَرَاهِيَةُ الْإِيمَانِ وَأَهْلِهِ - كُلُّ هَذِهِ عَوَامِلُ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْفَاعِلَ الَّذِي اسْتُعِيضَ عَنْهُ بِالْمَفْعُولِ، وَالْمَفْعُولُ الْمَقُولُ وَهُوَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ.
هَذِهِ الْعَوَامِلُ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا انْتَهَتْ بِهِمْ إِلَى أَنْ كَانَ لِسَانُ حَالِهِمْ يَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ
قَوْلُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ قَالَ فِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : هُوَ ذَمٌّ لَهُمْ وَتَعْجِيزٌ، وَإِلْحَاقُهُمْ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالزَّمْنَى الَّذِينَ شَأْنُهُمُ الْقُعُودُ وَالْجُثُومُ فِي الْبُيُوتِ وَهُمُ الْقَاعِدُونَ، وَهُمُ الْقَاعِدُونَ وَالْمُخَالِفُونَ وَالْخَوَالِفُ، وَبَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=87رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ
وَقَدْ عَلَّقَ النَّاصِرُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْكَشَّافِ فَقَالَ: وَهَذَا مِنْ تَنْبِيهَاتِهِ الْحَسَنَةِ، وَنَزِيدُهَا بَسْطًا فَنَقُولُ: لَوْ قِيلَ: (اقْعُدُوا) مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ لَمْ يَعُدْ سِوَى أَمْرِهِمْ بِالْقُعُودِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: كُونُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ، وَلَا تَحْصُلُ هَذِهِ الْفَائِدَةُ مِنْ إِلْحَاقِهِمْ بِهَؤُلَاءِ الْمَوْصُوفِينَ عِنْدَ النَّاسِ بِالتَّخَلُّفِ وَالتَّقَاعُدِ الْمَوْسُومِينَ بِهَذِهِ السِّمَةِ إِلَّا مِنْ عِبَارَةِ الْآيَةِ، وَلَقَدْ جَاءَ عَلَى لِسَانِ فِرْعَوْنَ فِي إِيعَادِ نَبِيِّ اللَّهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=29لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ وَلَمْ يَقُلْ: لِأَجْعَلَنَّكَ مَسْجُونًا، لِمِثْلِ هَذِهِ النُّكْتَةِ مِنَ الْبَلَاغَةِ.
هَذَا، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَاتَبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِذْنِهِ لَهُمْ بِالْقُعُودِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِهَ انْبِعَاثَهُمْ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَالَهُمْ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ.