وقال تعالى عنهم ذلك:
nindex.php?page=treesubj&link=18697_30563_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون .
(الواو) تدل على صلة هذه الجملة بالتي قبلها; لأن الكلام كله في المنافقين وشعورهم نحو المؤمنين، يحاول أولئك المنافقون أن يشعروا المؤمنين بأنهم منهم في شعورهم وإحساسهم واتجاههم ليستطيعوا أن يثبتوا فيهم ما يريدون من خداع وأن يفتنوهم عن دينهم، ويدسوا فيهم الخوف وضعف العزيمة، وذريعتهم الحلف بالله العظيم، وذلك يدل على مهانتهم في ذات أنفسهم، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10ولا تطع كل حلاف مهين
وموضع القسم أنهم منكم، ولذا يقول تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56ويحلفون بالله إنهم لمنكم ويؤكدون ادعاءهم لا بالنطق فقط بل بغير ذلك "بأنهم لمنكم" فيؤكدون بـ(إن) وباللام التي في خبرها، يؤكدون ذلك فضل تأكيد، والله يشهد أنهم ليسوا منكم بشعورهم وإحساسهم، بل تفرقت القلوب بينكم وبينهم بسبب نفاقهم، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون [ ص: 3337 ] وقد قال تعالى مردفا هذا الادعاء بما يدل على الدافع لهم على هذا الحلف:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56ولكنهم قوم يفرقون الفرق: الخوف. الاستدراك في قوله تعالى: (ولكنهم) هو استدراك من حلفهم، ويفيد عدم تصديقهم تأكيدا لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وما هم منكم وخوفهم من ناحيتين:
أولاهما: خوفهم من المؤمنين من أن يعرفوا حالهم، وينكشف أمرهم، وهو مكشوف، وهم يظنونه مستورا، وغرارة المنافق دائما أنه يحسب دائما أن أمره مستور، وهو معلوم ولا يجهل كشفه إلا هو.
والثانية أنهم يخافون أن يغامروا في جهاد مع المؤمنين؛ إذ يحسبون الجهاد مغامرة؛ لأنهم لا يؤمنون به، ولا يحسبون أن الجهاد حياة في عزة، ولا يؤمنون بالحياة الآخرة، فيحسبون أن النهاية تكون عند الموت، وأنهم يجعلون أنفسهم من المؤمنين، ولا يقولون أنهم معهم، بل يقولون إنهم من المؤمنين، وادعاؤهم أنهم منهم يتضمن أنهم مؤمنون، وأنهم جزء من المجتمع الكريم أو بعضه، ذلك إيغال في دعوى أن شعورهم كشعورهم، ولو مع ادعائهم ذلك يضيقون بجوارهم للمؤمنين، ويريدون أن يفارقوهم، ولذا قال تعالى:
وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ ذَلِكَ:
nindex.php?page=treesubj&link=18697_30563_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ .
(الْوَاوُ) تَدُلُّ عَلَى صِلَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بِالَّتِي قَبْلَهَا; لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ فِي الْمُنَافِقِينَ وَشُعُورِهِمْ نَحْوَ الْمُؤْمِنِينَ، يُحَاوِلُ أُولَئِكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ يُشْعِرُوا الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ مِنْهُمْ فِي شُعُورِهِمْ وَإِحْسَاسِهِمْ وَاتِّجَاهِهِمْ لِيَسْتَطِيعُوا أَنْ يُثَبِّتُوا فِيهِمْ مَا يُرِيدُونَ مِنْ خِدَاعٍ وَأَنْ يَفْتِنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَيَدُسُّوا فِيهِمُ الْخَوْفَ وَضَعْفَ الْعَزِيمَةِ، وَذَرِيعَتُهُمُ الْحَلِفُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَهَانَتِهِمْ فِي ذَاتِ أَنْفُسِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ
وَمَوْضِعُ الْقَسَمِ أَنَّهُمْ مِنْكُمْ، وَلِذَا يَقُولُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَيُؤَكِّدُونَ ادِّعَاءَهُمْ لَا بِالنُّطْقِ فَقَطْ بَلْ بِغَيْرِ ذَلِكَ "بِأَنَّهُمْ لَمِنْكُمْ" فَيُؤَكِّدُونَ بِـ(إِنَّ) وَبِاللَّامِ الَّتِي فِي خَبَرِهَا، يُؤَكِّدُونَ ذَلِكَ فَضْلَ تَأْكِيدٍ، وَاللَّهُ يَشْهَدُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْكُمْ بِشُعُورِهِمْ وَإِحْسَاسِهِمْ، بَلْ تَفَرَّقَتِ الْقُلُوبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ بِسَبَبِ نِفَاقِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ ص: 3337 ] وَقَدْ قَالَ تَعَالَى مُرْدِفًا هَذَا الِادِّعَاءَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الدَّافِعِ لَهُمْ عَلَى هَذَا الْحِلْفِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ الْفَرَقُ: الْخَوْفُ. الِاسْتِدْرَاكُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَكِنَّهُمْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ مِنْ حَلِفِهِمْ، وَيُفِيدُ عَدَمَ تَصْدِيقِهِمْ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَخَوْفُهُمْ مِنْ نَاحِيَتَيْنِ:
أَوْلَاهُمَا: خَوْفُهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْ يَعْرِفُوا حَالَهُمْ، وَيَنْكَشِفَ أَمْرُهُمْ، وَهُوَ مَكْشُوفٌ، وَهُمْ يَظُنُّونَهُ مَسْتُورًا، وَغَرَارَةُ الْمُنَافِقِ دَائِمًا أَنَّهُ يَحْسَبُ دَائِمًا أَنَّ أَمْرَهُ مَسْتُورٌ، وَهُوَ مَعْلُومٌ وَلَا يَجْهَلُ كَشْفَهُ إِلَّا هُوَ.
وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُمْ يَخَافُونَ أَنْ يُغَامِرُوا فِي جِهَادٍ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ؛ إِذْ يَحْسَبُونَ الْجِهَادَ مُغَامَرَةً؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَلَا يَحْسَبُونَ أَنَّ الْجِهَادَ حَيَاةٌ فِي عِزَّةٍ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِالْحَيَاةِ الْآخِرَةِ، فَيَحْسَبُونَ أَنَّ النِّهَايَةَ تَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَنْفُسَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَقُولُونَ أَنَّهُمْ مَعَهُمْ، بَلْ يَقُولُونَ إِنَّهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَادِّعَاؤُهُمْ أَنَّهُمْ مِنْهُمْ يَتَضَمَّنُ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ، وَأَنَّهُمْ جُزْءٌ مِنَ الْمُجْتَمَعِ الْكَرِيمِ أَوْ بَعْضُهُ، ذَلِكَ إِيغَالٌ فِي دَعْوَى أَنَّ شُعُورَهُمْ كَشُعُورِهِمْ، وَلَوْ مَعَ ادِّعَائِهِمْ ذَلِكَ يَضِيقُونَ بِجِوَارِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَارِقُوهُمْ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: