الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : يأخذ الصيف من الشتاء ويأخذ الشتاء من الصيف ، قاله ابن مسعود ومجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ينقص من النهار ليجعله في الليل وينقص من الليل ليجعله في النهار ، قاله الحسن وعكرمة وابن جبير وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : يسلك الظلمة مسالك الضياء ويسلك الضياء مسالك الظلمة فيصير كل واحد منهما مكان الآخر ، قالهابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل رابعا : أنه يدخل ظلمة الليل في ضوء النهار إذا أقبل ، ويدخل ضوء النهار في ظلمة الليل إذا أقبل ، فيصير كل واحد منهما داخلا في الآخر .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 346 ] وسخر الشمس والقمر أي ذللهما بالطلوع والأفول تقديرا للآجال وإتماما للمنافع .

                                                                                                                                                                                                                                        كل يجري إلى أجل مسمى فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : يعني إلى وقته في طلوعه وأفوله لا يعدوه ولا يقصر عنه ، وهو معنى قول قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : إلى يوم القيامة ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        وأن الله بما تعملون خبير يعني بما تعملون في الليل والنهار .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : ذلك بأن الله هو الحق فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : هو الله الذي لا إله غيره ، قاله ابن كامل .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن الحق اسم من أسماء الله ، قاله أبو صالح .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أن الله هو القاضي بالحق .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل رابعا : أن طاعة الله حق .

                                                                                                                                                                                                                                        وأن ما يدعون من دونه الباطل فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : الشيطان هو الباطل ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ما أشركوا بالله تعالى من الأصنام والأوثان ، قاله ابن كامل .

                                                                                                                                                                                                                                        وأن الله هو العلي الكبير أي العلي في مكانته الكبير في سلطانه .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 347 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية