الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون

                                                                                                                                                                                                                                      ومنهم من ينظر إليك ويعاين دلائل نبوتك الواضحة أفأنت أي: أعقيب ذلك أنت تهديهم، وإنما قيل: تهدي العمي تربية لإنكار هدايتهم وإبرازا لوقوعها في معرض الاستحالة وقد أكد ذلك، حيث قيل: ولو كانوا لا يبصرون أي: ولو انضم إلى عدم البصر عدم البصيرة، فإن المقصود من الإبصار الاعتبار والاستبصار، والعمدة في ذلك هي البصيرة ولذلك يحدس الأعمى المستبصر ويتفطن لما لا يدركه البصير الأحمق، فحيث اجتمع فيهم الحمق والعمى فقد انسد عليهم باب الهدى، وجواب (لو) في الجملتين محذوف؛ لدلالة قوله تعالى: "تسمع الصم "، و" تهدي العمي "عليه وكل منهما معطوفة على [ ص: 149 ] جملة مقدرة مقابلة لها في الفحوى، كلتاهما في موضع الحال من مفعول الفعل السابق، أي: أفأنت تسمع الصم لو كانوا يعقلون ولو كانوا لا يعقلون، أفأنت تهدي العمي لو كانوا يبصرون ولو كانوا لا يبصرون، أي: على كل حال مفروض، وقد حذفت الأولى في الباب حذفا مطردا لدلالة الثانية عليها دلالة واضحة، فإن الشيء إذا تحقق عند تحقق المانع أو المانع القوي فلأن يتحقق عند عدمه أو عند تحقق المانع الضعيف أولى، وعلى هذه النكتة يدور ما في "لو" و"إن" الوصليتين من التأكيد، وقد مر الكلام في قوله تعالى: ولو كره الكافرون ونظائره مرارا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية