الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وأيضا فإن كان الحكم عندكم لغالب الظن فإنه يلزمكم أن تقولوا في nindex.php?page=treesubj&link=592_544_523_448قدح فيه أوقيتان من ماء فوقعت فيه مقدار الصآبة من بول كلب ، إنه لم ينجس من الماء إلا مقدار ما يمكن أن تخالطه تلك النجاسة ، وليس ذلك إلا لمقدارها من الماء فقط ويبقى سائر ماء القدح طاهرا حلالا شربه والوضوء به . وهكذا في nindex.php?page=treesubj&link=537_449_448جب فيه كر ماء وقعت فيه أوقية بول ، فإنه على أصلكم لا ينجس إلا مقدار ما مازجته تلك الأوقية ، وبقي سائر ذلك طاهرا مطهرا حلالا ، نحن موقنون وأنتم أنها لم تمازج عشر الكر ولا عشر عشره ، فإن التزمتم هذا فارقتم جميع مذاهبكم القديمة والحديثة التي هي أفكار سوء مفسدة للدماغ ، فإن رجعتم إلى أن ما قرب من النجاسة ينجس ، لزمكم ذلك كما قد ألزمناكم في النيل والجيحون ، وفي كل ماء جار ، لأنه يتصل بعضه ببعض فينجس جميعه لملاقاته الذي قد تنجس ولا بد - نعم - وفي البحر من نقطة بول تقع في كل ذلك ، فاختاروا ما شئتم فإن قالوا : لسنا على يقين من أن النهر الكبير أو البحر تنجس ، ولا من أن المتوضئ به توضأ بماء خالطته النجاسة منه . قلنا لهم : هذا نفسه موجود في الجب والبئر وفي القلة وفي قدح فيه عشرة أرطال ماء إذا لم يظهر أثر النجاسة في شيء من [ ص: 168 ] ذلك ولا فرق ، ولا يقين في أن كل ماء فيما ذكرنا تنجس ، ولا في أن المتوضئ من ذلك والشارب توضأ بنجس أو شرب نجسا ، ثم حتى لو كان كما ذكروا لما وجب أن يتنجس الماء الطاهر الحلال أو المائع لذلك لمجاورة النجس أو الحرام له ، ما لم يحمل صفات الحرام أو النجس . وبالله تعالى التوفيق .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : رأيت بعض من تكلم في الفقه ويميل إلى النظر يقول : إن كل ماء وقعت فيه نجاسة فلم يظهر لها فيه أثر فسواء كان قليلا أو كثيرا ، الحكم واحد ، وهو أن من توضأ بذلك الماء كله أو شربه حاشا مقدار ما وقع فيه من النجاسة ، فوضوءه جائز وصلاته تامة وشربه حلال ، وكذلك غسله منه ، إذ ليس على يقين من أنه استعمل نجاسة ولا أنه شرب حراما ، فإن استوعب ذلك الماء كله فلا وضوء له ولا طهر وهو عاص في شربه ; لأننا على يقين من أنه استعمل نجاسة وشرب حراما قال : وهكذا القول في البحر فما دونه ولا فرق ، قال : فإن توضأ بذلك الماء اثنان فصاعدا فاستوعباه أو استوعبوه كله بالغسل أو الوضوء أو الشرب فكل واحد منهما أو منهم وضوءه جائز في الظاهر ، وكذلك غسله أو شربه ، إلا أن فيهما أو فيهم من لا وضوء له ولا غسل ، ولا أعرف بعينه ، فلا ألزم أحدا منهم إعادة وضوء ولا إعادة صلاة بالظن .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وقد ناظرت صاحب هذا القول رحمه الله في هذه المسألة ، وألزمته على أصل آخر له كان يذهب إليه ، أن يكون يأمر جميعهم بإعادة الوضوء والصلاة ، لأن كل واحد منهم ليس على يقين من الطهارة وشك في الحدث ، بل على أصلنا وأصل كل مسلم من أن كل واحد منهم على يقين من الحدث وعلى شك من الطهارة ، فالواجب عليه أن يأتي بيقين الطهارة ، وأريته أيضا بطلان القول الأول بما قدمنا من استحالة الأحكام باستحالة الأسماء ، وإن استحالة الأسماء باستحالة الصفات التي منها تقوم الحدود ، وقلت له : فرق بين ما أجزت من هذا وبين nindex.php?page=treesubj&link=26419_454_24093_26890إناءين في أحدهما ماء وفي الآخر عصير بعض الشجر ، وبين بضعتي لحم إحداهما من خنزير والثانية من كبش ، وبين شاتين إحداهما مذكاة والأخرى عقيرة سبع ميتة ، ولا يقدر على الفرق بين شيء من ذلك أصلا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وممن روى عنه هذا القول بمثل قولنا - إن nindex.php?page=treesubj&link=25491_455الماء لا ينجسه شيء - عائشة أم المؤمنين nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين بن علي بن أبي طالب [ ص: 169 ] وميمونة أم المؤمنين nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة بن اليمان رضي الله عن جميعهم ، nindex.php?page=showalam&ids=13705والأسود بن يزيد nindex.php?page=showalam&ids=16349وعبد الرحمن أخوه ، nindex.php?page=showalam&ids=16330وعبد الرحمن بن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=16542وعثمان البتي وغيرهم ، فإن كان التقليد جائزا ، فتقليد من ذكرنا من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أولى من تقليدnindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .