ولما بين سبحانه أن المنافقين بعضهم من بعض وما توعدهم به وما استتبعه من تهديدهم بإهلاك من شابهوه، وختم بما سبب هلاكهم من إصرارهم وعدم اعتبارهم، عطف ببيان حال المؤمنين ترغيبا في التوبة طعما في مثل حالهم فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=21368_24660_2646_2649_28328_28633_28723_30538_842_844_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71والمؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71والمؤمنات أي: بما جاءهم عن ربهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71بعضهم أولياء ولم يقل: من، كما قال في المنافقين: من
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71بعض دلالة على أن أحدا منهم لم يقلد أحدا في أصل الإيمان ولا وافقه بحكم الهوى، بل كلهم مصوبون بالذات وبالقصد الأول إلى اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدليل القطعي على حسب فهم كل أحد منهم، فذلك دليل على صحة إيمانهم ورسوخهم في تسليمهم وإذعانهم; ثم بين ولايتهم بأنهم يد واحدة على من سواهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71يأمرون أي: كلهم على وجه التعاضد والتناصر
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71بالمعروف وهو كل ما عرفه الشرع وأجازه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وينهون [ ص: 544 ] أي: كذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71عن المنكر لا يحابون أحدا.
ولما ذكر الدليل القطعي على صحة الإيمان، أتبعه
nindex.php?page=treesubj&link=24589أفضل العبادات فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71ويقيمون الصلاة أي: يوجدونها على صفة تقتضي قيامها بجميع أركانها وشروطها وحدودها مراقبة لربهم واستعانة بذلك على جميع ما ينوبهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71ويؤتون الزكاة أي: مواساة منهم لفقرائهم صلة للخلائق بعد خدمة الخالق، وذلك مواز لقوله: في المنافقين
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67ويقبضون أيديهم ولما خص أمهات الدين عم بيانا لأنهم لا ينسون الله طرفة عين بل يذكرونه في كل حال بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71ويطيعون الله أي: الملك الأعظم الذي لا ملك سواه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71ورسوله إشارة إلى حسن سيرتهم وجميل عشرتهم.
ولما ذكر مكارم أفعالهم، أتبعه حسن مآلهم فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71أولئك أي: العظماء الشأن
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71سيرحمهم الله أي: المستجمع لصفات الكمال بوعد لا خلف فيه، وهذا مع الجملة قبله مواز لقوله: في المنافقين
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67نسوا الله فنسيهم وهو إشارة إلى أن الطريق وعر والأمر شديد عسر، فالسائر مضطر إلى الرحمة، وهي المعاملة بعد الغفران بالإكرام، لا قدرة له على قطع مفاوز الطريق إلا بها، ولا وصول له أصلا من غير سببها.
ولما بين أن حال المؤمنين مبني على الموالاة وكانت الموالاة فقيرة إلى الإعانة قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71إن الله أي: الذي له الإحاطة الكاملة
[ ص: 545 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71عزيز أي: غالب غير مغلوب بوجه، فهو قادر على نصر من يوالي حزبه وأن ينيله من ثمرات الرحمة ما يريد من غير أن يقدر أحد على أن يحول بينه وبين شيء من ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71حكيم أي: فلا يقدر أحد على نقض ما يحكمه وحل ما يبرمه، وفي ذلك إشارة إلى أن المؤمنين لا يزالون منصورين على كل مفسد ما داموا على هذه الخلال من الموالاة وما معها من حميد الخصال.
وَلَمَّا بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَمَا تَوَعَّدَهُمْ بِهِ وَمَا اسْتَتْبَعَهُ مِنْ تَهْدِيدِهِمْ بِإِهْلَاكِ مَنْ شَابَهُوهُ، وَخَتَمَ بِمَا سَبَّبَ هَلَاكَهُمْ مِنْ إِصْرَارِهِمْ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِمْ، عَطَفَ بِبَيَانِ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ تَرْغِيبًا فِي التَّوْبَةِ طَعَمًا فِي مِثْلِ حَالِهِمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=21368_24660_2646_2649_28328_28633_28723_30538_842_844_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَالْمُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَالْمُؤْمِنَاتُ أَيْ: بِمَا جَاءَهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ وَلَمْ يَقُلْ: مِنْ، كَمَا قَالَ فِي الْمُنَافِقِينَ: مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71بَعْضٍ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يُقَلِّدْ أَحَدًا فِي أَصْلِ الْإِيمَانِ وَلَا وَافَقَهُ بِحُكْمِ الْهَوَى، بَلْ كُلُّهُمْ مُصَوِّبُونَ بِالذَّاتِ وَبِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ إِلَى اتِّبَاعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ عَلَى حَسَبِ فَهْمِ كُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِهِمْ وَرُسُوخِهِمْ فِي تَسْلِيمِهِمْ وَإِذْعَانِهِمْ; ثُمَّ بَيَّنَ وِلَايَتَهَمُ بِأَنَّهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71يَأْمُرُونَ أَيْ: كُلُّهُمْ عَلَى وَجْهِ التَّعَاضُدِ وَالتَّنَاصُرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ كُلُّ مَا عَرَفَهُ الشَّرْعُ وَأَجَازَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَيَنْهَوْنَ [ ص: 544 ] أَيْ: كَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71عَنِ الْمُنْكَرِ لَا يُحَابُونَ أَحَدًا.
وَلَمَّا ذَكَرَ الدَّلِيلَ الْقَطْعِيَّ عَلَى صِحَّةِ الْإِيمَانِ، أَتْبَعَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=24589أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ أَيْ: يُوجِدُونَهَا عَلَى صِفَةٍ تَقْتَضِي قِيَامَهَا بِجَمِيعِ أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا وَحُدُودِهَا مُرَاقَبَةً لِرَبِّهِمْ وَاسْتِعَانَةً بِذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ مَا يَنُوبُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ أَيْ: مُوَاسَاةً مِنْهُمْ لِفُقَرَائِهِمْ صِلَةً لِلْخَلَائِقِ بَعْدَ خِدْمَةِ الْخَالِقِ، وَذَلِكَ مُوَازٍ لِقَوْلِهِ: فِي الْمُنَافِقِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ وَلَمَّا خَصَّ أُمَّهَاتِ الدِّينِ عَمَّ بَيَانًا لِأَنَّهُمْ لَا يَنْسَوْنَ اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ بَلْ يَذْكُرُونَهُ فِي كُلِّ حَالٍ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَيُطِيعُونَ اللَّهَ أَيِ: الْمَلِكَ الْأَعْظَمَ الَّذِي لَا مَلِكَ سِوَاهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَرَسُولَهُ إِشَارَةً إِلَى حُسْنِ سِيرَتِهِمْ وَجَمِيلِ عِشْرَتِهِمْ.
وَلَمَّا ذَكَرَ مَكَارِمَ أَفْعَالِهِمْ، أَتْبَعَهُ حُسْنَ مَآلِهِمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71أُولَئِكَ أَيِ: الْعُظَمَاءُ الشَّأْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ أَيِ: الْمُسْتَجْمِعُ لِصِفَاتِ الْكَمَالِ بِوَعْدٍ لَا خُلْفَ فِيهِ، وَهَذَا مَعَ الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ مُوَازٍ لِقَوْلِهِ: فِي الْمُنَافِقِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الطَّرِيقَ وَعْرٌ وَالْأَمْرُ شَدِيدٌ عَسِرٌ، فَالسَّائِرُ مُضْطَرٌّ إِلَى الرَّحْمَةِ، وَهِيَ الْمُعَامَلَةُ بَعْدَ الْغُفْرَانِ بِالْإِكْرَامِ، لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى قَطْعِ مَفَاوِزِ الطَّرِيقِ إِلَّا بِهَا، وَلَا وُصُولَ لَهُ أَصْلًا مِنْ غَيْرِ سَبَبِهَا.
وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَالَاةِ وَكَانَتِ الْمُوَالَاةُ فَقِيرَةً إِلَى الْإِعَانَةِ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71إِنَّ اللَّهَ أَيِ: الَّذِي لَهُ الْإِحَاطَةُ الْكَامِلَةُ
[ ص: 545 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71عَزِيزٌ أَيْ: غَالِبٌ غَيْرُ مَغْلُوبٍ بِوَجْهٍ، فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى نَصْرِ مَنْ يُوَالِي حِزْبَهُ وَأَنْ يُنِيلَهُ مِنْ ثَمَرَاتِ الرَّحْمَةِ مَا يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71حَكِيمٌ أَيْ: فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى نَقْضِ مَا يُحْكِمُهُ وَحَلِّ مَا يُبْرِمُهُ، وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَزَالُونَ مَنْصُورِينَ عَلَى كُلِّ مُفْسِدٍ مَا دَامُوا عَلَى هَذِهِ الْخِلَالِ مِنَ الْمُوَالَاةِ وَمَا مَعَهَا مِنْ حَمِيدِ الْخِصَالِ.