فصل الشرك
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29436الشرك ، فهو نوعان : أكبر وأصغر ، فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه ، وهو أن يتخذ من دون الله ندا ، يحبه كما يحب الله ، وهو الشرك الذي تضمن تسوية آلهة المشركين برب العالمين ، ولهذا قالوا لآلهتهم في النار
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=97تالله إن كنا لفي ضلال مبين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=98إذ نسويكم برب العالمين مع إقرارهم بأن الله وحده خالق كل شيء ، وربه ومليكه ، وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق ، ولا تحيي ولا تميت ، وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم والعبادة كما هو حال أكثر مشركي العالم ، بل كلهم يحبون معبوداتهم ويعظمونها ويوالونها من دون الله ، وكثير منهم - بل أكثرهم - يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله ، ويستبشرون بذكرهم أعظم من استبشارهم إذا ذكر الله وحده ، ويغضبون لمنتقص معبوديهم وآلهتهم - من المشايخ - أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحد رب العالمين ، وإذا انتهكت حرمة من حرمات آلهتهم ومعبوداتهم غضبوا غضب الليث إذا حرد ، وإذا انتهكت حرمات الله لم يغضبوا لها ، بل إذا قام المنتهك لها بإطعامهم شيئا رضوا عنه ، ولم تتنكر له قلوبهم ، وقد شاهدنا هذا نحن وغيرنا منهم جهرة ، وترى أحدهم قد اتخذ ذكر إلهه ومعبوده من دون الله على لسانه ديدنا له إن قام وإن قعد ، وإن عثر وإن مرض وإن استوحش ، فذكر إلهه ومعبوده من دون الله هو الغالب على قلبه ولسانه ، وهو لا ينكر ذلك ، ويزعم أنه باب حاجته إلى الله ، وشفيعه عنده ، ووسيلته إليه .
وهكذا كان عباد الأصنام سواء ، وهذا القدر هو الذي قام بقلوبهم ، وتوارثه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم ، فأولئك كانت آلهتهم من الحجر وغيرهم اتخذوها من
[ ص: 349 ] البشر ، قال الله تعالى ، حاكيا عن أسلاف هؤلاء المشركين
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون ثم شهد عليهم بالكفر والكذب ، وأخبر أنه لا يهديهم فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار .
فهذه حال من اتخذ من دون الله وليا ، يزعم أنه يقربه إلى الله ، وما أعز من يخلص من هذا ؟ بل ما أعز من لا يعادي من أنكره ! .
والذي في قلوب هؤلاء المشركين وسلفهم أن آلهتهم تشفع لهم عند الله ، وهذا عين الشرك ، وقد أنكر الله عليهم ذلك في كتابه وأبطله ، وأخبر أن الشفاعة كلها له ، وأنه لا يشفع عنده أحد إلا لمن أذن الله أن يشفع فيه ، ورضي قوله وعمله ، وهم أهل التوحيد ، الذين لم يتخذوا من دون الله شفعاء ، فإنه سبحانه يأذن لمن شاء في الشفاعة لهم ، حيث لم يتخذهم شفعاء من دونه ، فيكون أسعد الناس بشفاعة من يأذن الله له صاحب التوحيد الذي لم يتخذ شفيعا من دون الله ربه ومولاه .
nindex.php?page=treesubj&link=29690_30379_30380_30381_30382_28705والشفاعة التي أثبتها الله ورسوله هي الشفاعة الصادرة عن إذنه لمن وحده ، والتي نفاها الله هي الشفاعة الشركية ، التي في قلوب المشركين ، المتخذين من دون الله شفعاء ، فيعاملون بنقيض قصدهم من شفعائهم ، ويفوز بها الموحدون .
وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة - وقد سأله من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله ؟ - قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=980251أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه كيف جعل أعظم الأسباب التي تنال بها شفاعته تجريد التوحيد ، عكس ما عند المشركين أن الشفاعة تنال باتخاذهم أولياءهم شفعاء ، وعبادتهم وموالاتهم من دون الله ، فقلب النبي صلى الله عليه وسلم ما في زعمهم الكاذب ، وأخبر أن سبب الشفاعة هو تجريد التوحيد ، فحينئذ يأذن الله للشافع أن يشفع .
ومن جهل المشرك اعتقاده أن من اتخذه وليا أو شفيعا أنه يشفع له ، وينفعه عند الله ، كما يكون خواص الملوك والولاة تنفع شفاعتهم من والاهم ، ولم يعلموا أن
nindex.php?page=treesubj&link=29690الله لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه ، ولا يأذن في الشفاعة إلا لمن رضي قوله وعمله ، كما قال تعالى
[ ص: 350 ] في الفصل الأول
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه وفي الفصل الثاني
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=28ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وبقي فصل ثالث ، وهو أنه لا يرضى من القول والعمل إلا التوحيد ، واتباع الرسول ، وعن هاتين الكلمتين يسأل الأولين والآخرين ، كما قال
أبو العالية : كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون : ماذا كنتم تعبدون ؟ وماذا أجبتم المرسلين ؟ .
فهذه ثلاثة أصول ، تقطع شجرة الشرك من قلب من وعاها وعقلها لا شفاعة إلا بإذنه ، ولا يأذن إلا لمن رضي قوله وعمله ، ولا يرضى من القول والعمل إلا توحيده ، واتباع رسوله ، فالله تعالى لا يغفر شرك العادلين به غيره ، كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1ثم الذين كفروا بربهم يعدلون وأصح القولين أنهم يعدلون به غيره في العبادة والموالاة والمحبة ، كما في الآية الأخرى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=97تالله إن كنا لفي ضلال مبين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=98إذ نسويكم برب العالمين وكما في آية البقرة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله .
وترى المشرك يكذب حاله وعمله قوله ، فإنه يقول : لا نحبهم كحب الله ، ولا نسويهم بالله ، ثم يغضب لهم ولحرماتهم - إذا انتهكت - أعظم مما يغضب لله ، ويستبشر بذكرهم ، ويتبشبش به ، سيما إذا ذكر عنهم ما ليس فيهم من إغاثة اللهفات ، وكشف الكربات ، وقضاء الحاجات ، وأنهم الباب بين الله وبين عباده ، فإنك ترى المشرك يفرح ويسر ويحن قلبه ، وتهيج منه لواعج التعظيم والخضوع لهم والموالاة ، وإذا ذكرت له الله وحده ، وجردت توحيده لحقته وحشة ، وضيق ، وحرج ورماك بنقص الإلهية التي له ، وربما عاداك .
رأينا والله منهم هذا عيانا ، ورمونا بعداوتهم ، وبغوا لنا الغوائل ، والله مخزيهم في الدنيا والآخرة ، ولم تكن حجتهم إلا أن قالوا ، كما قال إخوانهم : عاب آلهتنا ، فقال هؤلاء : تنقصتم مشايخنا ، وأبواب حوائجنا إلى الله ، وهكذا قال
النصارى للنبي صلى الله عليه وسلم ، لما قال لهم : إن
المسيح عبد الله ، قالوا : تنقصت
المسيح وعبته ، وهكذا قال أشباه المشركين لمن منع اتخاذ القبور أوثانا تعبد ، ومساجد تقصد ، وأمر بزيارتها على الوجه الذي أذن الله فيه ورسوله ، قالوا : تنقصت أصحابها .
[ ص: 351 ] فانظر إلى هذا التشابه بين قلوبهم ، حتى كأنهم قد تواصوا به
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=17من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا .
وقد قطع الله تعالى كل الأسباب التي تعلق بها المشركون جميعا ، قطعا يعلم من تأمله وعرفه أن من اتخذ من دون الله وليا ، أو شفيعا ، فهو كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت فقال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له .
فالمشرك إنما يتخذ معبوده لما يعتقد أنه يحصل له به من النفع ، والنفع لا يكون إلا ممن فيه خصلة من هذه الأربع إما مالك لما يريده عباده منه ، فإن لم يكن مالكا كان شريكا للمالك ، فإن لم يكن شريكا له كان معينا له وظهيرا ، فإن لم يكن معينا ولا ظهيرا كان شفيعا عنده .
فنفى سبحانه المراتب الأربع نفيا مترتبا ، متنقلا من الأعلى إلى ما دونه ، فنفى الملك ، والشركة ، والمظاهرة ، والشفاعة ، التي يظنها المشرك ، وأثبت شفاعة لا نصيب فيها لمشرك ، وهي الشفاعة بإذنه .
فكفى بهذه الآية نورا ، وبرهانا ونجاة ، وتجريدا للتوحيد ، وقطعا لأصول الشرك وموداه لمن عقلها ، والقرآن مملوء من أمثالها ونظائرها ، ولكن أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته ، وتضمنه له ، ويظنونه في نوع وفي قوم قد خلوا من قبل ولم يعقبوا وارثا ، وهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن .
ولعمر الله إن كان أولئك قد خلوا ، فقد ورثهم من هو مثلهم ، أو شر منهم ، أو دونهم ، وتناول القرآن لهم كتناوله لأولئك ، ولكن الأمر كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة ، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية .
وهذا لأنه إذا لم يعرف الجاهلية والشرك ، وما عابه القرآن وذمه وقع فيه وأقره ، ودعا إليه وصوبه وحسنه ، وهو لا يعرف أنه هو الذي كان عليه أهل الجاهلية ، أو
[ ص: 352 ] نظيره ، أو شر منه ، أو دونه ، فينقض بذلك عرى الإسلام عن قلبه ، ويعود المعروف منكرا ، والمنكر معروفا ، والبدعة سنة ، والسنة بدعة ، ويكفر الرجل بمحض الإيمان وتجريد التوحيد ، ويبدع بتجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومفارقة الأهواء والبدع ، ومن له بصيرة وقلب حي يرى ذلك عيانا ، والله المستعان .
فَصْلٌ الشِّرْكُ
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29436الشِّرْكُ ، فَهُوَ نَوْعَانِ : أَكْبَرُ وَأَصْغَرُ ، فَالْأَكْبَرُ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ مِنْهُ ، وَهُوَ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا ، يُحِبُّهُ كَمَا يُحِبُّ اللَّهَ ، وَهُوَ الشِّرْكُ الَّذِي تَضَمَّنَ تَسْوِيَةَ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَلِهَذَا قَالُوا لِآلِهَتِهِمْ فِي النَّارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=97تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=98إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ مَعَ إِقْرَارِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ ، وَأَنَّ آلِهَتَهُمْ لَا تَخْلُقُ وَلَا تُرْزَقُ ، وَلَا تُحْيِي وَلَا تُمِيتُ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ التَّسْوِيَةُ فِي الْمَحَبَّةِ وَالتَّعْظِيمِ وَالْعِبَادَةِ كَمَا هُوَ حَالُ أَكْثَرِ مُشْرِكِي الْعَالَمِ ، بَلْ كُلُّهُمْ يُحِبُّونَ مَعْبُودَاتِهِمْ وَيُعَظِّمُونَهَا وَيُوَالُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ - بَلْ أَكْثَرُهُمْ - يُحِبُّونَ آلِهَتَهُمْ أَعْظَمَ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ ، وَيَسْتَبْشِرُونَ بِذِكْرِهِمْ أَعْظَمَ مِنِ اسْتِبْشَارِهِمْ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ ، وَيَغْضَبُونَ لِمُنْتَقِصِ مَعْبُودِيهِمْ وَآلِهَتِهِمْ - مِنَ الْمَشَايِخِ - أَعْظَمَ مِمَّا يَغْضَبُونَ إِذَا انْتَقَصَ أَحَدٌ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، وَإِذَا انْتُهِكَتْ حُرْمَةٌ مِنْ حُرُمَاتِ آلِهَتِهِمْ وَمَعْبُودَاتِهِمْ غَضِبُوا غَضَبَ اللَّيْثِ إِذَا حَرِدَ ، وَإِذَا انْتُهِكَتْ حُرُمَاتُ اللَّهِ لَمْ يَغْضَبُوا لَهَا ، بَلْ إِذَا قَامَ الْمُنْتَهِكُ لَهَا بِإِطْعَامِهِمْ شَيْئًا رَضُوا عَنْهُ ، وَلَمْ تَتَنَكَّرْ لَهُ قُلُوبُهُمْ ، وَقَدْ شَاهَدْنَا هَذَا نَحْنُ وَغَيْرُنَا مِنْهُمْ جَهْرَةً ، وَتَرَى أَحَدَهُمْ قَدِ اتَّخَذَ ذِكْرَ إِلَهِهِ وَمَعْبُودِهِ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِهِ دَيْدَنًا لَهُ إِنْ قَامَ وَإِنْ قَعَدَ ، وَإِنْ عَثَرَ وَإِنْ مَرِضَ وَإِنِ اسْتَوْحَشَ ، فَذِكْرُ إِلَهِهِ وَمَعْبُودِهِ مِنْ دُونِ اللَّهِ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ ، وَهُوَ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ بَابُ حَاجَتِهِ إِلَى اللَّهِ ، وَشَفِيعُهُ عِنْدَهُ ، وَوَسِيلَتُهُ إِلَيْهِ .
وَهَكَذَا كَانَ عُبَّادُ الْأَصْنَامِ سَوَاءً ، وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الَّذِي قَامَ بِقُلُوبِهِمْ ، وَتَوَارَثَهُ الْمُشْرِكُونَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ آلِهَتِهِمْ ، فَأُولَئِكَ كَانَتْ آلِهَتُهُمْ مِنَ الْحَجَرِ وَغَيْرُهُمُ اتَّخَذُوهَا مِنَ
[ ص: 349 ] الْبَشَرِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ، حَاكِيًا عَنْ أَسْلَافِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ وَالْكَذِبِ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَهْدِيهِمْ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ .
فَهَذِهِ حَالُ مَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا ، يَزْعُمُ أَنَّهُ يُقَرِّبُهُ إِلَى اللَّهِ ، وَمَا أَعَزَّ مَنْ يَخْلُصُ مِنْ هَذَا ؟ بَلْ مَا أَعَزَّ مَنْ لَا يُعَادِي مَنْ أَنْكَرَهُ ! .
وَالَّذِي فِي قُلُوبِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَسَلَفِهِمْ أَنَّ آلِهَتَهُمْ تَشْفَعُ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، وَهَذَا عَيْنُ الشِّرْكِ ، وَقَدْ أَنْكَرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ وَأَبْطَلَهُ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ كُلَّهَا لَهُ ، وَأَنَّهُ لَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ أَحَدٌ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ ، وَرَضِيَ قَوْلَهُ وَعَمَلَهُ ، وَهُمْ أَهْلُ التَّوْحِيدِ ، الَّذِينَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَأْذَنُ لِمَنْ شَاءَ فِي الشَّفَاعَةِ لَهُمْ ، حَيْثُ لَمْ يَتَّخِذْهُمْ شُفَعَاءَ مِنْ دُونِهِ ، فَيَكُونُ أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَةِ مَنْ يَأْذَنُ اللَّهُ لَهُ صَاحِبُ التَّوْحِيدِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ شَفِيعًا مِنْ دُونِ اللَّهِ رَبِّهِ وَمَوْلَاهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29690_30379_30380_30381_30382_28705وَالشَّفَاعَةُ الَّتِي أَثْبَتَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ هِيَ الشَّفَاعَةُ الصَّادِرَةُ عَنْ إِذْنِهِ لِمَنْ وَحَّدَهُ ، وَالَّتِي نَفَاهَا اللَّهُ هِيَ الشَّفَاعَةُ الشِّرْكِيَّةُ ، الَّتِي فِي قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ ، الْمُتَّخِذِينَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ ، فَيُعَامَلُونَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِمْ مِنْ شُفَعَائِهِمْ ، وَيَفُوزُ بِهَا الْمُوَحِّدُونَ .
وَتَأَمَّلْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=3لِأَبِي هُرَيْرَةَ - وَقَدْ سَأَلَهُ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ - قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=980251أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ كَيْفَ جَعَلَ أَعْظَمَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُنَالُ بِهَا شَفَاعَتُهُ تَجْرِيدَ التَّوْحِيدِ ، عَكْسَ مَا عِنْدَ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ تُنَالُ بِاتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَهُمْ شُفَعَاءَ ، وَعِبَادَتِهِمْ وَمُوَالَاتِهِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، فَقَلَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي زَعْمِهِمُ الْكَاذِبِ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ سَبَبَ الشَّفَاعَةِ هُوَ تَجْرِيدُ التَّوْحِيدِ ، فَحِينَئِذٍ يَأْذَنُ اللَّهُ لِلشَّافِعِ أَنْ يُشَفَّعَ .
وَمِنْ جَهْلِ الْمُشْرِكِ اعْتِقَادُهُ أَنَّ مَنِ اتَّخَذَهُ وَلِيًّا أَوْ شَفِيعًا أَنَّهُ يَشْفَعُ لَهُ ، وَيَنْفَعُهُ عِنْدَ اللَّهِ ، كَمَا يَكُونُ خَوَاصُّ الْمُلُوكِ وَالْوُلَاةِ تَنْفَعُ شَفَاعَتُهُمْ مَنْ وَالَاهُمْ ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29690اللَّهَ لَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ، وَلَا يَأْذَنُ فِي الشَّفَاعَةِ إِلَّا لِمَنْ رَضِيَ قَوْلَهُ وَعَمَلَهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
[ ص: 350 ] فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=28وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَبَقِيَ فَصْلٌ ثَالِثٌ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ إِلَّا التَّوْحِيدَ ، وَاتِّبَاعَ الرَّسُولِ ، وَعَنْ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ يَسْأَلُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، كَمَا قَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : كَلِمَتَانِ يُسْأَلُ عَنْهُمَا الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ : مَاذَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ؟ وَمَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ؟ .
فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أُصُولٍ ، تَقْطَعُ شَجَرَةَ الشِّرْكِ مِنْ قَلْبِ مَنْ وَعَاهَا وَعَقَلَهَا لَا شَفَاعَةَ إِلَّا بِإِذْنِهِ ، وَلَا يَأْذَنُ إِلَّا لِمَنْ رَضِيَ قَوْلَهُ وَعَمَلَهُ ، وَلَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ إِلَّا تَوْحِيدَهُ ، وَاتِّبَاعَ رَسُولِهِ ، فَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَغْفِرُ شِرْكَ الْعَادِلِينَ بِهِ غَيْرَهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُمْ يَعْدِلُونَ بِهِ غَيْرَهُ فِي الْعِبَادَةِ وَالْمُوَالَاةِ وَالْمَحَبَّةِ ، كَمَا فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=97تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=98إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَكَمَا فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ .
وَتَرَى الْمُشْرِكَ يُكَذِّبُ حَالَهُ وَعَمَلَهُ قَوْلُهُ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ : لَا نُحِبُّهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ، وَلَا نُسَوِّيهِمْ بِاللَّهِ ، ثُمَّ يَغْضَبُ لَهُمْ وَلِحُرُمَاتِهِمْ - إِذَا انْتُهِكَتْ - أَعْظَمَ مِمَّا يَغْضَبُ لِلَّهِ ، وَيَسْتَبْشِرُ بِذِكْرِهِمْ ، وَيَتَبَشْبَشُ بِهِ ، سِيَّمَا إِذَا ذُكِرَ عَنْهُمْ مَا لَيْسَ فِيهِمْ مِنْ إِغَاثَةِ اللَّهَفَاتِ ، وَكَشْفِ الْكُرُبَاتِ ، وَقَضَاءِ الْحَاجَاتِ ، وَأَنَّهُمُ الْبَابُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ ، فَإِنَّكَ تَرَى الْمُشْرِكَ يَفْرَحُ وَيُسَرُّ وَيَحِنُّ قَلْبُهُ ، وَتَهِيجُ مِنْهُ لَوَاعِجُ التَّعْظِيمِ وَالْخُضُوعِ لَهُمْ وَالْمُوَالَاةِ ، وَإِذَا ذَكَرْتَ لَهُ اللَّهَ وَحْدَهُ ، وَجَرَّدْتَ تَوْحِيدَهُ لَحِقَتْهُ وَحْشَةٌ ، وَضِيقٌ ، وَحَرَجٌ وَرَمَاكَ بِنَقْصِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي لَهُ ، وَرُبَّمَا عَادَاكَ .
رَأَيْنَا وَاللَّهِ مِنْهُمْ هَذَا عِيَانًا ، وَرَمَوْنَا بِعَدَاوَتِهِمْ ، وَبَغَوْا لَنَا الْغَوَائِلَ ، وَاللَّهُ مُخْزِيهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَلَمْ تَكُنْ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ، كَمَا قَالَ إِخْوَانُهُمْ : عَابَ آلِهَتَنَا ، فَقَالَ هَؤُلَاءِ : تَنَقَّصْتُمْ مَشَايِخَنَا ، وَأَبْوَابَ حَوَائِجِنَا إِلَى اللَّهِ ، وَهَكَذَا قَالَ
النَّصَارَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمَّا قَالَ لَهُمْ : إِنَّ
الْمَسِيحَ عَبْدُ اللَّهِ ، قَالُوا : تَنَقَّصْتَ
الْمَسِيحَ وَعِبْتَهُ ، وَهَكَذَا قَالَ أَشْبَاهُ الْمُشْرِكِينَ لِمَنْ مَنَعَ اتِّخَاذَ الْقُبُورِ أَوْثَانًا تُعْبَدُ ، وَمَسَاجِدَ تُقْصَدُ ، وَأَمَرَ بِزِيَارَتِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ وَرَسُولُهُ ، قَالُوا : تَنَقَّصْتَ أَصْحَابَهَا .
[ ص: 351 ] فَانْظُرْ إِلَى هَذَا التَّشَابُهِ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ، حَتَّى كَأَنَّهُمْ قَدْ تَوَاصَوْا بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=17مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا .
وَقَدْ قَطَعَ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا الْمُشْرِكُونَ جَمِيعًا ، قَطْعًا يَعْلَمُ مَنْ تَأَمَّلَهُ وَعَرَفَهُ أَنَّ مَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا ، أَوْ شَفِيعًا ، فَهُوَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ فَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ .
فَالْمُشْرِكُ إِنَّمَا يَتَّخِذُ مَعْبُودَهُ لِمَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ مِنَ النَّفْعِ ، وَالنَّفْعُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِمَّنْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ إِمَّا مَالِكٌ لِمَا يُرِيدُهُ عِبَادُهُ مِنْهُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا كَانَ شَرِيكًا لِلْمَالِكِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا لَهُ كَانَ مُعِينًا لَهُ وَظَهِيرًا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعِينًا وَلَا ظَهِيرًا كَانَ شَفِيعًا عِنْدَهُ .
فَنَفَى سُبْحَانَهُ الْمَرَاتِبَ الْأَرْبَعَ نَفْيًا مُتَرَتِّبًا ، مُتَنَقِّلًا مِنَ الْأَعْلَى إِلَى مَا دُونَهُ ، فَنَفَى الْمِلْكَ ، وَالشِّرْكَةَ ، وَالْمُظَاهَرَةَ ، وَالشَّفَاعَةَ ، الَّتِي يَظُنُّهَا الْمُشْرِكُ ، وَأَثْبَتَ شَفَاعَةً لَا نَصِيبَ فِيهَا لِمُشْرِكٍ ، وَهِيَ الشَّفَاعَةُ بِإِذْنِهِ .
فَكَفَى بِهَذِهِ الْآيَةِ نُورًا ، وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً ، وَتَجْرِيدًا لِلتَّوْحِيدِ ، وَقَطْعًا لِأُصُولِ الشِّرْكِ وَمُوَدَّاهُ لِمَنْ عَقَلَهَا ، وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ أَمْثَالِهَا وَنَظَائِرِهَا ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْعُرُونَ بِدُخُولِ الْوَاقِعِ تَحْتَهُ ، وَتَضَمُّنِهِ لَهُ ، وَيَظُنُّونَهُ فِي نَوْعٍ وَفِي قَوْمٍ قَدْ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يُعْقِبُوا وَارِثًا ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَحُولُ بَيْنَ الْقَلْبِ وَبَيْنَ فَهْمِ الْقُرْآنِ .
وَلَعَمْرُ اللَّهِ إِنْ كَانَ أُولَئِكَ قَدْ خَلَوْا ، فَقَدْ وَرِثَهُمْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُمْ ، أَوْ شَرٌّ مِنْهُمْ ، أَوْ دُونَهُمْ ، وَتَنَاوُلُ الْقُرْآنِ لَهُمْ كَتَنَاوُلِهِ لِأُولَئِكَ ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّمَا تُنْقَضُ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً ، إِذَا نَشَأَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْجَاهِلِيَّةَ .
وَهَذَا لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ الْجَاهِلِيَّةَ وَالشِّرْكَ ، وَمَا عَابَهُ الْقُرْآنُ وَذَمَّهُ وَقَعَ فِيهِ وَأَقَرَّهُ ، وَدَعَا إِلَيْهِ وَصَوَّبَهُ وَحَسَّنَهُ ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ ، أَوْ
[ ص: 352 ] نَظِيرُهُ ، أَوْ شَرٌّ مِنْهُ ، أَوْ دُونَهُ ، فَيَنْقُضُ بِذَلِكَ عُرَى الْإِسْلَامِ عَنْ قَلْبِهِ ، وَيَعُودُ الْمَعْرُوفُ مُنْكَرًا ، وَالْمُنْكَرُ مَعْرُوفًا ، وَالْبِدْعَةُ سُنَّةً ، وَالسُّنَّةُ بِدْعَةً ، وَيَكْفُرُ الرَّجُلُ بِمَحْضِ الْإِيمَانِ وَتَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ ، وَيُبَدَّعُ بِتَجْرِيدِ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُفَارَقَةِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ ، وَمَنْ لَهُ بَصِيرَةٌ وَقَلْبٌ حَيٌّ يَرَى ذَلِكَ عِيَانًا ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .