الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ؛ زعم بعض النحويين أن " لئن " ؛ أجيب بجواب " لو " ؛ لأن الماضي-9 وليها كما ولي " لو " ؛ فأجيب بجواب " لو " ؛ ودخلت كل واحدة منها على أختها؛ قال الله - عز وجل -: ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون ؛ فجرت مجرى: " ولو أرسلنا ريحا " ؛ وكذلك قال الأخفش بهذا [ ص: 224 ] القول؛ قال سيبويه؛ وجميع أصحابه: إن معنى " لظلوا من بعده يكفرون " : " ليظلن " ؛ ومعنى " لئن " ؛ غير معنى " لو " ؛ في قول الجماعة؛ وإن كان هؤلاء قالوا: إن الجواب متفق؛ فإنهم لا يدفعون أن معنى " لئن " : ما يستقبل؛ ومعنى " لو " ؛ ماض؛ وحقيقة معنى " لو " ؛ أنها يمتنع بها الشيء لامتناع غيره؛ تقول: " لو أتيتني لأكرمتك " ؛ أي: " لم تأتني؛ فلم أكرمك " ؛ فإنما امتنع إكرامي لامتناع إتيانك؛ ومعنى " إن " ؛ و " لئن " ؛ أنه يقع الشيء فيهما لوقوع غيره في المستقبل؛ تقول: " إن تأتني أكرمك " ؛ فالإكرام يقع بوقوع الإتيان؛ فهذه حقيقة معناهما؛ فأما التأويل فإن أهل الكتاب قد علموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حق؛ وأن صفته ونبوته في كتابهم؛ وهم يحققون العلم بذلك؛ فلا تغني الآيات عند من يجد ما يعرف. وقوله - عز وجل -: وما بعضهم بتابع قبلة بعض ؛ لأن أهل الكتاب تظاهروا على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ واليهود لا تتبع قبلة النصارى؛ ولا النصارى تتبع قبلة اليهود؛ وهم مع ذلك في التظاهر على النبي متفقون. وقوله - عز وجل -: إنك إذا لمن الظالمين ؛ أي: إنك لمنهم إن اتبعت أهواءهم؛ وهذا الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولسائر أمته؛ لأن ما خوطب به من هذا الجنس؛ فقد خوطب به الأمة؛ والدليل على ذلك قوله - عز وجل -: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ؛ أول الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وليس معه لفظ الأمة؛ وآخره دليل أن الخطاب عام. [ ص: 225 ] وقوله - عز وجل -: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ؛ يعني به علماء اليهود.

                                                                                                                                                                                                                                        و " الذين " ؛ رفع بالابتداء؛ وخبر " الذين " : " يعرفونه " ؛ وفي " يعرفونه " ؛ قولان: قال بعضهم: يعرفون أن أمر القبلة وتحول النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبل بيت المقدس إلى البيت الحرام حق؛ كما يعرفون أبناءهم؛ وقيل: معنى " يعرفونه " : يعرفون النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وصحة أمره.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية