الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير

                                                                                                                                                                                                                                        قوله : إن الله عنده علم الساعة يحتمل وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن قيامها مختص بعلمه .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن قيامها موقوف على إرادته .

                                                                                                                                                                                                                                        وينزل الغيث فيما يشاء من زمان ومكان .

                                                                                                                                                                                                                                        ويعلم ما في الأرحام فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : من ذكر وأنثى ، سليم وسقيم .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 350 ] الثاني : من مؤمن وكافر وشقي وسعيد .

                                                                                                                                                                                                                                        وما تدري نفس ماذا تكسب غدا فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : من خير أو شر .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : من إيمان أو كفر .

                                                                                                                                                                                                                                        وما تدري نفس بأي أرض تموت فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : على أي حكم تموت من سعادة أو شقاء ، حكاه النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : في أي أرض يكون موته ودفنه وهو أظهر . وقد روى أبو مليح عن أبي عزة الهذلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أراد الله تعالى قبض روح عبد بأرض جعل إليها حاجة فلم ينته حتى يقدمها ، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم : إن الله عنده علم الساعة إلى قوله : بأي أرض تموت .

                                                                                                                                                                                                                                        وقال هلال بن إساف : ما من مولود يولد إلا وفي سرته من تربة الأرض التي يدفن فيها .

                                                                                                                                                                                                                                        إن الله عليم خبير يحتمل وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 351 ] أحدهما : عليم بالغيب خبير بالنية .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : عليم بالأعمال خبير بالجزاء . ويقال إن هذه الآية نزلت في رجل من أهل البادية يقال له: الوارث بن عمرو بن حارثة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي حبلى فأخبرني ماذا تلد ، وبلادنا جدبة فأخبرني متى ينزل الغيث ، وقد علمت متى ولدت فأخبرني متى يقوم الساعة؟ فنزلت هذه الآية . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية