[ ص: 3335 ] وقد يعجب العاجب من أنهم مع نفاقهم وكفرهم لهم أموال كثيرة وبنون، إنما هذا استدراج كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ولذا قال تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=29723_30196_30550_30564_30614_32944_34310_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون .
الفاء للإفصاح؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر يقتضيه سياق البيان، أي: إن كانت هذه الأموال لا ينفقونها في سبيل الله فلماذا يعطونها؟! فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فلا تعجبك أموالهم الآية، أي: لا يثر عجبك كثرة أموالهم وأولادهم وأنصارهم مما أعطوا مع كفرهم ونفاقهم واستهانتهم بالحق والتنفير منه، وتأليب المبطلين، لا يغرنك هذا، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=196لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=197متاع قليل وكما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى إنما هي فتنة لهم واستدراج، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=183وأملي لهم إن كيدي متين
ولذا قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55إنما يريد الله ليعذبهم أي: يريد إعطاءهم وتمكينهم، وحذف المفعول ليشمل كل متع الدنيا من مال وسلطان وقدرة على التحايل وغير ذلك (ليعذبهم) أي لينصرفوا مغرورين مخدوعين، فيكون من بعد ذلك العذاب الأليم في الآخرة، ولتكون لهم عذابا في الدنيا بالافتتان بها، ومن وراء فتنتهم يكون الحرمان بالمصائب والنكبات، وأن تكون مغانم للمؤمنين إذا اشتدت شديدة الحرب عليهم، والضياع والحرمان، فالمال ليس متعة خالصة، ولكنه تحمل لهمومه، فأكلة الربا الذين يستكثرون به من الأموال في هم دائم، حتى أنه لا يرى ربوي إلا ومعه سقام الجسم والنفس، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس وذلك هم واصب نشأ من ذات المال وأصاب النفس
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55وتزهق أنفسهم أي يموتون، وقد
[ ص: 3336 ] ضاقت نفوسهم من هموم الأموال وما فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55وهم كافرون جاحدون الحق، فتكون نفوسهم قد حرمت متعة الدنيا بمصائب الأموال والبنين ومفاتنهم، وحرموا راحة الإيمان، واطمئنان الحق، فخسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.
ولقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون
وإنهم لنفاقهم يبتعدون بقلوبهم عنكم، شاعرين بأنكم نافرون منهم غير واثقين يا معشر المؤمنين، وكلما كان النفور بسبب ما تعرفونه من لحن أقوالهم كلما شعروا بذلك أحسوا بأنهم لا يستطيعون خديعتكم، ولذلك يحاولون أن يحملوكم على الثقة فيهم، وما هم بأهل للثقة،
[ ص: 3335 ] وَقَدْ يَعْجَبُ الْعَاجِبُ مِنْ أَنَّهُمْ مَعَ نِفَاقِهِمْ وَكُفْرِهِمْ لَهُمْ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ وَبَنُونَ، إِنَّمَا هَذَا اسْتِدْرَاجٌ كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=29723_30196_30550_30564_30614_32944_34310_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ .
الْفَاءُ لِلْإِفْصَاحِ؛ لِأَنَّهَا تُفْصِحُ عَنْ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْبَيَانِ، أَيْ: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمْوَالُ لَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلِمَاذَا يُعْطَوْنَهَا؟! فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ الْآيَةَ، أَيْ: لَا يُثِرْ عَجَبَكَ كَثْرَةُ أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَنْصَارِهِمْ مِمَّا أَعْطَوْا مَعَ كُفْرِهِمْ وَنِفَاقِهِمْ وَاسْتِهَانَتِهِمْ بِالْحَقِّ وَالتَّنْفِيرِ مِنْهُ، وَتَأْلِيبِ الْمُبْطِلِينَ، لَا يَغُرَّنَّكَ هَذَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=196لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=197مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَكَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّمَا هِيَ فِتْنَةٌ لَهُمْ وَاسْتِدْرَاجٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=183وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ أَيْ: يُرِيدُ إِعْطَاءَهُمْ وَتَمْكِينَهُمْ، وَحُذِفَ الْمَفْعُولُ لِيَشْمَلَ كُلَّ مُتَعِ الدُّنْيَا مِنْ مَالٍ وَسُلْطَانٍ وَقُدْرَةٍ عَلَى التَّحَايُلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (لِيُعَذِّبَهُمْ) أَيْ لِيَنْصَرِفُوا مَغْرُورِينَ مَخْدُوعِينَ، فَيَكُونُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ فِي الْآخِرَةِ، وَلِتَكُونَ لَهُمْ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا بِالِافْتِتَانِ بِهَا، وَمِنْ وَرَاءِ فِتْنَتِهِمْ يَكُونُ الْحِرْمَانُ بِالْمَصَائِبِ وَالنَّكَبَاتِ، وَأَنْ تَكُونَ مَغَانِمَ لِلْمُؤْمِنِينَ إِذَا اشْتَدَّتْ شَدِيدَةُ الْحَرْبِ عَلَيْهِمْ، وَالضَّيَاعُ وَالْحِرْمَانُ، فَالْمَالُ لَيْسَ مُتْعَةً خَالِصَةً، وَلَكِنَّهُ تَحَمُّلٌ لِهُمُومِهِ، فَأَكَلَةُ الرِّبَا الَّذِينَ يَسْتَكْثِرُونَ بِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ فِي هَمٍّ دَائِمٍ، حَتَّى أَنَّهُ لَا يُرَى رِبَوِيٌّ إِلَّا وَمَعَهُ سَقَامُ الْجِسْمِ وَالنَّفْسِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ وَذَلِكَ هَمٌّ وَاصِبٌ نَشَأَ مِنْ ذَاتِ الْمَالِ وَأَصَابَ النَّفْسَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ أَيْ يَمُوتُونَ، وَقَدْ
[ ص: 3336 ] ضَاقَتْ نُفُوسُهُمْ مِنْ هُمُومِ الْأَمْوَالِ وَمَا فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55وَهُمْ كَافِرُونَ جَاحِدُونَ الْحَقَّ، فَتَكُونُ نُفُوسُهُمْ قَدْ حُرِمَتْ مُتْعَةَ الدُّنْيَا بِمَصَائِبِ الْأَمْوَالِ وَالْبَنِينِ وَمَفَاتِنِهِمْ، وَحُرِمُوا رَاحَةَ الْإِيمَانِ، وَاطْمِئْنَانَ الْحَقِّ، فَخَسِرُوا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، وَذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ.
وَلَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ
وَإِنَّهُمْ لِنِفَاقِهِمْ يَبْتَعِدُونَ بِقُلُوبِهِمْ عَنْكُمْ، شَاعِرِينَ بِأَنَّكُمْ نَافِرُونَ مِنْهُمْ غَيْرَ وَاثِقِينَ يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَكُلَّمَا كَانَ النُّفُورُ بِسَبَبِ مَا تَعْرِفُونَهُ مِنْ لَحْنِ أَقْوَالِهِمْ كُلَّمَا شَعَرُوا بِذَلِكَ أَحَسُّوا بِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ خَدِيعَتَكُمْ، وَلِذَلِكَ يُحَاوِلُونَ أَنْ يَحْمِلُوكُمْ عَلَى الثِّقَةِ فِيهِمْ، وَمَا هُمْ بِأَهْلٍ لِلثِّقَةِ،