الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1257 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ولا يحل لأحد من الشركاء إنفاذ شيء من الحكم في جزء معين مما له فيه شريك ، ولا في كله - سواء قل ذلك الجزء أو كثر - لا بيع ، ولا صدقة ، ولا هبة ، ولا إصداق ، ولا إقرار فيه لأحد ، ولا تحبيس ، ولا غير ذلك ، كمن باع ربع هذا البيت ، أو ثلث هذه الدار ، أو ما أشبه ذلك ، أو كان شريكه حاضرا ، أو مقاسمته له ممكنة ، لأن كل ما ذكرنا كسب على غيره ، لأنه لا يدري أيقع له عند القسمة ذلك الجزء أم لا ؟ وقد قال الله تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } .

                                                                                                                                                                                          ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } . 1258 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          فإن وقع شيء مما ذكرنا فسخ أبدا - سواء وقع ذلك الشيء بعينه بعد ذلك في حصته أو لم يقع - : لا ينفذ شيء مما ذكرنا أصلا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد } وكل ما ذكرنا فإنه عمل وقع بخلاف أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه السلام فهو رد .

                                                                                                                                                                                          وأيضا : فكل عقد لم يجز حين عقده بل وجب إبطاله ، فمن المحال الباطل أن يجوز في وقت آخر لم يعقد فيه ، وكل قول لم يصدق حين النطق به فمن الباطل الممتنع [ ص: 428 ] أن يصدق حين لم ينطق به ، إلا أن يوجب شيئا من ذلك في مكان من الأمكنة : قرآن ، أو سنة ، فيسمع له ويطاع .

                                                                                                                                                                                          وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          ومن كان بينه وبين غيره أرض ، أو حيوان ، أو عرض ، فباع شيئا من ذلك ، أو وهبه ، أو تصدق به ، أو أصدقه ، فإن كان شريكه غائبا ، ولم يجب إلى القسمة ، أو حاضرا يتعذر عليه أن يضمه إلى القسمة ، أو لم يجبه إلى القسمة : فله تعجيل أخذ حقه ، والقسمة والعدل فيها ، لأنه لا فرق بين قسمة الحاكم إذا عدل ، وبين قسمة الشريك إذا عدل ، إذ لم يوجب الفرق بين ذلك قرآن ، ولا سنة ، ولا معقول ، ومنعه من أخذ حقه جور ، وكل ذي حق أولى بحقه - فينظر حينئذ ؟ فإن كان أنفذ ما ذكرنا في مقدار حقه في القيمة بالعدل غير متزيد ، ولا محاب لنفسه بشيء أصلا : فهي قسمة حق ، وكل ما أنفذ من ذلك جائز نافذ : أحب شريكه أم كره .

                                                                                                                                                                                          فإن كان حابى نفسه ، فسخ كل ذلك ، لأنها صفقة جمعت حراما وحلالا فلم تنعقد صحيحة .

                                                                                                                                                                                          فلو غرس وبنى وعمر : نفذ كل ذلك في مقدار حقه وقضى بما زاد للذي يشركه ، ولا حق له في بنائه وعمارته ، وغرسه ، إلا قلع عين مال ، كالغصب ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          فلو كان طعاما فأكل منه : ضمن ما زاد على مقدار حقه .

                                                                                                                                                                                          فإن كان مملوكا فأعتق : ضمن حصة شريكه - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          تم " كتاب القسمة " والحمد لله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية