ولما ذكر هذا القسم المارد الجافي، ثنى بمقابلة اللين الصافي، وهي الفرقة التي نجز المتاب عليها والنظر بعين الرحمة إليها فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28861_29694_30520_30880_34298_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102وآخرون أي: ممن حولكم من الأعراب ومن أهل المدينة آخرون
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102اعترفوا بذنوبهم أي: كلفوا أنفسهم ذكرها توبة منهم ندما وإقلاعا وعزما ولم يفزعوا إلى المعاذير الكاذبة [وهم المقتصدون].
ولما كان الخلط جمعا في امتزاج، كان بمجرد ذكره يفهم أن المخلوط امتزج بغيره، فالإتيان بالواو في «آخر» يفهم أن المعنى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102خلطوا عملا صالحا بسيئ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102وآخر سيئا بصالح، فهو من ألطف شاهد لنوع الاحتباك، ولعل التعبير بما أفهم ذلك إشارة إلى تساوي العملين وأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر أن يكون أصلا، [وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في أناس رآهم في المنام شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في التفسير عن
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة رضي الله عنه] ثم أوجب تحقيق توبتهم الملزومة للاعتراف بقبولها بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102عسى الله أي: بما له من الإحاطة بأوصاف الكمال
[ ص: 11 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102أن يتوب عليهم فإن
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102عسى منه سبحانه وتعالى واجبة لأن هذا دأب الملوك، ولعل التعبير بها يفيد - مع الإيذان بأنه لا يجب عليه لأحد شيء، وأن كل إحسان يفعله فإنما هو على سبيل الفضل إشارة إلى أنهم صاروا كغيرهم من خلص المؤمنين غير المعصومين في مواقعة التقصير وتوقع الرحمة من الله بالرجوع بهم إلى المراقبة، فكما أن أولئك معدودون في حزب الله مع هذا التقصير المرجو له العفو فكذلك هؤلاء; ثم علل فعله بهم مرجيا للمزيد بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102إن الله أي ذا الجلال والإكرام
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102غفور رحيم أي: لم يزل موصوفا بقبول المعرض إذا أقبل وإبدال سيئه بحسن فضلا منه وإكراما; روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه في التفسير عن
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=654306أتاني الليلة آتيان فابتعثاني فانتهيا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة، فتلقانا رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء، وشطر كأقبح ما أنت راء، قالا [لهم]: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة، قالا لي: هذه جنة عدن، وهذاك منزلك، قالا: أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فإنهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عفا الله عنهم ».
وَلَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْقِسْمَ الْمَارِدَ الْجَافِيَ، ثَنَّى بِمُقَابَلَةِ اللَّيِّنِ الصَّافِي، وَهِيَ الْفِرْقَةُ الَّتِي نُجِزَ الْمَتَابُ عَلَيْهَا وَالنَّظَرُ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ إِلَيْهَا فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28861_29694_30520_30880_34298_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102وَآخَرُونَ أَيْ: مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ آخَرُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ أَيْ: كَلَّفُوا أَنْفُسَهُمْ ذِكْرَهَا تَوْبَةً مِنْهُمْ نَدَمًا وَإِقْلَاعًا وَعَزْمًا وَلَمْ يَفْزَعُوا إِلَى الْمَعَاذِيرِ الْكَاذِبَةِ [وَهُمُ الْمُقْتَصِدُونَ].
وَلَمَّا كَانَ الْخَلْطُ جَمْعًا فِي امْتِزَاجٍ، كَانَ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهِ يُفْهَمُ أَنَّ الْمَخْلُوطَ امْتَزَجَ بِغَيْرِهِ، فَالْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ فِي «آخَرَ» يُفْهِمُ أَنَّ الْمَعْنَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا بِسَيِّئٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102وَآخَرَ سَيِّئًا بِصَالِحٍ، فَهُوَ مِنْ أَلْطَفِ شَاهِدٍ لِنَوْعِ الِاحْتِبَاكِ، وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِمَا أَفْهَمَ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى تَسَاوِي الْعَمَلَيْنِ وَأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنَ الْآخَرِ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا، [وَقَدْ فَسَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فِي أُنَاسٍ رَآهُمْ فِي الْمَنَامِ شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ كَمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=24سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] ثُمَّ أَوْجَبَ تَحْقِيقَ تَوْبَتِهِمُ الْمَلْزُومَةِ لِلِاعْتِرَافِ بِقَبُولِهَا بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102عَسَى اللَّهُ أَيْ: بِمَا لَهُ مِنَ الْإِحَاطَةِ بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ
[ ص: 11 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102عَسَى مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاجِبَةٌ لِأَنَّ هَذَا دَأْبُ الْمُلُوكِ، وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِهَا يُفِيدُ - مَعَ الْإِيذَانِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ شَيْءٌ، وَأَنَّ كُلَّ إِحْسَانٍ يَفْعَلُهُ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْفَضْلِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمْ صَارُوا كَغَيْرِهِمْ مِنْ خُلَّصِ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ الْمَعْصُومِينَ فِي مُوَاقَعَةِ التَّقْصِيرِ وَتَوَقُّعِ الرَّحْمَةِ مِنَ اللَّهِ بِالرُّجُوعِ بِهِمْ إِلَى الْمُرَاقَبَةِ، فَكَمَا أَنَّ أُولَئِكَ مَعْدُودُونَ فِي حِزْبِ اللَّهِ مَعَ هَذَا التَّقْصِيرِ الْمَرْجُوِّ لَهُ الْعَفْوُ فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ; ثُمَّ عَلَّلَ فِعْلَهُ بِهِمْ مُرَجِّيًا لِلْمَزِيدِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102إِنَّ اللَّهَ أَيْ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102غَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ: لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِقَبُولِ الْمُعْرِضِ إِذَا أَقْبَلَ وَإِبْدَالِ سَيِّئِهِ بِحَسَنٍ فَضْلًا مِنْهُ وَإِكْرَامًا; رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=24سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=654306أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فَابْتَعَثَانِي فَانْتَهَيَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبَنٍ ذَهَبٍ وَلَبَنٍ فِضَّةٍ، فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، قَالَا [لَهُمْ]: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ، فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالَا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالَا: أَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ».