nindex.php?page=treesubj&link=7918الجهاد ماض إلى يوم القيامة
قال تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28845_30428_30437_30532_30539_30564_34122_7860_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم [ ص: 3375 ] وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير
* * *
بين الله تعالى حال المشركين، وما هم عليه، وذكر العذاب الذي يستقبلهم في الدنيا والآخرة، ثم بين حال المؤمنين، ثم يدعو سبحانه إلى استمرار المؤمنين في الجهاد، غير وانين ولا مقصرين.
والخطاب في الآية للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وللمؤمنين معه، وكان الخطاب للنبي ابتداء، لأنه القائد الأعلى، ولأنه الهادي والمرشد والموجه.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73جاهد معناها ابذل الجهد في دفع الكفار والمنافقين الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام بألسنتهم، ويقولون آمنا بأفواههم، وما هم بمؤمنين، ولا شك أن بذل الجهد في دفع الكفار والمنافقين يختلف، فالكفار الذين أعلنوا الكفر وفتنوا المسلمين يكون جهادهم دفعا بالسيف والقتال، والكفار الذين لم يعلنوا الكفر وأبطنوه، ولم يفتنوا المسلمين بالإيذاء والتعذيب. . كان يفعل ذلك المشركون في
مكة ولكنهم يثيرون الفساد والدس والفت في عضد المؤمنين فدفعهم يكون بدفع أذاهم وشرهم ومقاومة ما يبثونه في المؤمنين من تضليل، وأن يبعدهم عنهم، وبطلان ما يدعون إليه، وإقامة الأدلة عليهم ومنع تأثيرهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
nindex.php?page=hadith&LINKID=674066 "جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم "، ولا شك أن الجهاد باللسان له مقامه في جهاد المشركين، وأشد ما يكون تأثيرا في جهاد المنافقين.
nindex.php?page=treesubj&link=28845_27390_7860ومن جهاد المنافقين ألا يبش لهم، حتى يطمعوا في خداعه، بل يشعرهم بأنه في حذر منهم، ويقول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: يستنكر أفعالهم بيده، فإن لم يستطع فباكفهرار وجهه. وفي الجملة يسد عليهم باب خديعتهم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري: إن جهاد المنافقين بإقامة الحدود، وذلك على أساس مذهبه من أن مرتكب الكبيرة
[ ص: 3376 ] منافق، ويرى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير أن يكون جهادهم بالسيف إذا كشف نفاقهم، وأظهروا كفرهم، ويقول في ذلك إنهم في هذه الحال يخرجون من إسرار النفاق إلى الجهر بالكفر، فيدخلون في عموم الكفار المظهرين الكفر.
ولقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه أنه قال:
بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعة أسياف: سيف للمشركين بينه الله تعالى بقوله: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وسيف لكفار أهل الكتاب، وبينه سبحانه وتعالى بقوله: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وسيف للمنافقين بينه الله سبحانه بقوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وسيف للبغاة، كما قال تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله
وإنه قد روي أن الذي تولى سيف المنافقين هو الصديق خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد تكشف نفاقهم في الردة التي وقعت عقب وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ ارتد الأعراب الذين قال الله تعالى عنهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=97الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنـزل الله على رسوله
وإنه لهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير بقتل المنافق وقد لاحظ وصف الظهور، كالذين ارتدوا في عهد الصديق وقاتلهم عندما أرادوا أن يؤدوا الصلاة، ولا يؤتوا الزكاة، فقال لهم رضي الله عنه: " سلم مخزية، أو حرب مجلية ".
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73واغلظ عليهم أي: عاملهم بخشونة، ولا ترفق بهم فإن الرفق يكون بحملهم على الإيمان بالشدة عليهم حتى لا يمعنوا في الكفر، وعسى أن تكون الشدة دافعة غرورهم مانعة طغواءهم، وهذا عذابهم في الدنيا، ويكون بالهزيمة والخزي والخسران.
[ ص: 3377 ]
أما جزاؤهم في الآخرة، فقد ذكره سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73ومأواهم جهنم وبئس المصير والمعنى يسيرون إلى الآخرة حتى يجدوا المأوى الذي يؤويهم، وهو جهنم وفي هذا نوع من التهكم; لأن المأوى يأوي إليه الإنسان ليجد فيه المستقر والراحة والاطمئنان، فذكر المأوى في هذا المقام تهكم عليهم كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=21فبشرهم بعذاب أليم
ثم ذم الله تعالى هذا المأوى فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73وبئس المصير الذي آووا إليه. اللهم قنا عذاب النار.
لقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=652485آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان " فقول الذين عاصروا النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان أوضح أوصافهم الكذب والحلف، ولذا قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم
كان المنافقون ينالون بألسنتهم من النبي كثيرا، ولا يكفون ألسنتهم، ويقولون إذا أظهروا الإيمان، إنما نحن نستهزئ بهم، وكان الله يعلم نبيه بأحوالهم وأقوالهم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرفهم في لحن أقوالهم، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30ولتعرفنهم في لحن القول
وكانت كلماتهم الفاسقة، تتساقط على مسامع بعض المؤمنين من غير أن يتنبهوا، روي
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب فقال رجل من المنافقين، nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم بجواره، قال ذلك المنافق: (لئن كان هذا الرجل - أي: الرسول - صادقا فنحن شر من الحمير، فقال زيد رضي الله عنه: فهو والله صادق ولأنت شر من الحمار).
كان هذا القول وأشباهه يصل إلى مسامع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وربما يجابههم بهذا الذي ينقل، عندئذ يجدون المطية التي اختاروها، وهي مطية كل كذاب مهين، وهي الحلف بالله تعالى من غير أي حريجة.
nindex.php?page=treesubj&link=7918الْجِهَادُ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28845_30428_30437_30532_30539_30564_34122_7860_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ [ ص: 3375 ] وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ
* * *
بَيِّنَ اللَّهُ تَعَالَى حَالَ الْمُشْرِكِينَ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْعَذَابَ الَّذِي يَسْتَقْبِلُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ يَدْعُو سُبْحَانَهُ إِلَى اِسْتِمْرَارِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجِهَادِ، غَيْرَ وَانِينَ وَلَا مُقَصِّرِينَ.
وَالْخِطَابُ فِي الْآيَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِلْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ، وَكَانَ الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ اِبْتِدَاءً، لِأَنَّهُ الْقَائِدُ الْأَعْلَى، وَلِأَنَّهُ الْهَادِي وَالْمُرْشِدُ وَالْمُوَجِّهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73جَاهِدِ مَعْنَاهَا اُبْذُلِ الْجُهْدَ فِي دَفْعِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يُبْطِنُونَ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ، وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ بَذْلَ الْجُهْدِ فِي دَفْعِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ يَخْتَلِفُ، فَالْكُفَّارُ الَّذِينَ أَعْلَنُوا الْكُفْرَ وَفَتَنُوا الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ جِهَادُهُمْ دَفْعًا بِالسَّيْفِ وَالْقِتَالِ، وَالْكُفَّارُ الَّذِينَ لَمْ يُعْلِنُوا الْكُفْرَ وَأَبْطَنُوهُ، وَلَمْ يَفْتِنُوا الْمُسْلِمِينَ بِالْإِيذَاءِ وَالتَّعْذِيبِ. . كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِي
مَكَّةَ وَلَكِنَّهُمْ يُثِيرُونَ الْفَسَادَ وَالدَّسَّ وَالْفَتَّ فِي عَضُدِ الْمُؤْمِنِينَ فَدَفْعُهُمْ يَكُونُ بِدَفْعِ أَذَاهُمْ وَشَرِّهِمْ وَمُقَاوَمَةِ مَا يَبُثُّونَهُ فِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ تَضْلِيلٍ، وَأَنْ يُبْعِدَهُمْ عَنْهُمْ، وَبُطْلَانِ مَا يَدْعُونَ إِلَيْهِ، وَإِقَامَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَيْهِمْ وَمَنْعِ تَأْثِيرِهِمْ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=674066 "جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَنْفُسِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ "، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجِهَادَ بِاللِّسَانِ لَهُ مَقَامُهُ فِي جِهَادِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَشَدُّ مَا يَكُونُ تَأْثِيرًا فِي جِهَادِ الْمُنَافِقِينَ.
nindex.php?page=treesubj&link=28845_27390_7860وَمِنْ جِهَادِ الْمُنَافِقِينَ أَلَّا يَبَشَّ لَهُمْ، حَتَّى يَطْمَعُوا فِي خِدَاعِهِ، بَلْ يُشْعِرَهُمْ بِأَنَّهُ فِي حَذَرٍ مِنْهُمْ، وَيَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=10اِبْنُ مَسْعُودٍ: يَسْتَنْكِرُ أَفْعَالَهُمْ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِاكْفِهْرَارِ وَجْهِهِ. وَفِي الْجُمْلَةِ يَسُدُّ عَلَيْهِمْ بَابَ خَدِيعَتِهِمْ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِنَّ جِهَادَ الْمُنَافِقِينَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَذَلِكَ عَلَى أَسَاسِ مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ
[ ص: 3376 ] مُنَافِقٌ، وَيَرَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935اِبْنُ جَرِيرٍ أَنْ يَكُونَ جِهَادُهُمْ بِالسَّيْفِ إِذَا كَشَفَ نِفَاقَهُمْ، وَأَظْهَرُوا كُفْرَهُمْ، وَيَقُولُ فِي ذَلِكَ إِنَّهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَخْرُجُونَ مِنْ إِسْرَارِ النِّفَاقِ إِلَى الْجَهْرِ بِالْكُفْرِ، فَيَدْخُلُونَ فِي عُمُومِ الْكُفَّارِ الْمُظْهِرِينَ الْكُفْرَ.
وَلَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَالَ:
بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعَةِ أَسْيَافٍ: سَيْفٍ لِلْمُشْرِكِينَ بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَسَيْفٍ لِكُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَبَيَّنَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَسَيْفٍ لِلْمُنَافِقِينَ بَيَّنَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَسَيْفٍ لِلْبُغَاةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ
وَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى سَيْفَ الْمُنَافِقِينَ هُوَ الصِّدِّيقُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَدْ تَكَشَّفَ نِفَاقَهُمْ فِي الرِّدَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ عَقِبَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إِذِ اِرْتَدَّ الْأَعْرَابُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=97الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ
وَإِنَّهُ لِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935اِبْنُ جَرِيرٍ بِقَتْلِ الْمُنَافِقِ وَقَدْ لَاحَظَ وَصْفَ الظُّهُورِ، كَاَلَّذِينِ اِرْتَدَوْا فِي عَهْدِ الصِّدِّيقِ وَقَاتَلَهُمْ عِنْدَمَا أَرَادُوا أَنْ يُؤَدُّوا الصَّلَاةَ، وَلَا يُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَقَالَ لَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " سَلْمٌ مُخْزِيَةٌ، أَوْ حَرْبٌ مُجْلِيَةٌ ".
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ أَيْ: عَامِلْهُمْ بِخُشُونَةٍ، وَلَا تَرْفُقْ بِهِمْ فَإِنَّ الرِّفْقَ يَكُونُ بِحَمْلِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِالشِّدَّةِ عَلَيْهِمْ حَتَّى لَا يُمْعِنُوا فِي الْكُفْرِ، وَعَسَى أَنْ تَكُونَ الشِّدَّةُ دَافِعَةً غُرُورَهُمْ مَانِعَةً طَغْوَاءَهُمْ، وَهَذَا عَذَابُهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَيَكُونُ بِالْهَزِيمَةِ وَالْخِزْيِ وَالْخُسْرَانِ.
[ ص: 3377 ]
أَمَا جَزَاؤُهُمْ فِي الْآخِرَةِ، فَقَدْ ذَكَرَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ وَالْمَعْنَى يَسِيرُونَ إِلَى الْآخِرَةِ حَتَّى يَجِدُوا الْمَأْوَى الَّذِي يُؤْوِيهِمْ، وَهُوَ جَهَنَّمُ وَفِي هَذَا نَوْعٌ مِنَ التَّهَكُّمِ; لِأَنَّ الْمَأْوَى يَأْوِي إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ لِيَجِدَ فِيهِ الْمُسْتَقَرَّ وَالرَّاحَةَ وَالِاطْمِئْنَانَ، فَذِكْرُ الْمَأْوَى فِي هَذَا الْمَقَامِ تَهَكُّمٌ عَلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=21فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
ثُمَّ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْمَأْوَى فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73وَبِئْسَ الْمَصِيرُ الَّذِي آوَوْا إِلَيْهِ. اللَّهُمَّ قِنَا عَذَابَ النَّارِ.
لَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=652485آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ " فَقَوْلُ الَّذِينَ عَاصَرُوا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَانَ أَوْضَحُ أَوْصَافِهِمِ الْكَذِبَ وَالْحَلِفَ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ
كَانَ الْمُنَافِقُونَ يَنَالُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنَ النَّبِيِّ كَثِيرًا، وَلَا يَكُفُّونَ أَلْسِنَتَهُمْ، وَيَقُولُونَ إِذَا أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ، إِنَّمَا نَحْنُ نَسْتَهْزِئُ بِهِمْ، وَكَانَ اللَّهُ يُعْلِمُ نَبِيَّهُ بِأَحْوَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْرِفُهُمْ فِي لَحْنِ أَقْوَالِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ
وَكَانَتْ كَلِمَاتُهُمِ الْفَاسِقَةُ، تَتَسَاقَطُ عَلَى مَسَامِعِ بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَنَبَّهُوا، رُوِيَ
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، nindex.php?page=showalam&ids=68وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ بِجِوَارِهِ، قَالَ ذَلِكَ الْمُنَافِقَ: (لَئِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ - أَيِ: الرَّسُولُ - صَادِقًا فَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ، فَقَالَ زَيْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَهُوَ وَاَللَّهِ صَادِقٌ وَلَأَنْتَ شَرٌّ مِنَ الْحِمَارِ).
كَانَ هَذَا الْقَوْلُ وَأَشْبَاهُهُ يَصِلُ إِلَى مَسَامِعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَرُبَّمَا يُجَابِهُهُمْ بِهَذَا الَّذِي يُنْقَلُ، عِنْدَئِذٍ يَجِدُونَ الْمَطِيَّةَ الَّتِي اِخْتَارُوهَا، وَهِيَ مَطِيَّةُ كُلِّ كَذَّابٍ مَهِينٍ، وَهِيَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ أَيِّ حَرِيجَةٍ.