ولما كان المسرور بشيء الكاره لضده الناهي عنه لا يفعل الضد إلا تكلفا ولا قلب له إليه وكان هذا الدين مبنيا على العزة والغنى، أتبع ذلك بقوله: مسببا عن فرحهم بالتخلف:
nindex.php?page=treesubj&link=28845_30563_30881_8371_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فإن رجعك الله أي: الملك الذي له العظمة كلها فله الغنى المطلق عن سفرك هذا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83إلى طائفة منهم أي: وهم الذين يمد الله في أعمارهم إلى أن ترجع إليهم، وهذا يدل على أنه أهلك سبحانه في غيبته بعضهم، فأردت الخروج إلى سفر آخر
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فاستأذنوك أي: طلبوا أن تأذن لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83للخروج أي: معك في سفرك ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فقل عقوبة لهم وغنى عنهم وعزة عليهم ناهيا لهم بصيغة الخبر ليكون صدقك فيه علما من أعلام النبوة وبرهانا من براهين الرسالة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83لن تخرجوا معي أبدا أي: في سفر من الأسفار؛ لأن الله قد أغناني عنكم وأحوجكم إلي
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83ولن تقاتلوا معي عدوا لأنكم جعلتم أنفسكم في عداد ربات الحجال ولا تصلحون لقتال; والتقييد بالمعية كما يؤذن باستثقالهم يخرج ما كان بعده صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم من سفرهم وقتالهم.
[ ص: 565 ] ولما أخزاهم سبحانه بما أخزوا به أنفسهم، علله بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83إنكم رضيتم بالقعود أي: عن التشرف بمصاحبتي، ولما كانت الأوليات أدل على تمكن الغرائز من الإيمان والكفران وغيرها قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83أول مرة أي: في غزوة
تبوك، ومن فاتنا يكفيه أنا نفوته; قال
أبو حيان : فعلل بالمسبب وهو الرضى الناشئ عن السبب وهو النفاق. انتهى.
ولما أنهى الحكم والعلة سبب عنه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فاقعدوا مع الخالفين أي: الذين رضوا لأنفسهم بهذا الوصف الذي من جملة معانيه: الفاسد؛ فهم لا يصلحون لجهاد ولا يلفون أبدا في مواطن الأمجاد، وقال بعضهم: المراد بهم الذين تخلفوا بغير عذر في غزوة
تبوك، أو النساء والصبيان أو أدنياء الناس أو المخالفون أو المرضى والزمنى أو أهل الفساد، والأولى الحمل على الجميع، أي: لأن المراد تبكيتهم وتوبيخهم،
وَلَمَّا كَانَ الْمَسْرُورُ بِشَيْءٍ الْكَارِهُ لِضِدِّهِ النَّاهِي عَنْهُ لَا يَفْعَلُ الضِّدَّ إِلَّا تَكَلُّفًا وَلَا قَلْبَ لَهُ إِلَيْهِ وَكَانَ هَذَا الدِّينُ مَبْنِيًّا عَلَى الْعِزَّةِ وَالْغِنَى، أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: مُسَبِّبًا عَنْ فَرَحِهِمْ بِالتَّخَلُّفِ:
nindex.php?page=treesubj&link=28845_30563_30881_8371_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ أَيِ: الْمَلِكُ الَّذِي لَهُ الْعَظَمَةُ كُلُّهَا فَلَهُ الْغِنَى الْمُطْلَقُ عَنْ سَفَرِكَ هَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ أَيْ: وَهُمُ الَّذِينَ يَمُدُّ اللَّهُ فِي أَعْمَارِهِمْ إِلَى أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَهْلَكَ سُبْحَانَهُ فِي غَيْبَتِهِ بَعْضَهُمْ، فَأَرَدْتَ الْخُرُوجَ إِلَى سَفَرٍ آخَرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فَاسْتَأْذَنُوكَ أَيْ: طَلَبُوا أَنْ تَأْذَنَ لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83لِلْخُرُوجِ أَيْ: مَعَكَ فِي سَفَرِكَ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فَقُلْ عُقُوبَةً لَهُمْ وَغِنًى عَنْهُمْ وَعِزَّةً عَلَيْهِمْ نَاهِيًا لَهُمْ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ لِيَكُونَ صِدْقُكَ فِيهِ عَلَمًا مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَبُرْهَانًا مِنْ بَرَاهِينِ الرِّسَالَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا أَيْ: فِي سَفَرٍ مِنَ الْأَسْفَارِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَغْنَانِي عَنْكُمْ وَأَحْوَجَكُمْ إِلَيَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا لِأَنَّكُمْ جَعَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ فِي عِدَادِ رَبَّاتِ الْحِجَالِ وَلَا تَصْلُحُونَ لِقِتَالٍ; وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَعِيَّةِ كَمَا يُؤْذِنُ بِاسْتِثْقَالِهِمْ يُخْرِجُ مَا كَانَ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ سَفَرِهِمْ وَقِتَالِهِمْ.
[ ص: 565 ] وَلَمَّا أَخْزَاهُمْ سُبْحَانَهُ بِمَا أَخْزَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَيْ: عَنِ التَّشَرُّفِ بِمُصَاحَبَتِي، وَلَمَّا كَانَتِ الْأَوَّلِيَّاتُ أَدُلَّ عَلَى تَمَكُّنِ الْغَرَائِزِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرَانِ وَغَيْرِهَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83أَوَّلَ مَرَّةٍ أَيْ: فِي غَزْوَةِ
تَبُوكَ، وَمَنْ فَاتَنَا يَكْفِيهِ أَنَّا نَفُوتُهُ; قَالَ
أَبُو حَيَّانَ : فَعَلَّلَ بِالْمُسَبِّبِ وَهُوَ الرِّضَى النَّاشِئُ عَنِ السَّبَبِ وَهُوَ النِّفَاقُ. انْتَهَى.
وَلَمَّا أَنْهَى الْحَكَمَ وَالْعِلَّةَ سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ أَيِ: الَّذِينَ رَضُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِهَذَا الْوَصْفِ الَّذِي مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِيهِ: الْفَاسِدُ؛ فَهُمْ لَا يَصْلُحُونَ لِجِهَادٍ وَلَا يُلْفَوْنَ أَبَدًا فِي مُوَاطِنِ الْأَمْجَادِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُرَادُ بِهِمُ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي غَزْوَةِ
تَبُوكَ، أَوِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ أَوْ أَدْنِيَاءُ النَّاسِ أَوِ الْمُخَالِفُونَ أَوِ الْمَرْضَى وَالزَّمْنَى أَوْ أَهْلُ الْفَسَادِ، وَالْأَوْلَى الْحَمْلُ عَلَى الْجَمِيعِ، أَيْ: لِأَنَّ الْمُرَادَ تَبْكِيتُهُمْ وَتَوْبِيخُهُمْ،